سَارَةُ…
يَا خِنْجَراً مِنْ لَهْفَةٍ بَيْضَاءَ غَادَرَنِي
وَغَابَ عَنِّي وَمَا اسْتَأْذَنَ الرَّحِيلَا
يَا آخِرَ الأنْفَاسِ فِي صَدْرِي
وَآخِرَ مَا تَبَقَّى مِنْ رُؤَى الأَمَلِ
هَلْ كُنْتِ تُدْرِكِينَ حِينَ رَحَلْتِ
أَنَّكِ سِرُّ مَوْتِي؟
وَأَنَّكِ كُنْتِ أَبْهَى مَا احْتَمَلْتُ
وَأَنَّ بَعْدَكِ مَا احْتَمَلْتُ، وَمَا احْتَمَلَ؟
يَا زَهْرَةً
مَا زَالَ فِي أَوْرِدَتِي عَبَقُ اشْتِيَاقِكِ
يُنْبِتُ الأَشْوَاكَ، وَالْوَجَعَا
يَا ظِلَّ قَلْبٍ
كُلَّمَا مَرَّتْ بِهِ الذِّكْرَى
تَعَثَّرَ فِيكِ، وَانْخَلَعَا
أَبْكِيكِ؟
مَا أَبْكَيْتُ إِلَّا مُهْجَتِي
وَأَبْكَيْتُ وَجْهِي، وَالْمَلَامِحَ، وَالنَّدَى
وَأَظَلُّ أَضْحَكُ مِثْلَ طِفْلٍ
يَجْهَلُ الدُّنْيَا، وَيُخْفِي مَوْتَهُ
خَلْفَ الْمَدَى…
جَفَّتْ عَلَى شُرُفَاتِكِ السُّحُبُ
وَاسْتَوْطَنَ الْجُرْحُ أُغْنِيَاتِي
كُلُّ الْقَصَائِدِ بَعْدَ عَيْنَيْكِ هَرِمَتْ
وَكُلُّ الْمَرَايَا كَسَرَتْ مِرْآتِي
سَقَطْتُ…
وَكُنْتِ تُدْرِكِينَ سُقُوطَتِي
وَتَرَكْتِنِي
وَحْدِي أُضَمِّدُ فِي الْعَرَاءِ نِدَاءَاتِي
وَفِي عُيُونِي أَلْفُ طَعْنَةٍ
وَالْحُبُّ قَيْدٌ
قَدْ نَسَجْتُ بِهِ حَمَاقَاتِي
لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ بِمَا تَحَمَّلْتُهُ
لَبَكَيْتِ، لَا مِنْ أَجْلِ حُبِّي
بَلْ عَلَى ذَاتِي
أَنَا لَا أُعَاتِبُ مَنْ جَفَانِي عَامِدًا
لَكِنَّنِي
أَبْكِيكِ أَنْتِ… لِأَنَّنِي
أَحْبَبْتُ فِيكِ سُهَادَ أَوْقَاتِي
يَا لَيْلَ أَيَّامِي
وَيَا مَوْتِي عَلَى بَابِ الْحَيَاةْ
سَلَبْتِنِي حُلْمًا
كُنْتُ أَكْتُبُهُ عَلَى وَتَرِ النَّجَاةْ
ثُمَّ ارْتَحَلْتِ
كَأَنَّ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ
وَتَرَكْتِ قَلْبِي فِي الْعَرَاءِ
بِلَا صَلَاةْ
قُولِي لَهُمْ
إِنِّي أَحْبَبْتُ الَّتِي كَانَتْ
سَحَابَةَ عِطْرٍ
وَامْرَأَةً مِنْ ضَوْءِ ذَاكِرَةٍ
وَمِنْ نَدَمٍ وَمِنْ لَهَفَاتْ
إِنِّي بَكَيْتُ كَطِفْلٍ عَاشِقٍ
قَدْ ضَاعَ فِي عَيْنَيْ حَبِيبَتِهِ
النَّجَاةْ
إِنَّ الْقَصِيدَةَ مَا انْتَهَتْ
وَأَنَّنِي
مَا زِلْتُ أَكْتُبُكِ…
بِلَا كَلِمَاتْ.
926
قصيدة