عدد الابيات : 38
قَدْ قُلْتَ يَوْمًا فِي غَرَامِ دِمَشْقِنَا
أَنَّ الْهَوَى زَيْتُونُهَا وَالنِّعَمِ
وَهَا أَنَا أَكْتُبُ الشَّآمَ بِحَرْفِهَا
وَأَجْعَلُ التَّارِيخَ مِنْهَا عَلَمِ
ذَكَرْتَ الشَّامَ ، وَسِحْرَ بِحَارِهَا
وَأَنَّهَا وَجَعٌ كَأَنَّ الدَّهْرَ فَمِ
لَكِنَّهَا عِنْدِي كَأَنَّهَا مَرْسَى الْعُلَا
تُشْرِقُ شَمْسًا فَوْقَ بَحْرٍ مُعْظَمِ
أَبْنِي لَهَا قَصْرًا مِنَ الْعِزِّ الْعَتِيقِ
وَأَرْسُمُ الْمَجْدَ الَّذِي بِهِ مُهْتَمِ
وَقَدْ بَكَيْتَ الْحُبَّ حُزْنًا وَأَدْمُعًا
لَكِنِّي أُضِيءُ اللَّيْلَ بِالشِّيَمِ
وَكُلُّ أُنْثَى عِنْدَ شِعْرِي كَوْكَبٌ
تُضِيءُ قَلْبَ الْعَاشِقِينَ وَهْمِ
ذَكَرْتَ قَيْسًا، وَجُنُونَ حُبِّهِ
وَهَا أَنَا أُكْمِلُ عِشْقَهُ، وَمُلْتَزِمِ
لَيْلَى لَدَيَّ تَاجُ كُلِّ قَصِيدَةٍ
قَدْ أَلْهَمَتْ فِي الشِّعْرِ عِشْقًا مُلْتَمِ
وَقَدِ اسْتَحْضَرْتَ زُهَيْرًا فِي بَيَانِكَ
فَدَعْنِي أُعِيدُ الصِّدْقَ فِي الْكَلِمِ
عَنْتَرَةٌ عَادَتْ سُيُوفُهُ فِي دَمِي
وَأُحْيِي بِهَا الْحُبَّ فَوْقَ الْأَلَمِ
وَقَدْ رَأَيْتَ الْحُبَّ نَارًا وَحُرْقَةً
وَأَنَا أَرَاهُ وَاحَةً عَاشِقٍ لِلْحُلَمِ
فَالشِّعْرُ عِنْدِي قُبْلَةٌ لِلْكَوْنِ، لَا
سَيْفٌ يُقَطِّعُ بِالْوَهْمِ وَالْهِمَمِ
يَا نِزَارُ، اسْمَعْ حَدِيثَ قَصِيدَتِي
مِنْ قَلْبِ حُبٍّ لَا يُحَابِي الظُّلَمِ
كَتَبْتَ عَنِ الْأُنْثَى كَأَنَّهَا مَتَاعٌ
لَكِنَّهَا عِنْدِي عَرْشُ الْحُكَمِ
هِيَ الْمَلِيكَةُ فَوْقَ تَاجِ زَمَانِنَا
وَفِي يَدِهَا دِيوَانُ عِشْقٍ عَظُمِ
هِيَ الْمَلَاذُ إِذَا تَرَاكَمَ جُرْحُنَا
وَهِيَ الشِّرَاعُ وَسْطَ بَحْرِ السَّأَمِ
هِيَ الْفُصُولُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ عَهْدُهَا
رَبِيعُهَا خَالِدٌ، وَنَبْعُ الْكَرَمِ
كَتَبْتَ يَوْمًا عَنِ النِّسَاءِ وَأَلَمِهِنَّ
فَجِئْتُ أَرْوِي عَنِ الْجَمَالِ السَّلَمِ
هِيَ الَّتِي إِنْ غَابَ شِعْرُكَ ظِلُّهَا
أَشْعَلْتُ فِي دَرْبِ الْمُحِبِّينَ الْقِيَمِ
أَرْثِي لِزَمَنٍ فِيهِ لِلْحُبِّ وَصْمَةٌ
وَلِكُلِّ عِشْقٍ فِي رُبُوعِ الظُّلَمِ
أَرَى الْحَبِيبَةَ فِي كَمَالِ طَلْعَتِهَا
كَأَنَّهَا بَدْرٌ يَقُودُ الْعَلَمِ
مَاذَا تَقُولُ يَا نِزَارُ عَنِ الْهَوَى؟
وَأَنَا حُرُوفِي تَسْحَرُ الْأُمَمِ
تَغَنَّيْتَ بِالنِّسَاءِ بَحْرًا مِنْ جُنُونٍ
وَنِسَاؤُنَا أَرْضٌ، وَحُلْمٌ لَا يَهِيْمِ
ذَكَرْتَ أَنَّ الْحُبَّ طُوفَانٌ عَظِيمُ
فَمَا رَأَيْتَ النَّهْرَ يَجْرِي بِالْكَرَمِ
وَقُلْتَ بِأَنَّ الْعِشْقَ مَوْتٌ فِي الْمَسَاءِ
لَكِنَّهُ صُبْحٌ يُزْهِرُ فِيهِ سِحْرُ النَّسَمِ
ذَكَرْتَ فِي حَلَبِ الْهَوَى صَوْتَ الْأَذَانِ
فَهُوَ عِنْدِي طَيْفُ عِزٍّ قَدِيمِ
وَحِينَ قُلْتَ الْحُبَّ يَسْكُنُ فِي الْحُرُوبِ
فَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ سَلَامٌ، وَسَلِيمِ
كَتَبْتَ عَنِ الْأَنْدَلُسِ حُزْنًا وَأَطْلَالًا
فَهَا أَنَا أَجْعَلُهَا فَخْرًا مُسْتَقِمِ
أَنْدَلُسُنَا لَيْسَتْ لِذِكْرَى مِنْ غُبَارٍ
بَلْ هِيَ بُسْتَانٌ، وَشَمْسٌ لَا تُهَمِ
وَذَكَرْتَ قُرَيْشًا فِي حَدِيثٍ عَنِ الْجَمَالِ
وَهَا أَنَا أَكْتُبُهَا مَجْدًا عَظِيمِ
الْخِتَامُ بِالْحِكْمَةِ وَالشِّعْرِ:
قُلْتَ بِأَنَّ السَّيْفَ يَذْبَحُ كُلَّ حُلْمٍ
فَمَا رَأَيْتَ قَلَمِي حَرْبًا، وَشِيَمِ
حُرُوفُكَ ثَارَتْ كَأَنَّ الدَّمْعَ سَيِّدُهَا
لَكِنَّهَا عِنْدِي كَنَجْمٍ لَا يُظْلَمِ
أَنَا الَّذِي سَطَّرَ الْجَمَالَ بِآيَتِي
وَجَعَلْتُ شِعْرِي فِي الْعُقُولِ خُتَمِ
أَكْتُبُ أَنَا مَا لَمْ يُسَطَّرْ فِي الدُّنَا
وَأُلْبِسُ الْكَلِمَاتِ تَاجَ الْحِكَمِ
957
قصيدة