عدد الابيات : 40
أَصْغِ الْقُلُوبَ فَإِنَّ فِيهَا لَوْعَةً
تَهْتَاجُ مِنْ شَوْقٍ لِمَنْ فِيهَا سَكَنْ
هَذِي حِكَايَةُ عَاشِقٍ قَدْ صَاغَهَا
بِالْحُسْنِ، بِالْوِجْدَانِ، بِالشِّعْرِ الْحَسَنْ
سَلْنِي اللَّيَالِيَ كَمْ بَكَتْ أَهْدَابُهَا
شَوْقًا لِعَيْنٍ فِي الدُّجَى كَانَتْ تَئِنّ
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ وَالسُّكُونُ مَرِيرُنَا؟
وَالدَّمْعُ يَحْكِي لِلْهَوَى نَبْضَ الْمُزِنْ
يَا مَنْ سَكَبْتَ الْحُبَّ فِي أَضْلَاعِنَا
وَتَرَكْتَنَا لِلْبَيْنِ فِي دَرْبِ الْفِتَنْ
أَهْدَيْتَنِي وَعْدَ الرَّبِيعِ فَأَزْهَرَتْ
أَرْضِي، وَغِبْتَ، فَخَانَنِي فِيهَا الزَّمَنْ
مَا عَادَ يَرْقُصُ فِي الْحَنَايَا طَيْفُنَا
لَكِنْ يَئِنُّ صَدَى الْحَنِينِ بِلَا ثَمَنْ
لَوْ أَنَّ قُرْبَكَ كَانَ يُشْتَرَى بِالدُّعَا
مَا غِبْتَ عَنِّي لَحْظَةً يَا مُؤْتَمَنْ
يَا مَنْ تُنَاجِيهِ الدُّمُوعُ كَأَنَّهَا
حَرْفٌ تَنَاثَرَ مِنْ فُؤَادِي وَالْمِحَنْ
يَا بَسْمَةً كَانَتْ تُعَانِقُ أَنْجُمِي
وَالْيَوْمَ أَبْحَثُ عَنْكَ فِي خَفْقِ الشُّجَنْ
هَلْ كُنْتَ حُلْمًا، أَمْ خَيَالًا زَائِرًا؟
أَمْ كُنْتَ عِشْقًا لَا يُفَسِّرُهُ الْذِهْنْ؟
مَا لِي سِوَى نَبْضِ الْقَصَائِدِ عِنْدَمَا
يَخْذُلُنِي اللُّقْيَا وَيَفْنَى الْمُؤْتَمَنْ
وَأَرَاكَ بَيْنَ الْحَرْفِ وَالشَّوْقِ الَّذِي
أَضْنَاهُ حُبٌّ مَا لَهُ فِي النَّاسِ ثَمَنْ
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ يَمُرُّ خَيَالُنَا
أَبْكِي، وَتَسْمَعُ شَهْقَتِي نَفْسُ الشَّجَنْ
إِنِّي وَجَدْتُكَ فِي فُؤَادِي آيَةً
سَبَحَتْ بِبَحْرِ الْحُبِّ مِنْ دُونِ سَفَنْ
يَا مَنْ كَتَبْتَ الْحُبَّ فِي أَوْجَاعِنَا
ثُمَّ اخْتَفَيْتَ كَأَنَّكَ النَّجْمُ الدُّفَنْ
مَا زِلْتُ أَرْجُو أَنْ تَعُودَ، وَتَنْتَشِي
رُوحِي بِوَصْلِكَ إِنْ تَلَاشَى الْوَهَنْ
مَا زِلْتُ أَرْسُمُ ذِكْرَيَاتِكِ فَوْقَهَا
نَفْسُ الرُّبَى وَالدَّارُ وَالسَّاعَاتُ تَحْنُ
صَوْتُكِ فِي الْأَحْلَامِ يَشْدُو مِثْلَمَا
تَشْدُو الطُّيُورُ إِذَا أَتَاهَا الْعِطْرُ لَحْنُ
قَدْ كُنْتِ بَسْمَتَنَا الَّتِي لَا تَنْطَفِي
نُورًا يُبَدِّدُ لَيْلَنَا وَالْمُزْنُ يُهْنُ
وَإِذَا تَنَاءَتْ خُطْوَةٌ عَنْ خُطْوِنَا
ظَلَّتْ قُلُوبُ الْعَاشِقِينَ بِهَا تَفِنُّ
يَا مَنْ سَكَبْتِ النُّورَ فِي أَعْمَاقِنَا
حَتَّى غَدَوْنَا فِي الْهَوَى نَحْيَا وَنَسْمُنُ
إِنِّي لَأَبْكِي إِنْ تَذَكَّرْتُ الْهَوَى
وَأَذُوبُ شَوْقًا كُلَّمَا خَفَقَتْ جُفُونُ
أَيْنَ الَّتِي مَلَأَتْ حَيَاتِي زَهْرَةً؟
مَا عَادَ فِي كَفِّ الزَّمَانِ سِوَى الشُّجُنُ
قَدْ كُنْتِ أَنْغَامَ الْمَدَى وَهَمْسَ الْهَوَى
وَالْيَوْمَ لَا صَوْتٌ، وَلَا نَبْضٌ يَئِنّْ
إِنِّي دَعَوْتُ الْحَرْفَ حَتَّى أَنْطَقَتْ
شَفَتَايَ، فَانْهَمَرَتْ قَوَافِيهَا فَنَنْ
فَلْتَشْهَدِ الْأَيَّامُ أَنِّي فِيكِ عَاشِقٌ
مَا زَالَ يَسْكُنُ صَدْرَهُ عِشْقٌ سُجِنْ
وَتَغَشَّتِ الْأَحْلَامُ فِي لَيْلِ الظُّنُونْ
وَتَشَابَكَتْ فِي خَافِقِي نَارُ الْحَنِينْ
أَهْوَاكَ وَالْعُمُرُ الْمُبَعْثَرُ فِي يَدِي
لَمْ يَجْنِ مِنَ الْآمَالِ إِلَّا الْوَهْنْ
لَمْ تَسْكُنِ الْأَطْلَالُ مِنْ ذِكْرَاكَ لَا
وَلَمَحْتُ طَيْفَكَ لِلدُّجَى أَعْلَى الْغُصُنْ
هَلْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّنِي فِي غَيْبَتِكْ
أَبْكِي بِصَمْتٍ لَيْلَةً تَلُفُّ السُّكُنْ؟
وَأَعُدُّ نَبْضَ الْعُمْرِ مِنْهَا فَوْقَ شَوْكْ
وَأَمُدُّ ظِلِّي فِي غِيَابِكَ كَالْجُنُنْ
كَمْ كَانَ بَوْحِي لَكَ رَغِيفَ مَحَبَّةٍ
وَكَمِ احْتَرَقْتُ لِكَيْ تَرُدَّ لِيَ الْحُنُنْ
يَا مَنْ سَكَنْتَ النُّورَ فِي أَحْلَامِنَا
هَلْ تُرْجِعُ الْأَيَّامَ مَا فَاتَ السُّنُنْ؟
قَدْ كُنْتَ فِي زَمَنِ الْجَمَالِ رَوَاؤُهُ
وَالْيَوْمَ أَنْتَ لِكُلِّ أَزْمَانِي الدُّفُنْ
مَا زِلْتُ أَكْتُبُ فِيكَ وَجْهَ مَحَبَّتِي
إِنْ غِبْتَ عَنِّي، فِي الْقَصَائِدِ تُسْتَكَنْ
يَا مَنْ لَهُ فِي الْقَلْبِ وِرْدٌ دَائِمٌ
يَا مَنْ لَهُ فِي الْحُبِّ دَرْبٌ لَا يُهَنْ
فَاذْكُرْ قَصِيدَ الْحُبِّ إِنْ ضَاعَ الصَّدَى
فِي اللَّيْلِ يَبْكِي صَوْتُهُ الْمَخْنُوقُ فِينْ
قَدْ كَانَ حُبِّي صَادِقًا فَارْفَعْ لَهُ
رَايَاتِ وِدٍّ فِي الْمَسَاءِ وَفِي الْمُجَنْ
هَذِي الْقَصِيدَةُ فِيكِ سُطِّرَ حُزْنُهَا
وَالشِّعْرُ يَهْمِي وَالدُّمُوعُ لَهَا سَكَنْ
957
قصيدة