كِلِينِي سُرَارَةُ، لَا تَنْسِي الْمَوَاجِعَ

وَدَعْنِي أُفَجِّرُ مِنْ صَدْرِي الْعَجَائِبَا

فَلَيْلِي طَوِيلٌ يَتَفَتَّقُ كُلَّمَا أَرِقْتُ

وَنَجْمِي لِلصَّبَابَةِ سَاهِرًا وَرَاقِبَا

أَرَى بِالدُّجَى طَيْفَ الْجَمِيلَةِ سَاجِعًا

يُغَنِّي وَيُذْكِي فِي الْفُؤَادِ الْمَصَائِبَا

وَصَدْرِي كَحَضْنِ الرِّيحِ يَنْبُتُ هَمُّهُ

كَمَا يَنْبُتُ النَّبْتُ الرَّطِيبُ السَّوَاغِبَا

لَعَمْرِي، وَحَقِّ الْعَاشِقِينَ، وَمَا بَقِيَ

مِنَ الْعُمْرِ، إِنِّي فِي هَوَاكِ الْمُعَذَّبَا

أَحِنُّ إِلَى وَجْهِ الضِّيَاءِ، وَطَيْفُهُ

يُرَاوِدُنِي شَوْقًا وَيَأْبَى التَّغَيُّبَا

إِذَا مَا بَدَتْ فِي النُّورِ أَضْوَاؤُهَا

تَنَاهَتْ نُجُومُ اللَّيْلِ تَحْنُو الْمَرَاكِبَا

وَإِنْ ضَحِكَتْ نَفْحُ النَّسِيمِ تَرَنَّمَتْ

وَحَلَّقَ فِي الْأُفُقِ الرَّبِيعُ الْمُعَطَّبَا

لَهَا وَجْهُ بَدْرٍ فِي غَيَاهِبِ دَاجٍ

يُنِيرُ، وَيَأْبَى أَنْ يَكُونَ الْغَائِبَا

وَلَاحَتْ كَمَا لَاحَتْ سَنَابِلُ مُزْهِرٍ

يُزَاحِمُهَا الْغُصْنُ الرَّخِيصُ الْمُرَحَّبَا

إِذَا مَا دَنَا مِنْهَا السَّحَابُ تَنَاثَرَتْ

كَمَا يَتَنَاثَرُ الْمَاسُ وَالدُّرُّ لَاعِبَا

فَأَنْعِمْ بِهَا غُصْنًا تَمَايَلَ مِثْلَمَا

تَمِيلُ الْغُصُونُ الْعَاتِيَاتُ السَّحَائِبَا

سُرَارَةُ، يَا نُورَ الزَّمَانِ وَبَهْجَةَ الْمُقَلِ

الَّتِي تَسْبِي الْفُؤَادَ بِالْقَيْدِ السَّوَاغِبَا

لَئِنْ كَانَ فِي الْأَكْوَانِ حُسْنٌ مُجَسَّدٌ

فَإِنَّكِ مِنْ بَحْرِ الْجَمَالِ الشَّرَائِبَا

وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا عُيُونٌ كَوَاعِبٌ

فَعَيْنَاكِ شَمْسٌ لِلْهَوَى لَا تَغِيبَا

فَهَاتِي يَدًا مِثْلَ الْحَنَايَا نَقِيَّةً

لِأَكْتُبَ بِالْعِطْرِ الْخُطُوطَ الرَّحَائِبَا

هُنَالِكَ فِي الْمِدْحَةِ قَصْدِي، فَإِنَّهُ

إِذَا مَا طَرَفْتُ الْقَوْمَ جَاءُوا مَوَاهِبَا

بَنُو الْعِزِّ، لَا تُخْشَى الْعَدَاةُ لِذِكْرِهِمْ

فَهُمْ بَأْسُهُمْ مِثْلُ الْجِبَالِ النَّوَاصِبَا

وَإِنْ حَارَبُوا جَاءُوا كَأُسْدٍ ضَوَارِبٍ

يُذَلِّلُهُمْ سَيْفٌ وَيَرْوِي الْمَآرِبَا

وَإِنْ سَالَ دَمُّ الْبَأْسِ فِي أَرْضِهِمْ

رَأَيْتَ جُيُوشَ الْمَوْتِ تَسْحَبُ غَارِبَا

فَهَذِي قَصِيدِي، فَاسْمَعُوا كَيْفَ

أَرْسُمُ بِحِبْرِ الْمُعَلَّقَاتِ نُورًا وَرَاحِبَا

وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مَجِيدٌ مُعَظَّمٌ

فَإِنِّي أَمِيرُ الشِّعْرِ، لَسْتُ مُرَاكِبَا