الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » "نداء الروح لسارة "

عدد الابيات : 70

طباعة

أَلَا أَيُّهَا الْقَلْبُ الَّذِي مَا اسْتَكَانَا

أَعَزُّ عَلَيْكَ أَنْ تَرَى الدَّمْعَ حَيَّانَا؟

أَمَا زِلْتَ تَصْبُو؟ قَدْ عَلِمْتَ بِحُرْقَةٍ

بِأَنَّ الْهَوَى نَارٌ تَشِيبُ الْفَتَى الْآنَا

ذَكَرْتُ سَرَاةَ الْعِشْقِ يَوْمًا بِسَارَةٍ

فَأَنْزَلَ دَمْعِي فِي الْخُدُودِ مَكَانَا

أَلَا يَا صَبَاحَ الْوَجْهِ طَابَ جَمَالُهُ

وَحُسْنٌ تَقَاضَى عَنْ زَمَانِي زَمَانَا

أَيَا غُرَّةً كَالشَّمْسِ فِي الْأُفُقِ طَالِعَةً

وَفِيكِ لِقَلْبِي مَهْدُ وَجْدٍ وَ أْمَانَا

تَبَدَّيْتِ لِي حِينَ الْمَدَى كَانَ قَاتِمًا

فَنَوَّرْتِ صَدْرِي بِالضِّيَاءِ مَلْجَانَا

أَقُولُ لِسَارَةَ: قَدْ حَمَلْتُكِ مُهْجَتِي

وَفِيكِ عَنِ الْأَكْوَانِ كُلِّهَا اكْتِفَانَا

فَأَنْتِ كَرُوحٍ فِي الضُّلُوعِ نَقِيَّةٍ

وَفِي الْخَافِقِ الْمَسْجُونِ كُنْتِ السَّجَّانَا

فَكَمْ طَافَتِ الْأَشْوَاقُ حَوْلِي زَاحِفَةً

وَأَنْتِ الْمَدَى، قَلْبًا وَعَيْنًا وَرُؤْيَانَا

أَيَا زَهْرَةَ الْحُسْنِ الَّتِي لَمْ تَزَلْ هُنَا

تُضِيءُ لَيَالِيَنَا، وَتَسْقِينَ جَفَانَا

بَكَيْتُكِ حَتَّى صَارَ دَمْعِي مَرَارَةً

إِذَا غَابَ طَيْفُكِ، زَادَ الْقَلْبُ خِذْلَانَا

أَلَا هَلْ تُرَى يَا لَيْلُ تَحْنُو بِعَوْدِهَا

فَتَسْقِي شِتَاءَ الرُّوحِ ظِلًّا وَرَيْحَانَا

وَهَلْ تُبْلِغُ الْأَشْوَاقَ سَارَةَ أَنَّنِي

رَهِينُ غَرَامٍ فِي هَوَاهَا فَمَا أَنَا؟

جَعَلْتُ فُؤَادِي فِي حِمَاهَا وَسِيلَةً

فَمَا خُنْتُ عَهْدَ الْحُبِّ يَوْمًا، وَلَا هَانَا

وَأَذْرِفُ مِنْ عَيْنَيَّ دُمُوعًا كَأَنَّهَا

عَصَافِيرُ مَاءٍ فِي الْغُصُونِ مُصَانَا

تَذَكَّرْتُ أَيَّامًا قَضَيْنَا بِسَعْدِهَا

فَكَانَ الْهَوَى لِلْعُمْرِ أَبَدًا زَكَانَا

أَيَا مَنْ سَرَى فِي مُهْجَتِي مِثْلَ شِعْرِهَا

وَأَسْكَرَ رُوحِي بِالْحَيَاةِ وَأَفْنَانَا

فَإِنْ غِبْتِ عَنْ عَيْنِي فَمَا زِلْتُ حَاضِرًا

بِرُوحِكِ فِي دُنْيَا الْخَيَالِ، وَوِجْدَانَا

فَهَلْ يَا تُرَى يَا حُبُّ نَلْقَاكَ مِثْلَمَا

تَرَكْنَا بِأَحْلَامٍ كَأَنَّهَا دُنْيَانَا

إِذَا قُلْتُ: إِنَّ الْحُبَّ يُحْيِي مَكَارِمًا

فَأَنْتِ لَهُ رُوحٌ، وَعِشْقٌ، وَتِبْيَانَا

بِكِ الْحُسْنُ أَمْسَى لِلْخَيَالِ كَأَنَّهُ

رِيَاضٌ تُنَادِي فِي السُّهُولِ أَغْصَانَا

رَأَيْتُكِ بَدْرًا فِي سَمَاءِ تَأَلُّقٍ

تُبَدِّدُ مِنْ لَيْلِ الْفُؤَادِ أَحْزَانَا

وَإِنْ قُلْتُ: إِنَّ الشَّوْقَ نَارٌ مُضِيئَةٌ

فَأَنْتِ لَهَا قِنْدِيلُ صِدْقٍ وَأَمَانَا

أَيَا زَادَ رُوحِي فِي الْمَدَى، كَيْفَ غَابَ عَنِّي

جَمَالُكِ حَتَّى صَارَ عُمْرِي حِرْمَانَا؟

رَسَمْتُكِ فِي قَلْبِي قَصِيدَةَ عَاشِقٍ

تَظَلُّ عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ نَشِيدَانَا

وَهَلْ كَانَ لِلْحُبِّ اعْتِبَارٌ لِغَيْرِكِ

إِذَا مَا سَرَى كَالطَّيْفِ فِينَا وَغَنَّانَا؟

رَأَيْتُكِ فِي الْأَحْلَامِ نُورًا مُقَدَّسًا

إِذَا مَا دَعَانِي لِلْبُكَاءِ وأَعْيَّانَا

وَأَنْتِ ابْتِدَاءُ الدَّهْرِ فِي كُلِّ لَوْحَةٍ

وَأَنْتِ خِتَامُ النَّبْضِ حِينَ تَرَانَا

وَفِيكِ اسْتَحَالَ الْعِشْقُ سَفَرًا مُبَارَكًا

يَطُوفُ بِقَلْبِي فِي الْبَعِيدِ مَكَانَا

فَكَمْ مِنْ حُرُوفٍ فِي غَرَامِكِ عَاجِزَةٍ

تُنَاجِيكِ لَكِنَّ الْبَيَانَ تَوَانَى

وَفِي كُلِّ نَبْضٍ مِنْكِ سِرٌّ مُقَدَّسٌ

يَصُوغُ الْأَمَانِي فِي السَّحَابِ عِنَانَا

إِذَا مَا نَطَقْنَا بِالْهَوَى كُنْتِ أَوَّلًا

وَكُنْتِ لَنَا فِي صَمْتِنَا عِرْفَانَا

وَهَلْ كَانَ فِي الْأَحْلَامِ غَيْرُكِ مَمْلَكَةٌ

إِذَا مَسَّنَا فِيهَا الْجَمَالُ شُجْعَانَا؟

فَيَا زَهْرَةً مِنْ عَالَمِ السِّحْرِ قَدْ بَدَتْ

لِتُسْكِنَ شَوْقَ الْعَاشِقِينَ أَمَانَا

بِكِ الْحُبُّ شَمْسٌ لَا تَغِيبُ بِنُورِهَا

وَتُشْرِقُ حَتَّى فِي اللَّيَالِي حَنَانَا

فَهَاتِي يَدَيْكِ الْآنَ، نَنْسِجُ فِي الْمَدَى

رُؤًى مِنْ ضِيَاءٍ، وَالسَّلَامُ سُلْوَانَا

أَيَا مَنْ جَعَلْتِ الْقَلْبَ بَيْتًا لِأَهْلِهِ

فَصِرْتِ لِآمَالِي مَلَاذًا وَعُنْوَانَا

أَعِيدِي لَنَا عَهْدَ الْهَوَى إِذْ بَدَأْتِهِ

وَأَحْيِي بِهِ رُوحَ الْحَيَاةِ إِذَا حَانَا

فَهَذِي جُرُوحِي فِي انْتِظَارِكِ مُزْهِرٌ

إِذَا مَا لَمَسْتِ الْقَلْبَ، كَانَ نِسْيَانَا

تَذُوبُ اللَّيَالِي فِي غَرَامِكِ أَنْجُمًا

وَتَبْقَى الْأَمَانِي فِي حِمَاكِ زَمَانَا

إِذَا قِيلَ إِنَّ الْعِشْقَ سِرٌّ مُخَبَّأٌ

فَأَنْتِ كِتَابُ السِّرِّ، وَالْحُبُّ مَعْنَانا

وَإِنْ قِيلَ: هَذَا الْقَلْبُ لَا يُشْرِقُ الْهَوَى

فَفِيكِ غَدَا كَالنَّجْمِ يَرْقَى مَكَانَا

وَإِنْ جَفَّ عَذْبُ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا

فَحُبُّكِ يَرْوِي مُهْجَتِي وَحَنَانَا

رَأَيْتُكِ فِي لَيْلِ الْأَسَى قَمَرًا بَدَا

لِيُضْحِيَ عَلَى جُرْحِ الْمُحِبِّ طَيْبَانَا

وَكَمْ كُنْتُ أَهْفُو لِلشِّفَاهِ كَأَنَّهَا

غَدِيرُ رَبِيعٍ طَافَ بِالنَّهْرِ إِدْمَانَا

إِذَا مَا تَغَنَّتِ الشِّفَاهُ كَأَنَّهَا

كَنَارِ قُلُوبِ الْعَاشِقِينَ بَيَانَا

أُعَلِّمُ قَلْبِي كَيْفَ يُخْفِي لَهِيبَهُ

فَيَأْبَى، وَيُفْشِي بِالشُّجُونِ كِيَانَا

إِذَا نَطَقَ الدَّمْعُ الَّذِي فِي مَحَاجِرِي

فَإِنَّهُ لِلشَّوْقِ يُهْدِي سُلْوَانَا

وَكَيْفَ لِمَنْ شَطَّ الْهَوَى عَنْ دِيَارِهِ

أَنْ يَنْسَى غَرَامًا بِالْوُجُودِ تَحَامَى؟

أَيَا زَهْرَةَ الدُّنْيَا، وَحُلْمَ صَبَابَتِي

رَأَيْتُكِ فِي عُمْقِ الْبُكَاءِ جِنَانَا

غَرِيبٌ أَنَا بَيْنَ الْمُحِبِّينَ وَحْدَتِي

تُطَوِّقُنِي مِثْلَ الظِّلَالِ هَوَانَا

فَلَا تَتْرُكِينِي فِي الصَّحَارَى مُغَيَّبًا

تُصَارِعُنِي رِيحُ الشَّقَاءِ هَتَّانَا

رُوَيْدَكِ، إِنَّ الْعُمْرَ يُفْنَى بِلَحْظَةٍ

فَكَيْفَ نُضَيِّعُ فِي الْهَوَانِ زَمَانَا؟

قَلِيلٌ إِذَا قُلْنَا بِأَنَّكِ فِتْنَةٌ

وَقَلِيلٌ إِذَا قُلْنَا الْجَمَالُ رَبَّانَا

أَيَا مَنْ زَرَعْتِ فِي حَشَايَ مَحَبَّةً

فَأَصْبَحْتُ أَزْهَى بَيْنَ قَوْمِي مَكَانَا

رَأَيْتُكِ فِي أَعْمَاقِ قَلْبِي مَجَرَّةً

تُضِيءُ لَيَالِيَ الرُّوحِ، تُذْكِي عِنَانَا

وَأَشْهَدُ أَنَّ الْكَوْنَ لَمْ يُخْلَقْ سِوَى

لِيُهْدِيكِ تَاجَ الْحُسْنِ، كَانَ وَكِيَانَا

أَعِيدِي لِيَ الْأَيَّامَ تُشْرِقُ مَرَّةً

فَتُسْكِنُنِي فِي حُضْنِهَا، وَتُعَنَّانَا

وَكَمْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ فِي الْبُعْدِ رَاحَةً

فَلَمْ أَلْقَ إِلَّا الدَّمْعَ بَعْدَكِ جُثْمَانَا

أَتُوقُ إِلَى عَيْنَيْكِ، سِحْرُهُمَا الَّذِي

يُبَدِّدُ فِي أَعْمَاقِ نَفْسِي أَشْجَانَا

فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَيْنَاكِ بَحْرَ مَعَارِفِي

لَمَا كَانَ لِلْحُبِّ الْجَمِيلِ مَكَانَا

وَكَيْفَ أَعِيشُ الْعُمْرَ دُونَكِ هَائِمًا

يُصَارِعُ شَوْقًا لَا يُطِيقُ هَوَانَا؟

رُوَيْدَكِ يَا سَارَةُ، الْقَلْبُ لَمْ يَزَلْ

أَسِيرَكِ، لَا يَرْجُو سِوَاكِ أَمَانَا

فَلَا تُطْفِئِي هَذَا الضِّيَاءَ فَإِنَّهُ

بَقَايَا حَيَاةٍ تَسْتَضِيءُ كِيَانَا

دَعِينِي أَذُوبُ الْآنَ، حُبُّكِ زَادَنِي

جُنُونًا، وَأَمْسَى فِي دِمَائِي مُصَّانَا

فَإِنْ كَانَ لِلْحُبِّ افْتِخَارٌ وَسُؤْدَدٌ

فَإِنِّي بِمَجْدِ الْعَاشِقِينَ سَمَانَا

كَتَبْتُكِ فِي شِعْرِي، نَقَشْتُكِ لَوْحَةً

كَأَنَّكِ وَرْدُ الْقَلْبِ إِذْ كَانَ عُنْوَانَا

وَأَقْسَمْتُ أَنْ تَبْقَى حُرُوفِي مُخْلِصَةً

لِتَرْوِيَ عَنِ الشَّوْقِ الْكَبِيرِ بَيَانَا

هُنَا يَا قَصِيدَ الْقَلْبِ، كُونِي شَاهِدَةً

بِأَنِّي بِصِدْقِ الْعَاشِقِينَ جِنَانَا

وَلَا تَتْرُكِي حَرْفًا بَلِيغًا صَادِقًا

إِلَّا لِيُهْدِيَ سَارَةَ الْحُبَّ بُنْيَانَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

957

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة