عدد الابيات : 25
أَلَا أَيُّهَا الْمُشْتَاقُ صَبْرًا لِذِي الْحِجَا
فَمِنْ مَكْرِهَا جَرَحَ الْقَلْبَ جَارِيَا
تَبُثُّ السُّمُومَ فِي بُيُوتِ كَرَامَةٍ
وَتَنْفِي الْوَفَاءَ وَالْوِدَادَ مَرَائِيَا
إِذَا جِئْتَهَا بِالْحُبِّ قَالَتْ تَظَاهُرًا
لَقَدْ جَاءَكُمْ بِالزُّورِ زُورًا خَيَالِيَا
تَضِيقُ النُّفُوسُ وَتَهْمِسُ هَمْزَهَا
كَأَنَّ الرِّيَاحَ فِي الْغُصُونِ تَلَاقِيَا
تُرَاكِبُ فِي الْإِثْمِ الْقُلُوبَ بِخُبْثِهَا
وَتَزْرَعُ فِي الصَّدْرِ الْعِدَاءَ قَوَافِيَا
تُعَادِي الْقَرِيبَ دُونَ ذَنْبٍ أَقَامَهُ
وَتَنْفِي عَنِ الْأَرْوَاحِ حُبًّا نَاقِيَّا
تَرَاهَا بِمَكْرٍ خَلْفَ زَوْجٍ مَكِيدَةً
تَكَادُ تَغِيبُ الشَّمْسُ مِنْهَا تَنَاجِيَا
تَقُولُ بِأَنِّي خَالِصَةٌ لِعَشِيرَةٍ
وَلَا أَرْغَبُ فِي غَيْرِهَا طَرْفَ ثَانِيَا
وَتَنْسَى بِأَنَّ النُّبْلَ أَصْلُ مَنَابِتٍ
تَظَلُّ بِهَا الْأَخْلَاقُ ظِلًّا حَسَانِيَا
إِذَا أَتَى مِنْ خَدَمِهَا صَوْتُ وِشَايَةٍ
تَشَابَكَتِ الْأَحْقَادُ صَوْتًا شَقَائِيَا
فَيَا لَيْتَ عَقْلًا كَانَ يَحْكُمُ قَوْلَهَا
وَلَكِنَّهَا قَدْ بَاتَتْ نَفْسًا خَوَائِيَا
فَمَنْ يَسْأَلُ الْأَلْبَابَ عَنْ سِرِّ حِقْدِهَا
يُجِيبُهُ قَلْبٌ دَامِيًا حَاقِدًا يُرَائِيَا
زَرَعَتْ عَلَى الْأَشْجَارِ شَوْكًا بِخُبْثِهَا
وَجَاءَتْ بِمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ بَاغِيَا
أَلَا لَيْتَ مَا بَيْنَ الْأَنَامِ وَمَا لَهَا
يُقَصُّ، فَلَا يَأْتِي بُغْضُهَا تَوَالِيَّا
إِذَا مَا أَتَى الْقَوْمَ الْعَطَاءُ بِنُورِهِمْ
تَكَشَّفَ وَجْهٌ بِالْغِضَابِ تَمَوْحِيَا
تَرَى أَهْلَ زَوْجٍ كَالصُّخُورِ ثِقَالَةً
فَلَا يُبْصِرُ الْحُبُّ الْعُيُونَ تَجَافِيَّا
تُرَاوِغُ قُرْبًا ثُمَّ تَنْقَلِبُ الْحَشَا
بِأَلْسُنِ لُؤْمٍ تُشْعِلُ الْحِقْدَ خَافِيَا
كَأَنَّ سُيُوفَ الْكُرْهِ فِي قَلْبِ صَدْرِهَا
تُطَارِدُ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْقَلْبَ دَاعِيَا
إِذَا ذُكِرَ الْأَقْوَامُ فِي مَجْلِسِ الْهَوَى
تُغَمْغِمُ بُعْدًا، مُنْذِرًا وَفِرَاقِيَا
فَإِنْ قَامَ قَوْمٌ بِالْحَنَانِ بِعَاطِفٍ
أَبَتْهُم كَبُعْدِ السُّحْبِ عَنْ شَرْقِ غَالِيَا
وَفِي كُلِّ لَحْظٍ مِنْ كَرَاهِيَةِ الْعِدَا
تَسِيرُ كَذِئْبٍ يَرْسُمُ الشَّكَّ فَاضِيَا
تَقُولُ الْعُيُونُ: "إِنَّنِي خَافِيَةُ النَّوَى"
وَلَا تُخْفِي إِلَّا قَلْبَهَا الْحَاقِدَ الْبَاغِيَا
وَلَكِنَّ الزَّمَانَ عَلَى حَالِهِ يَدُورُ
وَيَأْتِي بِمَنْ يَكْشِفُ الْحَقَّ جَالِيَّا
فَلَا تَغْلِبَنَّ مَا زَرَعْتِ مِنْ خَدِيعَةٍ
سَيُرْعَى الْوَفَاءُ، وَالزَّيْفُ يُطْوَى بَاغِيَّا
تَظَلُّ قُلُوبُ النَّاسِ تَضْوِي بِنُورِهَا
وَتَبْقَى الْكَرَامَةُ فِي الْوَرَى نَاهِجِيَّا
1161
قصيدة