عدد الابيات : 20
أَرِقْتُ وَسَهَّدْتُ الْعُيُونَ تَأَرُّجِي
وَجَرَّعْتُ قَلْبِي لَوْعَةَ الْمُتَلَهِّفِ
فَيَا طَيْفَهَا، هَلْ فِي الْمَزَارِ تَوَدُّدٌ
أَمِ الْحُبُّ أَضْحَى فِي الْجَوَانِحِ مُنْصِفِ؟
أَنَاخَتْ يَدُ الْبَيْنِ الْجَسِيمِ بِجِسْمِنَا
فَمَزَّقَ شَمْلَ الْعَاشِقِ الْمُتَلَهِّفِ
وَأَضْرَمْتُ فِي قَلْبِي النَّحِيبَ وَلَمْ أَزَلْ
أُنَادِيكِ مِنْ جُرْحِ الْأَسَى الْمُتَرَدِّفِ
أَمَا كُنْتِ تَدْرِينَ الْفُؤَادَ مُوَلَّهًا
أَأَحْرَقْتِهِ شَوْقًا بِغَيْرِ تَلَطُّفِ؟
فَكَمْ أَضْرَمَتْ كَفُّ الْفِرَاقِ صَبَابَتِي
وَأَوْغَلْتُ فِي دَرْبِ الْحَنِينِ الْمُرَهَّفِ
فَلَوْ أَنَّ دَهْرًا قَدْ تَجَلَّى بِلَوْعَتِي
لَجَفَّتْ يَدُ الْأَقْدَارِ عَنْ كُلِّ مُرْجِفِ
فَيَا دَارَهَا، هَلْ بَعْدَ هَذَا تَوَجُّعٌ
وَهَلْ مِنْ لِقَاءٍ بَعْدَ دَمْعِيَ الْمُنْسَفِ؟
أُنَاجِيكِ وَالْأَوْجَاعُ تَصْعَدُ أَضْلُعِي
كَمَا تَسْتَغِيثُ الرُّوحُ جُرْحَ الْمُنْحَفِي
تَرَكْتِ الْفُؤَادَ الْمُسْتَهَامَ بِجَوْفِهِ
وَصِرْتِ كَسَرْبٍ فِي الْمَغِيبِ الْمُسْتَخِفِّ
أَنَا الْمُوجَعُ الْمَشْؤُومُ يُرْهِقُنِي الْأَسَى
وَيُغْرِقُنِي دَمْعٌ بِأُفْقٍ مُلْتَحِفِ
وَهَلْ لِيَ بَعْدَ الْحُزْنِ طَيْفٌ مُؤَانِسٌ
فَقَدْ بُحَّ صَوْتِي فِي الدُّجَى الْمُتَلَفِّفِ
أَتَتْنِي يَدُ الْمَوْتِ الْعَنِيفِ تُحَاوِلُ
فَأَغْمَضْتُ جَفْنِي فِي الْغَسَقِ الْمُقْفِفِ
وَأَوْصَيْتُ نَبْضِي أَنْ يَحِنَّ لِلَحْظِهَا
عَسَى أَنْ تَرَاهُ قَبْلَ مَوْتِي الْمُتَرَفِّفِ
فَإِنْ كُنْتِ عَنِّي قَدْ مَضَيْتِ بِلَا رُجُوعٍ
فَكُونِي بِأَحْلَامِي صَدَى الْمُتَزَخْرِفِ
وَإِنْ صَدَّنِي دَهْرٌ عَنِ الْوَصْلِ قَهْرَهُ
فَإِنِّي صَبُورٌ فِي الْهَوَى الْمُتَعَطِّفِ
أَلَا لَيْتَ حُبِّي فِي يَدَيْكِ مُبَارَكٌ
فَيُورِقُ فِي قَلْبِي وُرُودَ الْمُتَشَغِّفِ
وَلَكِنَّهَا الْأَيَّامُ دَارَتْ بِغَدْرِهَا
فَأَصْبَحْتُ بَيْنَ الْحُزْنِ وَالدَّمْعِ مُرْجَفِ
فَيَا قَبْرُ إِنْ ضَمَّتْ عِظَامِي كَفَّكَ
فَحَدِّثْ حَبِيبِي عَنْ شَقَائِيَ الْمُضْعَفِ
وَقُلْ إِنَّ هَذَا الْعَاشِقَ اسْتَوْدَعَ الْأَسَى
وَمَا زَالَ حَتَّى مَاتَ فِي الْحُبِّ مُتْرَفِفِ
957
قصيدة