عدد الابيات : 27
يَا شَاعِرَ الْحُسْنِ، هَلْ لِلْحَرْفِ مِنْ وَطَنٍ
إِلَّا هَوَاكَ، وَإِلَّا الْعِشْقَ فِي الْوَتَرِ؟
أَنْتَ الَّذِي صُغْتَ مِنْ آلَامِنَا وَطَنًا
وَأَنْتَ مَنْ أَشْعَلَ الْأَحْلَامَ فِي السَّحَرِ
أَجَدْتُ عَزْفًا عَلَى الْأَوْجَاعِ، مُرْتَحِلًا
بَيْنَ الْحُرُوفِ كَأَنِّي الْحَائِرُ السَّفَرِ
يَا "نِزَارُ"، إِنْ قُلْتَ إِنَّ الْحُبَّ قَاتِلُنَا
فَقَدْ قَتَلْتَ بِهِ أَقْلَامَنَا بِالْأَسْرِ
أَنَا الَّذِي لَا يُهَادِنُ الْعِشْقَ إِنْ أَتَى
يَصُوغُ مَجْدًا عَلَى أَوْجَاعِهِ الْمُمِرِّ
مَنْ قَالَ إِنِّي سَأَكْبُو فِي غِيَابِكُمُ؟
الْحَرْفُ عِنْدِي كَجَمْرِ الثَّائِرِ الْمُسْتَعِرِ
أَسْتَعْذِبُ الْحُبَّ حَتَّى لَوْ تَكَسَّرَنِي
وَأَسْكُبُ الْحَرْفَ، كَالنَّهْرِ الَّذِي انْفَجَرْ
إِلَى نِزَارٍ، نَبِيِّ الْعِشْقِ وَالسِّحْرِ
يَا قُبْلَةَ الْحَرْفِ فِي عَرْشِ الدُّنَا الْعُذْرِي
عَلَّمْتَنَا كَيْفَ نَشْدُو فِي مَعَابِدِنَا
وَكَيْفَ نَرْسُمُ مِنْ أَشْوَاقِنَا الشِّعْرِ
كَتَبْتَ أُنْثَى، وَلَكِنِّي هُنَا أَكْتُبُ
مَا فَاقَ فِي الْحُسْنِ لُغْزَ الْوَرْدِ وَالزَّهْرِ
عَيْنَا حَبِيبَتِي، هَذَا الْحُسْنُ أُنْشُودَةٌ
لَوْ رَآهَا "نِزَارُ" خَابَ فِي السَّطْرِ
أَنَا الْعَاشِقُ الَّذِي أَكْتُبُ عَنْ جَمْرٍ
فَوْقَ الْجِرَاحِ، وَلَسْتُ أَهْرُبُ مِنَ الْقَدَرِ
يَا "نِزَارُ"، هَلْ رَأَيْتَ اللَّيْلَ مُبْتَسِمًا؟
يُحِيطُ بِالْخَدِّ كَالتَّاجِ عَلَى الدُّرَرِ؟
هَلْ حَدَّقْتَ يَوْمًا فِي رَبِيعِ الْحُسْنِ؟
يَزْهُو بِأَلْوَانٍ مِنَ السِّحْرِ عَلَى النَّهْرِ؟
حَبِيبَتِي فِي حُضُورِهَا تُعِيدُ لِلشَّمْسِ
نُورًا أَضَاءَ، وَأُرْجُوَانًا مَسَّ كُلَّ الذَّرِّ
وَشَعْرُهَا… آه، شَلَّالُ النُّجُومِ إِذَا
انْسَابَ فِي اللَّيْلِ كَالْعِشْقِ عَلَى الْوَتَرِ
كَأَنَّهَا مِنْ نِسَاءِ الْكَوْنِ أَجْمَلُهُنَّ
وَأَجْمَلُ الْوَصْفِ قَاصِرٌ عَنِ الْأَثَرِ
أَسْتَشْهِدُ الْآنَ، فِي عَيْنَيْكِ، يَا امْرَأَةً
مَا قَالَهُ "عُمَرُ" وَ"الْفَرَزْدَقُ" فِي الْعَصْرِ
أَرَاكِ فِي لَوْحِ شِعْرٍ قَدْ تَخُطُّهُ
يَدُ "الْمُتَنَبِّي" بِفَيْضِ الْعِزِّ وَالْفَخْرِ
جَمِيلَةُ الْبَوْحِ، هَلْ أَعْيَاكِ شَاعِرُنَا؟
أَمْ أَنَّ حُسْنَكِ فَوْقَ الْوَصْفِ وَالصُّوَرِ؟
يَا "نِزَارُ"، إِنْ كَانَ الشَّوْقُ يَصْرَعُنَا
فَشَوْقُ عَيْنَيْهَا نِيرَانٌ عَلَى الْجَمْرِ
أَحْكِي إِلَيْكَ الَّذِي لَمْ تُدْرِكْهُ قَافِيَتُكْ
أَوْ مَا تَهَجَّيْتَهُ فِي أَلْفِ سَطْرِ
أَنْتَ الَّذِي قُلْتَ: "حُبُّ الْأَرْضِ أُغْنِيَةٌ"
وَأَنَا الَّذِي قُلْتُ: "حُبُّ الْأَرْضِ يَا وَطَرِي"
يَا صَاحِبَ الْحَرْفِ، هَا قَدْ جِئْتُ أَسْبِقُكَ
وَأَزْرَعُ الْحُسْنَ فَوْقَ الزَّهْرِ وَالشَّجَرِ
هَذِي قَصِيدَتُنَا فِي الْحُبِّ، شَاهِدَةٌ
أَنَّ الْهَوَى رِحْلَةُ الْإِبْدَاعِ فِي الْبَشَرِ!
أَنَا الَّذِي حِينَ أُبْحِرُ فِي قَصَائِدِكُمْ
أَجَدْتُ غَوْصًا بِعُمْقِ الْبَحْرِ وَالدُّرِّ
يَا فَارِسَ الْحَرْفِ، قُلْ لِي: هَلْ رَأَيْتَ هُنَا
قَلْبًا يُقَاوِمُ زَلَازِلَ الْهَوَى الْبِكْرِي؟
1280
قصيدة