الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » دمشقُ تبكي.. والجراحُ تُنْشَد

عدد الابيات : 123

طباعة

أَبْكِي لِسُورِيَّةَ السَّلْمِ الَّتِي عَثَرَتْ

فِي ظُلْمَةِ الدَّهْرِ، حَيْثُ الْجُرْمُ مُنْتَشِرُ

بَكَتْ دِمَشْقُ، وَأَرْضُ الشَّامِ كُلُّهُمَا

وَالْأَرْضُ تَشْكُو دِمَاءً لَيْسَ تَنْحَسِرُ

يَا قَاتِلَ الشَّعْبِ، هَلْ تَدْرِي بِمَا اقْتَرَفَتْ

كَفُّ الْجِنَايَةِ؟ أَمْ أَعْمَاكَ مَا تَجُرُّ؟

بَدَأْتَهَا سِلْمِيَّةً تَرْجُو إِخَاءَكُمُ

فَكَانَ قَتْلُ الرِّضَى حُكْمًا بِمَا أَمَرُوا

فَالنَّارُ تَصْلَى بُيُوتَ السِّلْمِ، حَائِرَةً

وَالْقَهْرُ يَطْوِي جَنَاحَ الْعُودِ إِذْ زَهَرُوا

حَتَّى تَكَالَبَ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمُ

وَالنَّاسُ يَصْطَفُّ فِيهِمْ غَادِرٌ غَدَرُوا

إِيرَانُ جَاءَتْ بِزُورِ الْحَقِّ تَدَّعِي

وَالنَّارُ تُشْعِلُهَا فِي الشَّامِ، تَنْتَشِرُ

وَالرُّوسُ تُلْقِي عَلَى الشُّهْبِ الرَّدَى فَزِعًا

بِاسْمِ السَّلَامِ، وَحُكْمُ الْبَاطِلِ الْغَدِرُ

وَالشَّعْبُ يَصْرُخُ فِي كُلِّ السَّبِيلِ أَلَمًا

وَمَا أَغْنَتْ نِدَاءَاتُهُ، إِنَّ الْعَدُوَّ يَكِرُ

أَرْبَعَةَ عَشْرٍ مَضَتْ وَالثَّوْرَةُ انْتَصَرَتْ

وَالنَّصْرُ يَسْطَعُ، فِي الْآفَاقِ يَنْتَثِرُ

قَالَتْ: "اذْهَبُوا أَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ فَارْتَحِلُوا

لَا حِقْدَ يُحْكَمُ، لَا غِلٌّ وَلَا وَتَرُ"

ثُمَّ ارْتَدَى زُورَ أَهْلِ الْحَقِّ مُنْتَحِلٌ

وَسَوَّقَ الْفِتَنَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي عَمَرُوا

حَتَّى عَصَفْنَا بِكُلِّ الْكَيْدِ مُبْتَسِمًا

وَقُلْنَا: يَا زَمَانَ الْقَهْرِ، انْدَحِرُوا

هَذِي الدِّيَارُ، وَلَا حَرْبٌ تُفَرِّقُنَا

بَلْ يَجْمَعُ الْحَقُّ مَنْ شَرَّدْتَهُمُ قُدَرُ

هَذِي الْحُرُوبُ، وَكُلُّ الْكَوْنِ يَعْلَمُهَا

فِي سُورِيَةَ، كَتَبَتْهَا الرِّيحُ وَالسُّوَرُ

أَيُّ السَّلَامِ؟ وَهَلْ فِي الْقَهْرِ مُتَّسَعٌ

إِذْ قَالَ كُلُّ شَرِيفٍ: لَا غَدْرٌ وَلَا عُذُرُ

يَا نَاصِرَ الْبَاطِلِ، اسْتَثْقِلْ مَقَاعِدَكُمْ

فَإِنَّنَا الْأَحْرَارُ غَيْرُ مَا تَزْعُمُهُ بَشَرُ

يَا مَنْ تَكَالَبَ فِي أَرْضِي لِيُدْمِنَهَا

بِسَيْفِ زُورٍ، سَيُرْدِي كَيْدَهُمُ قَدَرُ

هَذِي الْمَعَالِي، وَهَذِي الْأَرْضُ عَائِدَةٌ

وَالنَّصْرُ مَوْعِدُنَا، إِنْ جَارَ مَنْ غَدَرُوا

أَيَا زَمَانَ الرَّدَى، قَدْ أُزْهِقَتْ حُجَجُ

لِلظُّلْمِ كَانَتْ وَأَحْدَاثُ الدِّمَا تَذِرُ

كَمْ صَارَتِ الشَّامُ بَحْرًا فِي جَنَاحِ أَسًى

تُجْرِي سَفِينَ الْقَضَا يَطْوِي بِمَا أَمَرُوا

يَا شَامُ، هَلْ غَابَ عَنْكِ الصُّبْحُ؟ مَا سَكَنَتْ

رِيحُ الدُّمُوعِ، وَمَا جَفَّتْ لَكِ الْعُصُرُ

هَلْ غَابَ عَنْكِ نِدَاءُ الْحُقْنِ مُبْتَهِلًا؟

وَالنَّارُ تَأْكُلُ مِنْ جَسْمِ الْأَرَاضِي ظُفُرُ

يَا قَاتِلَ الشَّعْبِ، كَمْ أَسْرَجْتَ مِنْ فَزَعٍ

لِيَكْبُرَ الْجُرْحُ، وَالْأَحْرَارُ بِالصَّبْرِ تَنْتَظِرُ

حَتَّى تَحَالَفَتِ الدُّنْيَا بِمُؤْتَمَرٍ

وَحَشَّدُوا الْحَرْبَ، وَالْأَعْدَاءُ تَفْتَخِرُ

جَاءَتْ جُنُودُ الرَّدَى مِنْ كُلِّ أَوْجُهِهِمْ

بِسَيْفِ زُورٍ، وَسُمْرِ الْمَوْتِ تَنْتَثِرُ

إِيرَانُ تَزْحَفُ كَالْأَفْعَى بِزَخْرَفِهَا

وَالرُّوسُ تَحْمِلُ نَارًا لَيْسَ تَنْكَسِرُ

بُوتِينُ جَاءَ بِجُنْدِ الْحِقْدِ مُغْتَسِلًا

بِالزُّورِ يَطْمَعُ أَنْ يَحْنُوَ لَهُ الْقَدَرُ

وَالشَّعْبُ يَصْرُخُ فِي الْأُفْقِ انْتِفَاضَتَهُ

وَالرِّيحُ تَحْمِلُهُ، وَالطُّغْيَانُ يَنْتَثِرُ

أَرْبَعَةَ عَشْرٍ مَضَتْ وَالشَّمْسُ مُشْرِقَةٌ

وَالنَّصْرُ يَزْهُو بِأَكْفَانِ الَّذِينَ غَرُّوا

قَالَتْ: "اذْهَبُوا، أَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ

فَالْيَوْمَ عَفْوُكُمُ، لَا غِلَّ يَنْحَصِرُ"

وَالدَّهْرُ يَعْرِفُ أَنَّ الْعِزَّ فِي يَدِنَا

وَالْمَجْدُ يَشْهَدُ أَنَّ النَّصْرَ مُفْتَخَرُ

لَكِنْ أَتَتْهُمْ أَيَادٍ فِي خَفَائِهِمُ

يَصْطَادُهُمْ حَسَدٌ، وَالْغِلُّ مُسْتَعِرُ

يَا زَارِعِينَ فِي الْأَرْضِ الْخُصَامَ، أَلَا

تَدْرُونَ أَنَّ أَسَاسَ الظُّلْمِ مُنْدَثِرُ؟

مَهْمَا حَشَدْتُمْ جُنُودَ الْغَيْلِ فِي دَمِنَا

فَالْحَقُّ أَبْقَى، وَكَيْدُ الظُّلْمِ يَنْحَسِرُ

مَهْمَا سَعَيْتُمْ بِفِتْنَتِكُمْ، فَلَا عَجَبٌ

إِنْ زَالَ حُكْمُ الطُّغَاةِ السُّودِ، وَانْتَصَرُوا

هَذِي الدِّيَارُ، وَكُلُّ الْأَرْضِ تَشْهَدُهَا

إِنَّ الْعُلَا مَنْزِلٌ، وَالصِّدْقُ بَاقٍ مُفْتَخَرُ

وَالشَّامُ تَسْأَلُ فِي لَيْلِ الظُّلُومِ هَلَا

أَفْلَحْتُ يَوْمًا؟ أَمِ الْأَحْلَامُ تَنْدَحِرُ؟

تَسْتَجْدِي النَّصْرَ مِنَ الرَّحْمَنِ فِي أَمَلٍ

وَالطُّغْيَانُ فِي غَيِّهِ أَشْوَاكُهُ تَزْدَهِرُ

مَا أَذْنَبَتْ، غَيْرَ أَنَّ الْحَقَّ كَانَ لَهَا

زَهْرًا تَسَامَى، وَفِي أَحْضَانِهِ ثَمَرُ

حَتَّى أَتَاهَا جُنُودُ الْغَدْرِ فِي غَسَقٍ

مِنْ كُلِّ فَجٍّ، وَنَارُ الْبَغْيِ تَسْتَعِرُ

فَالشَّامُ تَبْكِي عَلَى أَطْلَالِ مَجْدِهَا

وَالرِّيحُ تَرْثِي رُبُوعًا أَجْدَبَتْ سُوَرُ

أَحْرَاقُهَا بَاتَتِ الْأَفْقَاسَ تَسْتَرِقُ

وَالنَّجْمُ يَشْهَدُ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ غُبِرُوا

وَالْأَرْضُ تُدْنِي حُطَامَ الدَّارِ فِي حَسَرٍ

كَأَنَّهَا بَعْدَ صَدْمَاتِ الرَّدَى قُبِرُوا

أَيَا إِيرَانُ، مَتَى يَأْفُلْ ظُلَامُكُمُ؟

قَدْ جِئْتُمُ تَحْمِلُونَ السُّمَّ تَنْتَصِرُوا

أَجَّجْتُمُ النَّارَ فِي أَرْضِ الْعُرُوبَةِ، هَلْ

تَدْرُونَ أَنَّ الْجُرُوحَ الْعُرْبَ تَجْتَذِرُ؟

يَا رُوسُ، أَيُّ قَتِيلٍ كَانَ يَشْكُرُكُمْ؟

قَدْ جِئْتُمُ بِالْقَذَى وَالْمَوْتُ يَنْحَدِرُ

بُوتِينُ، قَدْ جَاءَ يَحْمِي عَرْشَ طَاغِيَةٍ

كَأَنَّمَا الْبَطْشُ فِي دُسْتُورِهِ شَرَرُ

وَالشَّعْبُ يَصْرُخُ فِي وَجْهِ الرَّدَى صَبْرًا

لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي نَصْرِهِ أَثَرُ

يَا نَفْسُ، قُومِي إِلَى حَقٍّ تُزَاحِمُهُ

نَفْسُ الْعَصَافِيرِ فِي سَاحَاتِهِ تُدَرُ

أَرْبَعَةَ عَشْرٍ أَضَاءَتْ بَعْدَ ظُلْمَتِهَا

وَالنَّصْرُ أَصْبَحَ فِي أَرْضِ الْوَغَى قَمَرُ

"اذْهَبْ فَأَنْتَ الطَّلِيقُ الْيَوْمَ"، هَتَفَتْ

بِهِ أَرْوَاحُ شَامٍ، وَهَذَا النَّصْرُ مُفْتَتَرُ

لَكِنْ أَتَتْهُمْ يَدٌ غَدَّارَةٌ سَرِقَتْ

فَرْحَ الْمُنَاصِرِ، وَالْأَحْقَادُ تَنْتَشِرُ

فَاحْذَرْ دُخَانَ الْفِتَنِ، إِنْ لَمْ تُطَهِّرْهُ

صَارَ السَّرَابُ نَهَرًا فِيهِ مَا عَكَرُوا

وَاصْبِرْ عَلَى كَيْدِهِمْ، فَالْحَقُّ مَنْزِلُهُ

فَوْقَ السَّحَابِ، وَبَاغُوهُ الَّذِينَ غَرُّوا

سَأَسْتَمِرُّ بِذِكْرِ الْمَجْدِ أُحْكِمُهُ

فِي سِلْكِ شِعْرٍ بِهِ الْآيَاتُ تُزْدَهِرُ

لَكِنَّ شَامِي بَدَتْ تَشْكُو جِرَاحَتَهَا

وَالْحِقْدُ يَنْسِجُ فِي أَرْضِ الْهَوَى وَتَرُ

فَمَنْ يُرَاوِدُهَا عَنْ عِزِّ صَاحِبِهَا؟

هَلْ يُدْرِكُ السَّيْفَ مَنْ قَطَّاعُهُ ظُفُرُ؟

أَرْضٌ كَأَنَّ الدُّنَا قَدْ شُقَّ مَسْكَنُهَا

وَالْحُسْنُ فِي حُضْنِهَا يَسْبَحُ وَيَنْتَشِرُ

قَدْ جَاءَ غَاصِبُهَا كَالذِّئْبِ يَسْتَتِرُ

وَالنَّارُ تَأْكُلُ أَطْرَافًا أَحْرَارًا بِهَا سُمِرُوا

حَتَّى إِذَا طَغَى الْبَغْيُ الَّذِي احْتَدَمَتْ

أَنْفَاسُهُ، وَتَحَالَتْ بِالْغَدْرِ زُمْرَةٌ زُمَرُ

قَالَتْ لَهُ الشَّامُ: مَهْلًا إِنَّنِي قِمَمٌ

وَأَنْتَ فِي الْقَاعِ، لَا يَعْنِيكَ مَا ظَهَرُوا

أَمْهَلْتُكُمْ زَمَنًا، لَكِنَّ صَبْرِيَ شَجٌّ

لَا يَحْتَمِلُ الْغَدْرَ، إِنَّ الْحَقَّ جَلِيٌّ مُقْتَدِرُ

وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي الصَّدْرِ مِنْ كَمَدٍ

يَشْتَدُّ حَتَّى يُرَى كَالْأُفُقِ وَعْدٌ يَنْفَطِرُ

يَا مَنْ تَآمَرْتُمُ، إِنِّي أَرَى شُعَلًا

تَشْبُو بِدَاخِلِكُمْ، نَارًا تَأْكُلُ مَا تَذَرُ

هَلْ تَحْسَبُونَ نُجُومَ الْحَقِّ مُطْفَأَةً؟

كَذَا السَّرَابُ، إِذَا فِيهِ الْحُقُوقُ تُدَرُّ

إِيرَانُ، مَا جِئْتِ إِلَّا فِي نَهَمٍ

مِثْلُ الْجَرَادِ، إِذَا الْأَحْرَارُ تَنْدَثِرُ

وَالرُّوسُ، مَا فَازَ سَيْفٌ كَانَ مَأْجُورًا

يَسْتَعْمِلُ الْمَكْرَ إِنْ كَانَ الْوَغَى سِيرُوا

أَمَّا الشُّهَدَاءُ، فِي الْأَعْمَاقِ ذِكْرَتُهُمْ

مِنْهُمْ تُشَيَّدُ أَرْوَاحٌ أَمْجَادٌ وَتَنْتَصِرُ

وَالشَّامُ، بَاقِيَةٌ كَالنُّورِ إِذْ لَمَعَتْ

وَالْأَرْضُ، تَشْهَدُ لِلْأَحْرَارِ مَا ظَفِرُوا

فَالنَّصْرُ آتٍ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ

وَالشَّمْسُ تُشْرِقُ، وَالْأَمْلَاكُ تَنْكَسِرُ

إِنِّي أُرَاوِدُ عَنِ الشِّعْرِ الَّذِي غَرَسَتْ

يَدُ الْكَرَامَةِ فِيهِ الْأَرْضَ وَانْتَشَرُوا

فَلْيَعْلَمِ الْعَالَمُ، الشَّامُ قَائِلَةٌ:

هَذَا الْوُجُودُ لَنَا، وَالْكَوْنُ يَفْتَخِرُ

سَأَسْتَمِرُّ، وَفِي الْأَلْبَابِ لَهْفَتُنَا

تَسْرِي كَمَا سَرَتِ الْأَرْوَاحُ تُنْتَظَرُ

لَا زَالَ فِي الشَّامِ دَمْعٌ لَمْ يُجَفِّفْهُ

عَصْرٌ تُفَجِّرُهُ الْأَحْدَاثُ وَالْغِيَرُ

قَدْ أَسْلَمَتْهَا إِلَى الطُّغْيَانِ زُمْرَتُهُ

تَخْطُو كَأَنَّ مَصِيرَ الْعَالَمِ الْخَطَرُ

يَا مَنْ تَجَبَّرْتُمُ، هَلْ يُنْجِدُ الظُّلُمَاتِ

مِنْ بُهُمِ الْخَلْقِ إِلَّا نَاصِرٌ أَشَرُ؟

أَمْ تَحْسَبُونَ صَبِيًّا فِي جِهَادِكُمُ

لَا يُشْعِلُ الْحَرْبَ حِينَ السَّيْفُ يَنْفَطِرُ؟

هَذِي الْبِلَادُ، إِذَا أَرْوَاحُهَا سُحِقَتْ

فَالرُّوحُ فِيهَا كَنَبْضِ الْبَحْرِ تَزْدَئِرُ

تَمُدُّ يَدَيْهَا لِسَارِيهَا، فَيَنْقَطِعَتْ

أَحْبَالُ مَنْ طَمَعُوا، فَالْقَوْمُ مُنْتَصِرُ

إِذَا اشْتَدَّ الْجَوْرُ، قَامَ السَّيْفُ فِي يَدِنَا

يُذْكِي اللَّهُوبَ، وَتَجْلُو نَفْسَهُ الصُّوَرُ

هَذِي الرُّبَى شَاهِدَاتٌ أَنْتِ عِزَّتُنَا

يَا شَامُ، فِي زَمَنٍ بِالْحُزْنِ يَنْفَجِرُ

أَرْضٌ يُقَاتِلُهَا الطُّغْيَانُ، فَارْتَفَعَتْ

فَوْقَ النُّجُومِ، وَقَدْ صَالَتْ بِهَا الْبَشَرُ

إِيرَانُ تَغْزُو، وَمِنْ أَحْشَائِهَا خَبَثٌ

كَالنَّارِ تَحْرِقُ كُلَّ الْيَابِسِ الْمَدَرُ

وَالرُّوسُ تُشْعِلُهَا نَارًا بِحِيلَتِهَا

وَالطُّغْيَانُ يَفْرِضُ فِي أَرْضِ الْوَغَى وَزَرُ

لَكِنْ أَتَى الْيَوْمُ، إِذْ أَحْرَارُنَا ظَهَرُوا

يَسْعَوْنَ فِي مَجْدِهِمْ، وَالنَّصْرُ يُبْتَكَرُ

بَعْدَ السِّنِينَ، أَتَتْ بِالنَّصْرِ مَعْرَكَةٌ

مِنْهَا يَكُونُ لِطُهْرِ الْحَقِّ مُفْتَخَرُ

وَالشَّامُ، أُنْشُودَةُ التَّارِيخِ، تَرْفَعُهَا

رُوحُ الشُّهَدَاءِ، فِي الْعَلْيَاءِ تَسْتَقِرُّ

مَا زَالَ فِي الْعُرْبِ مَنْ غَدْرٌ يُشَوِّهُهُمْ

وَالشَّامُ تَعْلُو، وَهَذِي الْوَحْشَةُ الْعِبَرُ

إِنَّ السَّلَامَ، إِذَا مَا شِئْتَهُ، أَتَى

بِالْحَقِّ يَسْقِيكَ، لَا خَوْفٌ وَلَا كَدَرُ

فَاصْعَدْ إِلَى الْمَجْدِ، إِنَّ الْحُرَّ غَايَتُهُ

فَوْقَ السَّمَاءِ، وَفِي الْإِصْرَارِ مُنْتَصِرُ

سَأُكْمِلُ الْحَرْفَ، فِي الْأَلْبَابِ مَوْجَتُنَا

تَحْدُو الْفُؤَادَ كَمَا يَحْدُو بِهِ السَّمَرُ

يَا أَرْضَ شَامٍ، كَمَا الْأَحْلَامُ تُبْتَعَثُ

مِنْ كُلِّ جُرْحٍ لَكِ التَّارِيخُ يَفْتَخِرُ

مَا انْهَارَ شَعْبٌ رَمَتْهُ الظُّلْمُ نَكْبَتُهُ

إِلَّا وَقَامَ كَمَا الطَّوْدِ الَّذِي زَأَرُوا

نَحْنُ الْبَقَايَا الَّتِي لِلْحَقِّ قَامَتْ، وَمَا

تُبْقَى الظُّلُومَةُ إِلَّا أَمْسَهَا الْغَبِرُ

مَا خَابَ حُرٌّ بِحَبْلِ الْحَقِّ يَعْتَصِمُ

وَالْحَقُّ مِيزَانُهُ، يَوْمًا سَيَنْتَصِرُ

قَدْ جَاءَ فَجْرٌ، وَمِنْ أَطْيَافِهِ بُشَرٌ

يَسْرِي عَلَى الْأَرْضِ، بِالْأَعْمَاقِ يَسْتَتِرُ

قَدْ خَانَتِ الْعُرْبُ أَحْرَارًا، فَكَمْ غُرِسَتْ

سِكِّينُهُمْ فِي فُؤَادِ الْحُرِّ، وَانْكَسَرُوا

أَرْضِي تُنَادِي: "أَلَا يَا حُرَّنَا قُومُوا

فَالْمَجْدُ يَطْلُبُكُمْ، وَالدَّهْرُ يَعْتَذِرُ

مِنْ كُلِّ طَاغٍ، إِلَى الْأَحْرَارِ أَصْدَاءُ

تَرْتَدُّ، فَالنَّصْرُ بِالْإِيمَانِ يُقْتَفَرُ

وَالشَّامُ بَاقِيَةٌ، تَسْتَصْرِخُ الْعَرَبَا

وَتُرْسِلُ الدَّمْعَ فِي أَعْيَانِ مَنْ ذَكَرُوا

قَدْ جَاءَ يَوْمٌ بِهِ الْآثَامُ تَسْتَتِرُ

وَالْقَاتِلُونَ عَلَى أَعْتَابِهِ حُصِرُوا

لَا بُدَّ أَنْ يُنْتَزَعَ الْحَقُّ مِنْ ظُلَمٍ

وَالشَّامُ تَفْخَرُ، وَالْأَحْرَارُ تَفْتَخِرُ

أَرْضُ السَّلَامِ، وَمَنْ بِالسَّلْمِ حَلَمُوا

مَا زَالَ حُلْمُهُمُ الْمَنْسُوجُ مُنْتَشِرُ

إِنَّ السَّلَامَ لِمَنْ بِالصِّدْقِ مَرْكَبُهُ

وَمَنْ غَدَرْتُمْ، فَفِي أَعْمَاقِكُمْ شَرَرُ

يَا شَامُ، قَامَتْ لَكِ الْأَرْوَاحُ، فَانْتَصِرِي

وَالدَّهْرُ يُمْنَحُ مَنْ بِالْحَقِّ يَزْدَدِرُ

أَكْمَلْتُ حَرْفِي، وَفِي الْأَرْوَاحِ مَسْكَنُهُ

فَاقْرَأْ كَمَا قَرَأَ الْأَحْرَارُ، وَاعْتَبِرُوا

حُرِّيَّةُ الشَّامِ تُنْدِي الْجُرْحَ وَالسَّقَرَ

تَحْتَ الظَّلَامِ وَقَدْ أَحْيَتْ لَهَا قَدَرُ

نَادَتْ بِصَوْتِ الْكَرَامَاتِ الَّتِي سَكَنَتْ

قَلْبَ الزَّمَانِ، وَأَوْقَادَتْ لَهُ السُّعَرُ

قَامَتْ كَمَا يَقُومُ السَّيْلُ مُكْتَسِحًا

طَوْدَ الْخِيَانَةِ، لَا يَخْشَى وَلَا يَضَرَرُ

قَامَتْ كَمَا النَّارُ فِي أَعْطَافِ مَوْقِدِهَا

تَسْتَلُّ مِنْ جَذْوَةِ الْإِحْرَاقِ مُنْتَصِرُ

حَتَّى إِذَا نَفَرَتْ أَرْوَاحُهُمْ رَهَبًا

قَالَتْ لَهُمْ: "عُودُوا إِنْ شِئْتُمُو نَذَرُوا

نَحْنُ الَّذِينَ إِذَا قَاسَيْنَا جَرَائِرَكُمْ

قُلْنَا لِلدَّيَّانِ: خُذِ الطُّغْيَانَ مُنْكَسِرُ

مَا زَالَ فِي صَدْرِنَا نَبْضٌ يُنَاضِلُهُمْ

وَمَا بَقَى فِي أَيَادِيهِمْ سِوَى حَجَرُ

هَذَا الزَّمَانُ يُرِيكُمْ كَيْفَ يَحْتَكِمُ

لِلْحَقِّ، يَحْمِلُ أَعْلَامَ الْهُدَى ظَفَرُوا

يَا أَرْضَ شَامٍ، أَلَا بُشْرَاكِ مَزْهَرَةً

بِكُلِّ أَرْضٍ سَيَأْتِيكِ الرِّضَى مَطَرُ

قَدْ أَخْفَقَ الْمُجْرِمُونَ، الذُّلُّ مُنْهَجُهُمْ

وَمَا سَمَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَا أَثَرُ

فَاسْتَبْشِرِي، وَاسْتَقِرِّي فِي جَبِينِكِ

مِصْبَاحُ حُرِّيَّةٍ يَسْتَفْرِغُ الْجَوْرُ

إِنِّي أُرَتِّلُ فِي أَحْرُوفِي قَصَائِدَكُمْ

وَالرُّوحُ تُنْشِدُ فِي أَفْنَائِكُمْ سِيرُ

كَمْ خَانَكُمْ زَمَنٌ غَدَّارُهُ فَجِعٌ

وَأَظْلَمَتْ فِيهِ أَرْكَانٌ لَهَا صُوَرُ

لَكِنَّ صَوْتَ الْحَقِّ يَبْقَى خَالِدًا أَبَدًا

وَيُطْفِئُ الْبَاطِلَ الْمُرْتَابَ إِنْ ذَكَرُوا

يَا ثَوْرَةَ الْحُرِّ، هَذَا الْوَقْتُ مُعْتَرَكٌ

فَاحْمِلْ سِيَاسَتَهُ بِالصِّدْقِ مُنْتَصِرُ

وَامْضِي بِهَا، فَالسَّمَاءُ الْيَوْمَ تُنْصِفُكُمْ

وَالْعَرَبُ تَرْجُو بِأَحْلَامِ النُّهَى عَبَرُوا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

941

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة