عدد الابيات : 64
طباعةإِنِّي سَأَلْتُكِ فَاصْطَفِي مِنِّي الْمَدَى
مَا بَيْنَ صَمْتِي أَوْ صَهِيلِ قَرَارِي
مَا بَيْنَ مَوْتٍ فِي ضُلُوعِي نَاعِسٍ
أَوْ فَوْقَ أَعْوَادِ الْقَصِيدِ النَّارِي
اخْتَارِي الْحُبَّ الْمُضَرَّجَ فِي دَمِي
أَوْ لِاخْتِيَارِ الْحُبِّ، خَيْرُ فَرَارِي
مَا أَجْبَنَ النَّفْسَ الَّتِي لَمْ تَهْتَدِ
طُرْقَ الْقُلُوبِ... وَلَا دَرَتْ مَسَارِي
لَا مَنْجَ مِنْ حَدِّ الْخِيَارِ، فَإِنَّهُ
مَا بَيْنَ حَتْفٍ أَوْ هُبُوبِ شَرَارِي
مَا بَيْنَ نَارِ الْعَاشِقِينَ وَجَنَّةٍ
تَتَدَلَّى مِنْ أَنَامِلِ الْأَسْحَارِ
فَابْعَثِي أَوْرَاقَ رُوحِكِ كُلَّهَا
إِذْ لَا يُدَارَى الْبَوْحُ بِالْإِنْكَارِ
قُولِي، وَهَاجِي، وَانْفَجِرِي، لَا تَهْمَدِي
كَالصَّخْرِ، أَوْ كَالْوَتَرِ الْمِكْسَارِي
لَا أَسْتَطِيعُ الْعَيْشَ مِثْلَ قُصَاصَةٍ
تَغْفُو عَلَى سَقْفِ الشِّتَاءِ الْعَارِي
اخْتَرْتُ لَكِ دَرْبَ الْمَنَايَا فَانْظُرِي
فِي أَيِّهَا تَخْتَارِينَ نَارَ دِثَارِي
مُتْعَبَةٌ أَنْتِ، مُخَضَّبَةُ الْخُطَى
وَالدَّرْبُ بَيْنِي بَيْنَكِ فِي الْإِعْسَارِ
غُوصِي عَمِيقًا فِي ظَلَامِ مَشَاعِرِي
أَوْ فَارِقِينِي، لَا رُكُونَ بِدَارِي
مَا مِنْ هَوًى مِنْ غَيْرِ طُوفَانِ الْأَسَى
مَا مِنْ هُدُوءٍ دُونَ صَخَبِ بِحَارِي
فَالْحُبُّ سَيْفٌ لَا يُغْمَدُ إِنْ جَرَى
ضِدَّ الرِّيَاحِ، كَمَوْكِبِ الْأَحْرَارِ
هُوَ وَقْفَةُ الصُّلْبَانِ فِي أَعْمَاقِنَا
هُوَ خِنْجَرٌ مَسْنُونُ فِي الْأَسْحَارِ
هُوَ دَمْعُنَا، هُوَ ذَاهِبٌ لَا عَائِدٌ
مَا بَيْنَ أَفْلَاكِ الْهَوَى السُّمَّارِي
مَا أَقْسَى خَوْفَكِ، يَا ظِلَالَ مُتَارِسِي
يَا مَنْ تُرَاوِغُ خَلْفَ كُلِّ سِتَارِ
لَا أُؤْمِنُ الْحُبَّ الضَّعِيفَ، فَإِنَّهُ
كَالطَّيْفِ لَا يَطْوِي مَدَى أَفْكَارِي
لَا يُشْعِلُ الْأَعْطَافَ فِي جَنَبَاتِهَا
لَا يَكْسِرُ الْأَبْوَابَ فِي الْأَسْوَارِ
لَيْتَ الْهَوَى فِي حُبِّكِ الْعَاصِي غَدَا
نَارًا تُجَرِّدُنِي مِنَ الْأَوْتَارِ
إِنِّي مَنَحْتُكِ مُهْجَتِي فَاخْتَارِي
مَا بَيْنَ مَوْتِي أَوْ لَهِيبِ قَرَارِي
مَا بَيْنَ أَنْفَاسِي رَهِينَ لَوَاعِجٍ
أَوْ فِي صَحَائِفِ نَازِفِ الْأَشْعَارِ
فَامْضِي إِلَى الْحُبِّ الصَّرِيحِ، وَذُوقِهِ
أَوْ خَافِقِي سَيَظَلُّ فِي إِصْرَارِي
هَذِي التَّرَدُّدُ ذِلَّةٌ مَوْرُوثَةٌ
جُبْنُ الْفُؤَادِ، وَمَوْطِنُ الْأَوْزَارِ
لَا تَنْزَوِي بَيْنَ التُّخُومِ، فَبَيْنَنَا
فَصْلٌ كَفَصْلِ الْعَاشِقِ الْمِغْوَارِ
مَا بَيْنَ جَنَّتِنَا الْمُضِيئَةِ، أَوْ لَظَى
تَغْلِي بِهِ الْجَوْزَاءُ فِي إِصْرَارِ
فَابْذُرِي أَسْرَارَكِ الْجَوْفَاءَ دَفْعَةً
فَالصَّمْتُ طَعْنٌ، وَالْبُكَى إِجْهَارِ
قُولِي، تَكَلَّمِي، انْفَجِرِي، تَحَرَّقِي
لَا تَقْفِزِي كَالصَّخْرِ فَوْقَ نَارِ
لَا أَبْقَ مَنْسُوجَ النَّدَى، كَقُشَّةٍ
تَهْتَزُّ تَحْتَ سَوَافِنِ الْأَمْطَارِ
حَدِّدِي قَدْرِي، وَكُونِي قَاطِعَةً
فَالشَّكُّ سَهْمٌ مَائِلُ الْمِحْرَارِ
أَرْنُو إِلَيْكِ، وَأَنْتِ تَخْطِينَ الْهَوَى
خَطْوًا بَطِيئًا، كَالْحُطَامِ السَّارِي
إِمَّا الْغَوَرْقُ، أَوِ التَّوَلِّي فَارْحَلِي
فَالْبَحْرُ لَا يُهْدَى بِلَا دَوَّارِ
الْحُبُّ طُوفَانُ الْأَسِنَّةِ وَالرَّدَى
لَا يَسْتَقِيمُ بِفَرْحَةِ الزُّهَّارِ
هُوَ وَقْفَةُ الشُّجْعَانِ فِي زَمَنِ الْوَغَى
هُوَ نَازِفٌ، كَالسَّهْمِ فِي الْأَوْتَارِ
هُوَ خِنْجَرٌ مَسْلُولُهُ فِي غَمْرَةٍ
يَبْكِي الْحَبِيبَ عَلَى سُهَادِ نَهَارِ
وَهُوَ الرَّحِيلُ، إِذَا الْتَوَى دَرْبُ الْهَوَى
نَحْوَ الْبَعِيدِ بِأَدْمُعِ الْأَسْفَارِ
أَمْقُتُ انْزِوَاءَكِ خَلْفَ وَهْمٍ زَائِفٍ
تُلْهِينَ مِثْلَ الشَّبَحِ فِي سِتَّارِ
مَا الْحُبُّ إِنْ لَمْ تُشْعِلِيهِ كَالثَّرَى
ثَوْرًا يُعَانِقُ نَزَقَ الْأَحْرَارِ
مَا الْحُبُّ إِنْ لَمْ يُشْهِرِ السَّيْفَ الَّذِي
يَقْتَادُ كُلَّ مُتَارِسِ الْأَسْوَارِ
آهِ، إِذَا حُبُّكِ اجْتَاحَ فُؤَادِي
خَلَعَ السَّكِينَةَ مِثْلَ إِعْصَارِ
إِنِّي اصْطَفَيْتُكِ فَاخْتَبِرِي قِرْطَاسِي
أَوْ نَامِي فَوْقَ ضُلُوعِ إِعْصَارِي
مَا بَيْنَ صَدْرِي وَالْجِرَاحِ قَصِيدَةٌ
تُتْلَى عَلَى وَتَرِ الْمَدَى الْبَكَّارِ
لَا مِنْ فُسَيْحَةٍ تُجِيزُ حِيَادَنَا
مَا بَيْنَ حُسْنِ الْفَرْدِ وَالنُّكَّارِ
كُونِي يَقِينًا لَا ارْتِيَابَ يُخْزِنِي
فَالْحُبُّ نَارٌ أَوْ جُمُودُ حِصَارِ
إِنِّي مَنَحْتُكِ مَا يَكْفِي لِتَخْتَارِي
فَامْضِي، كُونِي مَوْتِي، أَوْ بَعْضَ أَسْفَارِي
إِمَّا عَلَى صَدْرِي الْمَكْسُورِ تَهْمِسِينَ
أَوْ تُقَيِّدِي الْقَلْبَ فِي سِجْنِ أَشْعَارِي
لَا تَحْتَارِي بَيْنَ حَرِيقَيْنِ، بَلِ امْضِي
مَا عَادَ فِي صَبْرِي خَيْطٌ مِنْ إِنْذَارِي
اخْتَارِي عِشْقًا كَاسِرًا مُتَوَحِّشًا
أَوْ جَفْوَةً تَنْمُو بِأَطْرَافِ أَنْوَارِي
الْجُبْنُ أَنْ تَهْرُبِي مِنْ شَهْوَةٍ
فَالدَّهْشَةُ الْكُبْرَى تُولَدُ مِنْ نَارِ
مَا بَيْنَ حُبٍّ كَامِلٍ أَوْ مَوْتِهِ
لَا فُسْحَةً تُجْدِيكِ فِي نِصْفِ الْمَسَارِ
إِكْشِفِي عَنْ صَدْرِكِ الْمَسْتُورِ، وَاغْتَسِلِي
بِالْعِشْقِ، أَوْ مُوتِي بِسَيْفِ اعْتِذَارِي
لَا تَبْقِي لِلشَّكِّ أَبْوَابًا مُوَارَبَةً
بُوحِي... وَكُونِي مِثْلَ نَفْضِي... كَالثُّوَّارِ
صَرِّحِي... ثُورِي... لَا تَخْشَيْ انْدِفَاعَكِ
فَالْخَوْفُ لَا يُشْبِهُ النِّسَاءَ الْأَحْرَارِ
لَا تَقِفِي صَخْرًا مِنَ الصَّمْتِ الْبَلِيدِ
كَالْمِسْمَارِ عَلَى حَائِطِ الْإِصْرَارِ
أَنَا لَا أَهْوَى دَوْرَ الضَّحِيَّةِ دَائِمًا
وَلَا أَعِيشُ هَشًّا كَقُشَّةِ أَمْطَارِ
إِنَّ الْحَيَاةَ خِيَارَانِ فِي كَفَّيْكِ
فَارْحَلِي... أَوْ سِيرِي بِنَبْضِي النَّارِي
كَمْ قَدَرِيَ الْعَارِي عَلَى شَفَةِ الْجُنُونِ
وَكَمْ اخْتَنَقْنَا فِي رَغِيفِ اخْتِيَارِي
أَعْرِفُ أَنَّكِ مَوْجَةٌ مَذْعُورَةٌ
تَخْشَى مِنَ الْمَجْهُولِ، مِنْ طُولِ الْمَسَارِي
لَكِنَّنِي الْمَوْجُ الَّذِي لَا يَنْثَنِي
فَإِمَّا الْغَرَقُ... أَوْ قِمَّةُ الْإِبْحَارِ
لَا بَحْرَ دُونَ دَوَّارِ الْوَجْدِ... فَاخْتَارِي
أَنْ تَسْبَحِي نَحْوِي... أَوْ صَوْبَ انْكِسَارِي
الْحُبُّ حَرْبٌ، لَا وِسَادَةٌ وَادِعَةٌ
وَالْعَاشِقُونَ... قَنَادِيلُ عَلَى نَارِ
حُبِّي صَلِيبٌ مِنْ وَجِيبٍ وَجَمْرَةٍ
وَحَزِينَةٌ أُنْشُودَةُ الْأَسْفَارِ
يَا مَنْ تَلُوذِينَ بِظِلِّ خَيَالِكِ
تُمَثِّلِينَ عَلَى مَسْرَحِ الْأَسْرَارِ
لَنْ أُؤْمِنَ الْحُبَّ الَّذِي لَا يَنْتَشِي
بِجُنُونِ ثَائِرٍ... وَنَبْضِ قَرَارِي
663
قصيدة