عدد الابيات : 18
يَا مَنْ تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِ الْعِشْقِ وَرَقِيِّهِ
فَهُوَ عِزَّةُ الْقَلْبِ فِي الْحُبِّ مُتَطَلِّعُ
لَا يَخْشَى الْوَصْلَ مَنْ سَقَى الرُّوحَ عِشْقًا
كَمْ نَجْمٍ بَيْنَ السَّمَاءِ لَيْلَهُ مُتَأَلِّعُ
فَالْقَلْبُ إِنْ قَسَا فِيهِ صَبْرٌ يَسْتَنِيرُ
وَيَزْهُو كَمَا يُزْهِرُ الْبَدْرُ الْمُتَجَلِّعُ
قَالُوا جَفَاكَ، فَهَلْ تَهْوَى لَهُ مَطْلَعُ؟
أَمْ أَنْتَ فِي لَيْلِهِ الضَّائِعِ تَرْتَفِعُ؟
قُلْتُ: الْمُحِبُّ وَإِنْ أَغْفَى عَلَى أَلَمٍ
فَإِنَّهُ بِدُمُوعِ الشَّوْقِ يَمْتَصِعُ
هَلْ يَفْصِمُ الْعَهْدَ قَلْبٌ كَانَ يُشْعِلُنِي؟
كَمْ رِقَّةٍ فِيهِ، بَلْ كَمْ بِالْهَوَى طَبَعُ
مَا زِلْتُ أُؤْمِنُ أَنَّ الشَّوْقَ يَجْمَعُنَا
وَإِنْ بَعُدْنَا، فَبَعْضُ الْوَصْلِ مُقْتَنَعُ
إِنِّي لَأَحْفَظُ مَا لَمْ يَكْتُبُوا خَجَلًا
فَالصَّمْتُ إِنْ طَالَ، فِي أَسْرَارِهِ الْوَضْعُ
يَخْنُقُنِي ذِكْرُهُ وَالْقَلْبُ مُنْدَفِعٌ
كَالسَّيْلِ إِنْ جَاءَ مِنْ أَحْزَانِهِ يَنْدَعُ
مَا لِي أُعَاتِبُ صَخْرًا لَا يَلِينُ لَنَا
وَأَزْرَعُ الْعُذْرَ فِي أَرْضٍ بِهَا الْمَنَعُ
كَمْ مِنْ وُعُودٍ دَفَنْتُ الْحُزْنَ دَاخِلَهَا
حَتَّى تَنَامَ جِرَاحُ الْقَلْبِ أَوْ تَخْشَعُ
وَظَلَّ يَرْجُو فُتَاتَ الْوَصْلِ مُضْطَرِبًا
كَأَنَّ فِي كُلِّ سَطْرٍ وَعْدُهُ خَدَعُ
قُلْتُ: الْهَوَى طُهْرُهُ أَنْ لَا نُكَابِدَهُ
وَأَنْ نُحِبَّ وَفِي أَعْمَاقِنَا وَجَعُ
فَإِنْ غَفَوْنَا عَلَى الْأَشْوَاقِ نَرْفُضُهَا
فَالشَّوْقُ يَخْدَعُنَا وَالذِّكْرُ مُرْتَجَعُ
مَنْ كَانَ يُرْضِيهِ دَمْعِي حِينَ أَذْكُرُهُ؟
فَلْيَسْقِهِ الْحُزْنُ، إِنْ كَانَ الْهَوَى مَتَعُ
فَامْضِ فِي الدُّرُوبِ مَرْفُوعَ الْهَامَةِ، فَخْرٌ
وَخُذِ الْحُبَّ سَيْفًا بَيْنَ يَدَيْكَ يُتَسَلَّعُ
فَالْعِشْقُ عِزَّةٌ، وَالشَّوْقُ لَهُ تَرْتِيلًا
يُنْشِدُ الْحُبَّ لَيْلًا فِي الْقَلْبِ مُتَوَشِّعُ
وَلْتَعْلَمْ أَنَّ الْفَجْرَ بَعْدَ ظَلْمَاءِ الْهَجْرِ
يَطُلُّ، وَالرُّوحُ مِنْ عَذَابَاتِهَا تَتَبَدَعُ
957
قصيدة