عدد الابيات : 21
أَبَتْ مُقْلَتِي إِلَّا الدُّمُوعَ عَلَى الْخَدِّ
وَحُقَّ لَهَا جَرْيُ الدُّمُوعِ بِالْوَجْبِ
وَجَفَّ لِسَانِي فِي رِثَائِكَ خَاشِعًا
وَمَا نَطَقَتْ إِلَّا بِحُزْنٍ لَكَ يَا أَبِي
رَأَيْتُ الْمَنَايَا حِينَ جَاءَتْكَ غَادِرًا
تُرَاوِدُ جِسْمًا كَانَ صَرْحًا مِنَ الصَّخْبِ
فَمَا انْفَكَّ طَيْفُكَ فِي فُؤَادِي سَاكِنًا
وَمَا كَانَ إِلَّا كَالضِّيَاءِ بِالدُّرُبِ
سَأَبْكِيكَ حَتَّى يَبْلُغَ الدَّمْعُ مُنْتَهَى
وَيَعْلُو بِالرِّيحِ ذَبُولٌ بِالْعُشْبِ
وَأَنْظُرُ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ زَاهِيَةً
فَلَا شَيْءَ إِلَّا صَمْتٌ يَشْكُو الْجُدْبِ
فَذِكْرَاكَ أَطْيَافٌ تَدُورُ بِخَاطِرِي
وَتَسْرِي كَمَا يَسْرِي نَسِيمٌ بِالْعُقْبِ
فَيَا أَيُّهَا النَّجْمُ الَّذِي كَانَ مُشْرِقًا
بِوَجْهِكَ بَاتَ اللَّيْلُ حُلَكَ السُّحْبِ
أَيَسْلُو فُؤَادِي بَعْدَ فَقْدِكَ مُذْهَلًا
وَالدَّمْعُ لَمْ يَزَلْ غَارِقَ الدَّرْبِ
وَمَنْ لِي بِحُلْمٍ فِي الْأَمْسِ وَاحِدًا
وَصَارَ رَمَادًا فِي الرِّيحِ بِالتُّرْبِ
فَأَنْتَ الَّذِي بِالرِّفْقِ كُنْتَ مُتَوَّجًا
وَكَيْفَ يُطَاوِلُ الرِّجَالُ الشُّهْبِ
عَلَى عَهْدِكَ الْأَيَّامُ كَانَتْ غَانِيَّةً
فَلَمَّا غِبْتَ اسْوَدَّ لَوْنُهَا بِالْكُرْبِ
وَكَمْ كَانَ بَيْتُكَ مُزْدَهِيًا بِوِصَالِهِ
وَحِينَ فَقَدْنَاكَ غَادَرَ ضَوْءُ الْغُرَبِ
مَا حُجَّةُ الْعَيْنِ الَّتِي بَكَتْ حُزْنًا
وَمَا حِيلَةُ صَبْرٍ ذَابَ فِي الْحُبِّ
أَلَمْ تَتَذَكَّرْ كَيْفَ كُنْتَ لَنَا سَنًا
وَكَيْفَ كُنَّا نَحْتَفِي بِكَ فِي الْعُجْبِ
فَإِنْ غِبْتَ عَنَّا فَالْمَكَانُ مُوَحَّشٌ
وَإِنْ حَضَرَ الطَّيْفُ شَدَدْنَاهُ مِنْ حُبٍّ
وَمَا كَانَ هَذَا الْعُمْرُ إِلَّا دَقَائِقًا
تَدُورُ وَتَسْقِي الْعَيْشَ مُرًّا الْعَتْبِ
وَلَكِنِّي لَنْ أَسْلُوَ الذِّكْرَ مَا حَيِيتُ
وَسَيَّانِ عِشْنَا الْمَدَى أَوْ فِي قُرْبِ
فَلِلَّهِ دَرُّ الْمَوْتِ يَأْتِينَا بَغْتَةً
فَيَسْلُبُ مَنْ نَهْوَى وَيَسْكُنُ الْجَنْبِ
فَلَا صَوْتَ إِلَّا الدَّمْعُ يُسْمِعُ صَخْبَهُ
وَلَا نَفْسَ إِلَّا فِي الضُّلُوعِ بِالشَّحْبِ
1036
قصيدة