عدد الابيات : 79
طباعةهَلْ طَالَعَ الْمَجْدُ فَجْرًا فِي رُؤَاكَ أَمَا؟
أَمْ زَارَتِ الْعَظَمَةُ الْأَطْيَافَ وَاحْتَشَمَا؟
يَا سَيْفَ عِزٍّ بِهِ الْأَيَّامُ قَدْ زَهَتْ
وَفِي يَدَيْكَ مَعَانِي الْعَدْلِ قَدْ رُسِمَا
مُحَمَّدٌ أَنْتَ نُورُ الْعَصْرِ فِي عَجَبٍ
تَحْمِي الرِّيَاحَ إِذَا الرِّيحُ أَضَاءَتْ سَمَا
أَنْتَ الْكَرِيمُ الَّذِي بِالْعَطْفِ مَسْعَفُهُ
وَأَنْتَ حِكْمَةُ مَنْ فِي حُكْمِهِ عَظُمَا
إِنْ كَانَ لِلرُّؤْيَةِ الْفَيْصَلِيَّةِ حِكْمَتُهَا
فَفِي رُؤَاكَ حِكَايَا الْعِلْمِ قَدْ نُظِمَا
يَا رَاعِيَ الْعَزْمِ فِي رُوحِ الْوَرَى شَرَفٌ
مِنْ نُورِ عَصْرٍ عَلَى آيَاتِهِ حُلُمَا
لَمَّا تَفَجَّرَ فِي الْإِصْلَاحِ عَزْمُكُمُ
أَتَى الْمُرُوجَ جَدِيدُ الزَّهْرِ فِي الْكَرَمَا
تَرْفَعْتَ بِالْحِكْمَةِ الْعُلْيَا عَلَى زَمَنٍ
يُدَوِّي صَدَاهُ بِذِكْرِ الْخَالِدِينَ حُمَى
أَنْتَ السَّنَاءُ الَّذِي شَمْسُ الْبِلَادِ لَهُ
تَحْمِي الْبِلَادَ وَفِي ظِلِّكَ الْأَمْنُ نَمَا
يَا رَاعِيَ الشَّعْبِ، قَدْ صُغْنَا مَوَدَّتَنَا
مِنْ كُلِّ قَلْبٍ رِضًا يَجْتَازُ الْأَنْجُمَا
إِنِّي أَرَاكَ كَذَاكَ النُّورُ فِي أُمَمٍ
تَبْنِي الْحَيَاةَ، وَفِي عَهْدِكَ مُنْسَجِمَا
هَذَا وَلِيُّ الْعَهْدِ مَا لَانَتْ عَزِيمَتُهُ
وَفِي الْقِيَادَةِ بَدْرٌ، حُسْنُهُ كَلُمَا
يَا شَامِخَ الْعِزِّ فِي أَرْضٍ بَنَيْتَ لَهَا
صَرْحَ الْمَجَادِرِ حَتَّى أَزْهَرَ الْقِمَمَا
تَفَتَّحْتَ لِلْعَصْرِ بَابَ النُّورِ مُبْتَهِجًا
فَكَانَ حُبُّكَ فِي الْأَرْوَاحِ مُلْتَزِمَا
أَنْتَ الَّذِي أَسْكَنَ التَّارِيخَ قَامَتَهُ
وَفِي الْقُيُودِ نَفَضْتَ الظُّلْمَ وَالْأَلَمَا
يَا نَاصِرَ الْعَقْدِ فِي الْإِصْلَاحِ مَوْعِدُهُ
وَفِي يَدَيْكَ لِكُلِّ النَّاسِ قَدْ رَحُمَا
نُورُ الْحَضَارَةِ مِنْ أَجْفَانِهِ طَلَعَتْ
وَفِي يَدَيْكَ كَمَا الْبُرْقُ الشُّهُبُ نَمَا
رَفَعْتَ رَأْسَ الْبِلَادِ الْعُرْبِ فِي ثِقَةٍ
حَتَّى دَوَى ذِكْرُهَا لِلسَّحْبِ مُبْتَسِمَا
إِنِّي أَرَى فِي حُرُوفِ الْمَجْدِ أَغْزِلُهَا
بِاسْمِ السَّمُوِّ الَّذِي عَانَقَ الْعَظَمَا
هَا هُوَ النُّورُ يَسْعَى فِي مَدَارِجِهِ
وَيَصْطَفِي مِنْ عُلَا السُّبْحَاتِ مَا كَرُمَا
يَا سُلْطَانَ الرُّؤَى، يَا مَجْدَ مَمْلَكَةٍ
نَحْوَ السَّمَاءِ بَنَاهَا الْحِزْمُ وَالْهِمَمَا
لَوْ أَنْشَدَ الدَّهْرُ أَشْعَارًا لِيَمْدَحَهُ
لَجَاءَ يُقَبِّلُ مِنْ أَفْوَاهِنَا الْكَلِمَا
نَظَمْتَ لِلْعِزِّ أَشْرِعَةً، فَكُلُّ أَرْضٍ
تَهْوَى لِخَطْوِكَ الْأَحْلَامَ وَالنِّعَمَا
حَتَّى الطُّمُوحُ إِذَا جَاوَزْتَ غَايَتَهُ
يَقُولُ: مَا بَلَغَ الْإِبْحَارُ مَا جَسُمَا
أَنْتَ الْوَفَاءُ الَّذِي فِي صَدْرِهِ غَضَبٌ
عَلَى الْهَوَانِ، فَمَا أَبْقَى لَهُ صَنَمَا
أَنْتَ الشُّجَاعُ الَّذِي إِنْ قَامَ مُبْتَسِمًا
ظَلَّتْ جُيُوشُ الْعُلَا تَسْتَأْذِنُ الْحَزَمَا
لَئِنْ تَنَافَسَ أَسْيَادُ الْعُرُوبَةِ فِي
مِضْمَارِ فَضْلٍ، فَكُنْتَ الْأَوَّلَ الْحُسَمَا
هَذَا ابْنُ سَلْمَانَ قَدْ أَحْيَا مَفَاخِرَهُمْ
فَأَصْبَحَ الْمَجْدُ يَغْدُو نَحْوَهُ سَلَمَا
يَا سَيِّدَ الْعَصْرِ، يَا رُؤْيَاكَ مُلْهِمَةٌ
تُشْعِلُ الْأَفْقَ إِذْ تَسْتَأْثِرُ الْعَظَمَا
يَا رَاعِيَ الْحِلْمِ فِي أَرْضٍ تَسَامَتْ بِهِ
رُوحُ النُّهُوضِ، وَفَاضَتْ حِينَما رُسِمَا
مُحَمَّدٌ، يَا نَجِيبَ الْحِلْمِ، أَحْلِفُ بِهِ
إِنَّ الْجِبَالَ لَتَفْنَى، حِينَما حُسِمَا
فِي "رُؤْيَةِ الْعِزِّ" أَحْيَيْتَ الْقُرُونَ كَمَا
أَحْيَا الرَّبِيعُ صُبَاحًا عَطَّرَ الْأَدَمَا
هَذَا الْمَسِيرُ الَّذِي أَطْلَقْتَ زَاخِرَةً
كَمَا السَّمَاءُ تَهُبُّ النُّورَ لِلْعَالَمَا
أَنْتَ الْحَبِيبُ لِرُوحِ الْعِلْمِ فِي أُمَمٍ
تَاهَتْ طَوِيلًا، فَكَانَ الْعَقْلُ مُغْتَنَمَا
نَهْضَاتُكَ الْعُظْمَى تَرْفَعُ كُلَّ مَمْلَكَةٍ
وَتَجْعَلُ الْحُلْمَ بِأَرْضِ السُّعُودِ سَمَا
كَمْ أَحْرَزَتْ مِنْ مَعَالٍ لِخُطَاكَ، وَكَمْ
بَاتَ الطُّمُوحُ عَلَى آثَارِكَ النَّعَمَا
تَسْمُو بِأُمَّتِكَ الْأَحْلَامُ صَارِخَةً
فِي صَوْتِكُمْ مَنْبَعُ الْآمَالِ، لَا الْعَدَمَا
مَلَكْتَ شَعْبَكَ حُبًّا لَيْسَ يُضْعِفُهُ
دَهْرٌ، وَلَنْ تَسْتَبِينَ الرُّوحُ مُنْقَسِمَا
مُحَمَّدٌ، أَنْتَ إِعْجَازُ الزَّمَانِ، وَمَنْ
لِلْمَجْدِ يَطْمَحُ، أَدْرَاكَ فَاحْتَرَمَا
هُدَى الرُّؤَى أَفْتَحَتْ أَبْوَابَ مَمْلَكَةٍ
فَصَارَ فَجْرُ النُّهُوضِ حُلْمَ مَنْ حَلُمَا
فِي كُلِّ خَطْوَةِ عَزْمٍ أَنْتَ مُنْطَلَقٌ
يَسْبِقُ السَّيْفَ إِذْ لَمَّا أَتَى حَكَّمَا
رُؤْيَةُ "الْعِزِّ" عِقْدٌ فِي الْجَبِينِ بَدَا
يُزَيِّنُ الْعَرَبَ، فَازْدَانَتْ بِهِ الْأُمَمَا
نَحْوَ "الثَّلَاثِينَ" تَسْعَى، وَالنُّجُومُ مَعًا
تُبَارِكُ السَّعْيَ إِذْ بَانَتْ لَهَا الْقِمَمَا
يَا صَاحِبَ الْحِلْمِ، يَا مَنْ تَحْتَ رَايَتِهِ
تُزْهِرُ الْأَرْضُ، وَيُزْدَانُ الْهَوَى نِعَمَا
أَرْسَيْتَ دَوْلَةَ إِشْعَاعٍ بِرُؤْيَتِكُمْ
وَصِرْتَ بَحْرًا يُنِيرُ الْحُكْمَ إِذْ عَظُمَا
عَهْدُ الْوَلِيِّ كَمِثْلِ النُّورِ مُنْبَثِقًا
يُزِيلُ ظُلْمَاتِ مَنْ شَكُّوا وَمَنْ ظَلَمَا
سَمَوْتَ بِالْعَزْمِ، حَتَّى قُلْتُ: يَا زَمَنًا
لَوْلَا مُحَمَّدٌ، مَا كُنَّا، وَمَا عَلِمَا
قَدْ جِئْتَ لِلْعَالَمِ الْعَطْشَانِ تَرْوِيَهُ
مِنْ جَذْوَةِ الْفِكْرِ حِينَ السَّيْفُ مَا انْثَلَمَا
مُحَمَّدٌ، أَنْتَ فَجْرُ الْحَقِّ مُنْبَثِقٌ
يُشِيعُ فِي الْأَرْضِ عَدْلًا كَانَ مُنْعَدِمَا
بَنَيْتَ صَرْحَ الْمَعَالِي فِي مَنَارَتِهِ
تُضِيءُ أَحْلَامَنَا، شَمْسًا وَمُبْتَسِمَا
يَا مَنْ عَلَى الْوَعْدِ مَضْيٌ لَا يُحِيدُ بِهِ
عَزْمٌ يُنَازِعُ طَوْدَ الْحَقِّ إِنْ هُزِمَا
إِنْ قِيلَ فِي الشَّرْقِ نُورٌ يَسْتَضِيءُ بِهِ
فَأَنْتَ نُورُ الْوَرَى، مَجْدًا وَمُلْتَزِمَا
حَبَاكَ رَبُّ السَّمَاءِ عَقْلًا وَمَكْرُمَةً
فَصِرْتَ بِالْحِكْمَةِ السَّبَّاقَ لِلْحِمَمَا
وَلِيُّ عَهْدٍ إِذَا جَادَتْ يَمِينُ يَدٍ
تَفَجَّرَ الْجُودُ وَالْأَحْلَامُ وَالنِّعَمَا
مُحَمَّدُ الْعَزْمِ، إِنْ قَالَتْ لَهُ غَدَرٌ
فَإِنَّهُ سَيْفُ حَقٍّ يَفْتِكُ الظُّلَمَا
تَسْمُو بِرُؤْيَتِهِ الْأَيَّامُ فِي أَلَقٍ
كَأَنَّهُ الطَّوْدُ يَسْتَسْقِي لَهُ الْهِمَمَا
رَأَى الْمَجْدَيْنِ: مَجْدَ الْأَجْدَادِ فِي شَرَفٍ
وَمَجْدَ أُمَّتِنَا يَسْقِي غَدًا حُلُمَا
يَا مَنْ بِهِ الْحِلْمُ، إِنْ حَانَ الْوَغَى جَسَرٌ
وَإِنْ دَنَا الْعُسْرُ كَانَ الْبَحْرَ مُلْتَزِمَا
رِضَاكَ فِي كَفِّهِ وَالْحُبُّ يَشْمُخُ فِي
قَلْبِ الْكِرَامِ كَضَوْءٍ خَاطَرَ الدِّيَمَا
وَإِنْ دَعَاهُ الْوَرَى نَحْوَ السَّمَاحِ رَضِيَ
وَإِنْ دَعَتْهُ اللُّجُومُ كَانَتِ الْكَلِمَا
مُحَمَّدُ الْحُبِّ، أَخْلَاقٌ مُنَزَّهَةٌ
تَحْكِي السَّمَاءَ، وَرُوحُ الْعَدْلِ تَرْتَسِمَا
أَنْتَ السَّبِيلُ الَّذِي تَشْتَاقُهُ أُمَمٌ
وَنَحْوَ عَزْمِكَ تَهْوِي كُلُّهَا عَلَمَا
مُحَمَّدُ الْعَزْمِ، مَنْ بِالْأَرْضِ مَثْلُكُمُ؟
مَجْدُ الزَّمَانِ لَهُ أَشْهَادُهُ، وَكَمَا
إِذَا الْمَعَالِي أَتَتْ تَسْعَى بِمَفْخَرَةٍ
كُنْتَ الْقَصِيدَ وَزَانَ الْحَرْفَ مَعْلَمَا
تَفَتَّحَتْ فِي حِمَاكَ السُّحْبُ مُخْضَرَّةً
وَجَاءَ فِي الرُّؤْيَةِ الْمُبْدَاةِ مُبْتَسِمَا
رُؤْيَا الثَّلَاثِينَ، يَا لِلْمَجْدِ، يَا أَمَلًا
قَدْ صَاغَهَا حُلُمٌ يُعْلَى وَيَلْتَزِمَا
مِنْ كَفِّ عَزْمِكَ تَرْوِي الْوَطْنَ مُفْتَخِرًا
حَتَّى تَنَاثَرَ بِالرُّوحِ الْجُودُ وَالْكَرَمَا
وَإِنْ دَنَتْ غَايَةٌ تَسْتَصْعِبُ الطُّرُقَا
كُنْتَ السَّبِيلَ وَكَانَ الْعَزْمُ يَلْتَحِمَا
رُوحٌ تَرَفْرِفُ بِالْأَخْلَاقِ فِي كَرَمٍ
تُسْقِي الْقُلُوبَ، وَعَيْنُ الْوَقْتِ تَبْتَسِمَا
وَإِنْ تَحَدَّثَتِ الْأَيَّامُ عَنْ بَطَلٍ
قِيلَ السَّمَاوَاتُ تَخْشَى بَأْسَهُ الْعَظِيمَا
مَلِيكُ قَوْمٍ إِذَا حَانَ الْوَغَى فَزِعُوا
وَإِنْ دَعَاهُمْ إِلَى الْجُودِ انْثَنَى عَلَمَا
رُؤْيَاكَ نُورٌ أَضَاءَ الْأَرْضَ مَا انْطَفَأَتْ
حَتَّى تَفَتَّحَ فِي الْآفَاقِ مَا تَقِمَا
بَنَيْتَ أَرْضًا، وَغَادَرْتَ الزَّمَانَ عَلَى
خُطَى الْوُجُودِ، فَكَانَ الْمَجْدُ يَنْسَجِمَا
وَإِنْ رَأَوْكَ، فَإِنَّ الشَّمْسَ تَبْتَهِجُ
وَالنُّجْمُ يَنْثُرُ فَوْقَ الْأَرْضِ مَا يَسِمَا
هُمْ فِي حِمَاكَ أَمَانُ الْأَرْضِ مُزْدَهِرٌ
وَالرُّوحُ يَشْهَدُهَا الْأَفْرَاحُ وَالْحُلُمَا
إِذَا اسْتَعَرَّتْ اللَّيَالِي فِي دُجَاهَا بَنَى
شَمْسًا تُذِيبُ دُجَى الْأَيَّامِ وَالْقُلَمَا
فَجُودُهُ نَبْضُ أَيَّامٍ إِذَا انْقَطَعَتْ
وَبَأْسُهُ صَارِمٌ لِلظُّلْمِ يَقْتَصِمَا
سَعَى بِرُؤْيَتِهِ حَتَّى السَّمَاءَ لَهَا
نُورٌ يُعَانِقُ فِي الْأَفْلَاكِ مَنْ يَحْمُا
فَكَانَ صَوْتُ الْوَطَنِ مِلْءَ الْقُلُوبِ صِدَى
حَتَّى أَذَاعَتْ بِهِ الْأَرْوَاحُ تَحْتَرِمَا
1280
قصيدة