عدد الابيات : 30
بِلَادِي هَوَاهَا فِي الْفُؤَادِ شُمُوخُهَا
كَعِزِّ جِبَالٍ شَامِخَاتٍ شَوَاسِعُ
وَفِيهَا تَرَى الْمَجْدَ الْعَرِيقَ يُرَفْرِفُ
عَلَى رَاحَتَيْهَا، كُلَّ قَلْبٍ يُنَازِعُ
وَمِنْهَا تَعَلَّمْنَا الْوَفَاءَ وَعِزَّةً مَجْدَنَا
إِذَا ضَاقَ صَدْرُ الْحُزْنِ، كَانَتْ مَرَابِعُ
فَيَا أَرْضَ أَجْدَادِي، بِحُبِّكِ أَرْتَوِي
وَفِيكِ تُرَابٌ لَا يُبَاعُ لِشَرٍّ وَطَامِعُ
لَقَدْ عِشْتُ فِي أَحْضَانِكِ الْحُبَّ كُلَّهُ
وَعِشْتُ عَلَى آمَالِكِ مِثْلَ صَانِعُ
تَجُودِينَ بِالْمَاءِ الزُّلَالِ وَعِطْرِهِ
وَأَنْتِ كَقَطْرِ السَّحْبِ حِينَ الْفَوَاجِعُ
أَيَا أَرْضُ، قَدْ زَانَكِ نُورٌ وَمَسْكَةٌ
وَكُلُّ الَّذِي سَافَرَ إِلَيْكِ رَاجِعُ
وَفِيكِ اسْتَقَرَّ الْقَلْبُ رَغْمَ تَعَبِهِ
وَرَغْمَ اللَّيَالِي حِينَ جَاءَتْ كَوَاسِعُ
حَمَلْتُ الْهَوَى عَنْكِ، فَصَارَ جِهَادُنَا
سُيُوفًا مَضَتْ تَدْفَعُ عَنَّا الطَّلَائِعُ
وَيَا مَوْطِنِي، أَنْتَ الْحَبِيبُ بِمُهْجَةٍ
رَغْمَ الْأَعْدَاءِ، رَغْمَ فَجْرٍ يُصَارِعُ
وَفِيكِ أَرَى التَّارِيخَ نَبْضًا حَافِلًا
بِكُلِّ الْقُلُوبِ، وَالْجَبِينِ الْمَرَاجِعُ
هُنَا السَّنْدِيَانُ فِي الرُّبُوعِ أَمَانُنَا
وَفِي ظِلِّهِ كُلُّ النُّفُوسِ مَرَابِعُ
بِلَادِي الَّتِي طَافَتْ بِهَا الرِّيحُ فَخْرًا
فَكَانَ هَوَاؤُكِ مَسْكَنًا وَمَصَانِعُ
وَيَا أَرْضُ، حُبُّكِ مِثْلَ نُورِ السَّمَاءِ
نَرَى فِيهِ كُلَّ الْجَمَالِ سُرَاجِعُ
لَقَدْ عَشِقَتْنَا الْأَرْضُ حِينَ عَلَوْنَا
عَلَى كُلِّ طَوْدٍ فِي الْبَعِيدِ نُدَافِعُ
فَمَا عَاشَ مَنْ يُنْكِرُ هَوَاكَ وَطِيبَهُ
وَمَا دَامَ قَلْبٌ لَا يَرَى فِيكِ طَائِعُ
وَفِيكِ تُعَانِقُ الشَّمْسُ أَرْضًا نَقِيَّةً
وَيَضْحَكُ زَرْعٌ حِينَ يَنْمُو الْمَطَامِعُ
وَكُلُّ الْغُيُومِ حِينَ مَرَّتْ بِدِيَارِنَا
تَسَاقَطَ مِنْهَا الْوُدُّ، مِثْلَ الْيَرَانِعُ
إِذَا ضَاقَ صَدْرِي فِي دِيَارٍ غَرِيبَةٍ
وَجَدْتُ هَوَاكِ الزَّاهِرَ لَا يَتَوَزَّعُ
وَإِنْ سَافَرَ الْمَرْءُ يَوْمًا فَلَنْ يَنْسَى
تُرَابَكِ مَهْمَا طَالَتِ السُّبُلُ الرَّافِعُ
فَهَذِي الْبِلَادُ فِي الْفُؤَادِ تَظَلُّ بَدَا
هِيَ وَلَاءً، وَقَلْبًا، وَحُبًّا مُسَارِعُ
وَيَا مَوْطِنِي، يَا حُبَّ قَلْبِي وَشَوْقَهُ
إِلَيْكَ يَفِيضُ الشَّوْقُ كُلَّ الصَّنَائِعُ
وَفِيكِ سَكَنَّ الْمَجْدَ أَجْيَالُنَا الْأُولَى
فَكَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْعَزَائِمِ شَاسِعُ
وَهَذَا الْحَنِينُ لَا يُفَارِقُ قَلْبَنَا
فَأَنْتَ الْحَبِيبُ رَغْمَ كُلِّ الْمَضَايِعُ
فَيَا أَرْضَ أَجْدَادِي، سَتَبْقَى لَنَا أَبَدًا
بِلَادًا تَفِيضُ بِهَا الْأَرْوَاحُ فَاجِعُ
هَوَاكِ دِمَائِي فِي الْعُرُوقِ جَرَتْ، فَلَا
أَرَى غَيْرَ أَرْضِكِ فِي الدُّنَا كُلَّ رَائِعُ
وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الدِّيَارَ عَاشَ بِخُلْدِهَا
وَلَا زَالَ عِشْقٌ فِي الدِّمَاءِ صَانِعُ
سَلَامٌ عَلَيْكِ، يَا بِلَادِي وَمَوْطِنِي
وَكُلُّ الْقُلُوبِ نَحْوَكِ آيِبٌ صَادِعُ
تَظَلِّينَ نُورًا فِي الْحَيَاةِ وَعِزَّةً
وَفِيكِ يَعِيشُ الْمَجْدُ رَغْمَ الْمَقَاطِعُ
سَتَبْقَى بِلَادِي مَلْجَأً لِكُلِّ عَاشِقٍ
وَكُلُّ الْقُلُوبِ نَحْوَكِ عِشْقُ الطَّوَالِعُ
957
قصيدة