عدد الابيات : 17
كَأْسٌ إِذَا رَقَصَتْ بِمَا فِي جَوْفِهَا
أَحْيَا بِهَا رُوحِي وَقَلْبًا مُقْتَلَعَا
كَمْ رَاوَدَتْنِي عَنْ طَرِيقِي بَهْجَةً
مِثْلَ الْقَلُوصِ إِذَا تَهَادَى مُسْرِعَا
حَمْرَاءَ مِثْلَ الْفَجْرِ تُشْعِلُ حُبَّهَا
فِي مُهْجَتِي فَأَسِيرُ فِي دَرْبٍ سَمَا
كَأَنَّهَا بَرْقٌ يَلُوحُ لِصَاحِبٍ
يُعْطِي الْحَنِينَ إِلَى الْحَيَاةِ مُنْتَهَى
كَأَنَّهَا الْأُفُقُ الَّذِي يَبْكِي السَّنَا
فِي كَأْسِهَا نَارٌ تَسِيلُ كَمَا دَنَا
تَرْمِي الْجِبَالَ بِحُسْنِهَا وَتُذِيبُهَا
وَالرُّوحُ فِيهَا نَغْمَةٌ تَتَوَسَّمَا
هَزَّتْ مَشَاعِرَ عَاشِقٍ لَمْ يَنْثَنِ
حَتَّى تَرَاقَصَ كَأْسُهُ مُتَرَنِّمَا
شَبَّهْتُهَا وَالْقَلْبُ عَنْهَا خَاضِعٌ
بِالْقُلُصِ فِي الْمَيْدَانِ تَسْعَى مُغْرَمَا
حُبٌّ إِذَا لَامَسْتَهُ يُلْهِبُ الْجَوَى
كَالرِّيحِ تَقْسُو مَرَّةً ثُمَّ تَرْحَمَا
سَارَتْ كَسَيْرِ الْقَاصِدِ الْمُسْتَعْجِلِ
تُهْدِي الْحَنِينَ وَتُوقِظُ الْقَلْبَ الْعَمَا
فَتَمَايَلَتْ مِثْلَ الْجَمَالِ بِرَوْعَةٍ
تَدْرِي بِأَنَّ السَّيْرَ يُشْبِهُ أَحْصُنَا
فَالْعِشْقُ نَارٌ فِي الْقُلُوبِ مُوقَدٌ
يُحْيِي الْمَدَى إِنْ ضَاقَ عَنَّا وَأَظْلَمَا
كَأْسٌ إِذَا مَا سَالَ فِي جَوْفِ الْوَرَى
أَضْفَى عَلَى الرُّوحِ ارْتِقَاءً مُبْهَمَا
وَالسَّيْرُ فِي دَرْبِ الْمَحَبَّةِ سَافِرٌ
كَالسَّيْلِ يَجْرِي لَا يَهَابُ الْأَنْجُمَا
فَلَا الْقُلُوبُ تُلامُ إِنْ هِيَ هَزَّهَا
طَيْفٌ وَلَا الْأَرْوَاحُ تَبْقَى مُظْلِمَا
هَذِي الْمَعَانِي كَالْجِبَالِ شُمُوخُهَا
تَبْنِي الْمَجَازَ وَتَجْعَلُ الْحَرْفَ أَعْلَمَا
حَتَّى تَغَنَّى بِالشُّجُونِ مُتَيَّمٌ
قَدْ أَطْلَقَ الْأَوْزَانَ نَبْضًا مُتَرْجَمَا
1280
قصيدة