عدد الابيات : 37
أَنْتِ الْجَمَالُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ ازْدَهَرَا
وَأَنْتِ نَبْعُ الْهَوَى يَا سَاحِرَ النَّظَرَا
لَكِ الْبَهَاءُ إِذَا مَا أَقْبَلَتْ مَلِكًا
تَسْبِي الْقُلُوبَ، وَتَرْمِي بِالْهَوَى سِحْرَا
يَا مَنْ بِحُسْنِكِ فِي كُلِّ الْبِلَادِ غَدَتْ
أُسْطُورَةً فِي الْهَوَى يَا دُرَّةَ الْبَشَرَا
قَدْ زَانَكِ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ السَّمَا حُسْنًا
وَفَاحَ طِيبُكِ فِي الْأَفْنَانِ كَالزَّهَرَا
فَإِنْ نَطَقْتِ تَسَاقَتْ عَذْبَةٌ كَلِمٌ
كَمَا تَسَاقَتْ قُطُوفُ الرُّطْبِ بِالثَّمَرَا
يَا مَنْ رَمَاكِ الْهَوَى فِي خَافِقِي سِهَمًا
فَأَصْبَحَ الْقَلْبُ يَشْكُو مِنْكِ لِلْقَدَرَا
أَنْتِ الَّتِي فِيكِ جَلَّ الْحُسْنُ مُزْدَهِرًا
وَفَاضَ مِنْكِ ضِيَاءُ الْبَدْرِ وَازْدَخَرَا
أَنْتِ الْمَلِيكَةُ فِي أَرْضِ الْغَرَامِ، وَمَنْ
بِهَا تَغَنَّى الْهَوَى لَحْنًا وَقَدْ سَحَرَا
لَكِ الْعُيُونُ الَّتِي فِي اللَّيْلِ مُبْهَمَةٌ
كَأَنَّهَا سِحْرَةٌ أَغْرَتْ كُلَّ مَنْ نَظَرَا
وَفِي ثَنَايَاكِ بَدْرُ الشَّوْقِ مُكْتَمِلٌ
يَسْبِي الْقُلُوبَ وَيُذْكِي بِالْهَوَى سُعَرَا
أَنْتِ النَّسِيمُ الَّذِي فَاحَتْ نَدَاهُ حُلَى
مِنْ جَوْفِ أَحْلَامِنَا، يُزْهِي بِمَا انْبَهَرَا
لَوْلَاكِ مَا انْشَرَحَتْ أَرْبَاضُ قَافِيَتِي
وَمَا تَغَنَّى الْفُؤَادُ الْعَذْبُ مُنْتَشِرَا
لَوْلَاكِ مَا حَلُمَتْ أَشْعَارُنَا زُمَرَا
وَمَا تَرَنَّحَتِ الْحُرُوفُ مُزْدَهِرَا
أَنْتِ الْبَهَاءُ الَّذِي فِي كَفِّهِ قَمَرٌ
يَجُودُ بِيَاقُوتِهِ وَالدَّهْرُ قَدْ غَفَرَا
أَنْتِ انْبِثَاقُ الصَّبَاحِ الْبَاهِرِ انْبَجَسَتْ
مِنْكِ السَّمَاوَاتُ أَلْوَانًا لِمَنْ أَبْصَرَا
حُورِيَّةٌ أَنْتِ فِي سُكْنَاكِ مُلْتَحِفَةٌ
بِالنُّورِ تَسْبِي الْعُيُونَ الْبِيضَ وَالسُّفَرَا
كَمْ زَهْرَةٍ فِي مَدَى عَيْنَيْكِ قَدْ أَثْمَرَتْ
حُبًّا، فَأَشْرَقَتِ الْأَحْلَامُ مِنْهَا وَانْبَهَرَا
إِنِّي أَشُمُّ رَحِيقَ الْعِشْقِ فِي شَفَتَيْكِ
وَأَسْتَلِذُّ مِنَ الْأَشْوَاقِ كُلَّ مَا احْتَضَرَا
يَا نَجْمَةً فِي سَمَاءِ الْعِشْقِ تَتَّقِدُ
تَسْقِي الْقُلُوبَ هَنَاءً نَاعِمَ الْمَطَرَا
يَا مَنْ أَطَلْتِ عَلَى الدُّنْيَا بِأُعْجُوبَةٍ
وَأَذْهَلْتِ عَصْرَ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ الْأُخَرَا
عَيْنَاكِ تَسْكُنُ فِيهَا كُلُّ أُغْنِيَةٍ
وَتَرْسُمُ الْبَهْجَةَ الْكُبْرَى لِكُلِّ مَنْ نَظَرَا
وَمَا أَنَا إِلَّا شَرِيعٌ فِي رُبُوعِكِ مَسَّتِهِ
رِيَاحُ حُبٍّ تَرَى الْأَحْلَامَ بِهِ قُصِرَا
لَوْلَاكِ مَا ضَحِكَتِ الْأَشْعَارُ فِي طَرَبٍ
وَمَا تَنَاغَمَ اللَّحْنُ بَيْنَ الْوَتْرِ وَالْوَتَرَا
قَدْ كُنْتِ أُعْذُوبَةَ الْأَيَّامِ فِي نَظَرِي
فَكَيْفَ أَنْسَاكِ وَالدُّنْيَا بِهَا انْصَهَرَا
يَا مَنْ تَفَتَّحَ فِي أَحْضَانِكِ الزَّهَرُ
وَغَابَ فِي حُسْنِكِ الْإِبْدَاعُ وَالصُّوَرَا
أَنْتِ الْجَمَالُ إِذَا مَا الْفَجْرُ قَابَلَهُ
وَجْهُكِ فَازْدَانَ مِنْهُ النُّورُ وَانْتَشَرَا
وَالشَّمْسُ تُهْدِي ضِيَاءً مِنْ خَمَائِلِهَا
لِخَصْرِكِ الْمُنْسَابِ كَالْقَمَرِ مُنْحَسَرَا
أَنْتِ الْحَيَاةُ، وَفِي أَرْضِ الْهَوَى مَلَكٌ
يَسْتَفْتِحُ الْعُمْرَ بِالْآمَالِ وَالْحُبِّ وَالْبَشَرَا
هَيَّجْتِ قَلْبِي وَفِي الْأَضْلَاعِ مَوْجَتُهُ
تَغْرِقُ الْوَجْدَ إِذَا طَالَتِ الْأَشْوَاقُ وَالْفِكَرَا
فَكَيْفَ أَهْرُبُ مِنْ حُبٍّ أَسِيرُ بِهِ
وَأَنْتِ بَيْنَ ضُلُوعِي تَسْكُنِينَ رَوَابِي الْقُرَى
يَا مَنْ سَكَنْتِ فُؤَادِي كَيْفَ أَصْرِفُهُ
عَنْ مُهْجَةٍ تَحْتَوِي أَحْلَامَ كُلِّ مَنْ سَحَرَا
أَنْتِ السَّبِيلُ إِذَا ضَاعَتْ مَسَافَتُنَا
وَالْبَحْرُ إِذْ تَاهَ بِأَمْوَاجِهِ التَّرْحَالُ وَالسَّفَرَا
تَسْبِي الْعُقُولَ بِلَحْظٍ مَاهِرٍ خَلَّبَ
فَأَنْتِ شَاهِدَةُ الْأَزْمَانِ وَالْعِشْقِ وَالْعُمُرَا
يَا مَنْ يَسِيرُ إِلَيْكِ الْحُبُّ فِي خَجَلٍ
يَحْتَارُ فِي وَصْفِكِ الشُّعْرُ قَوَافِيًا وَنَثَرَا
لَمْ يَبْقَ فِي الْقَلْبِ إِلَّا نَبْضُكِ انْتَفَضَتْ
لَهُ الْجَوَارِحُ حُبًّا حَقًّا صَادِقًا وَذَرَا
وَالنَّفْسُ تَهْتِفُ فِي شَوْقٍ لِتَسْكُنَهَا
عَيْنَاكِ، أَيَّتُهَا السَّامِيَةُ الرَّائِعَةُ الزُّهَرَا
1036
قصيدة