عدد الابيات : 50
قُمْ لِلْمُعَلِّمِ وَاقِفًا مُتَبَجِّلَا
وَابْعَثْ لَهُ فَيْضَ الْخُلُودِ مُهَلِّلَا
هُوَ مَنْ يُنِيرُ الدَّرْبَ حَتَّى نَسْتَقِي
نُورَ الْحَقِيقَةِ، وَالْعُلَا، وَالْمَنْهَلَا
هُوَ كَوْكَبٌ فِي الْأَرْضِ يُشْرِقُ مَجْدُهُ
وَبِهِ السَّمَاءُ تَأَلَّقَتْ عِزًّا وَتَجَمَّلَا
هُوَ وَارِثُ الْأَنْبِيَاءِ مَجْدًا سَاطِعًا
هُوَ لِلْمَعَارِفِ وَالْفَضَائِلِ مَعْقِلَا
يَا مُنْبِتَ الْأَجْيَالِ زَهْرًا يَانِعًا
لَكَ فِي النُّفُوسِ مَحَبَّةٌ وَتَفَضُّلَا
شَرَفُ الْمُعَلِّمِ سَامِقٌ لَا يُرْتَجَى
إِلَّا لِمَنْ بَذَلَ الْحَيَاةَ الْخَيْرَ تَرَفُّعَا
هُوَ رَايَةٌ لِلْعِلْمِ تُرْفَعُ كُلَّ هَامَةٍ
وَبِهِ يُشَادُ الْمَجْدُ صَرْحًا مُبْدِعَا
هُوَ نُورُ فَجْرٍ لِلْعُقُولِ أَضَاءَهَا
وَهُوَ الدَّلِيلُ إِذَا الدُّجَى أَطْبَقَا
يَسْمُو وَيَزْرَعُ فِي النُّفُوسِ مَحَجَّةً
فِيهَا الْيَقِينُ مُورِقًا مُتَشَعْشِعَا
كَمْ قَدْ أَزَالَ عَنِ الْبَصَائِرِ جَهْلَهَا
وَسَقَاهُمُ نُورَ عِلْمٍ زُلَالًا مُتْرَعَا
كَمْ هَذَّبَ الْأَرْوَاحَ بَعْدَ جَفَائِهَا
وَصَفَا النُّفُوسَ وَأَوْقَدَ الْفِكْرَ الذَّكَا
هُوَ لِلشَّبِيبَةِ أَمْنُهَا وَسَكِينَةٌ
وَبِهِ السَّمَاءُ عَلَى الرُّقَى قَدْ أَنْعَمَا
هُوَ فِي مَآثِرِهِ الْمَهِيبِ مَآثِرٌ
فَخْرٌ يُحَلِّقُ لِمَجْدِ الْمَدَى مُتَمِّمَا
هُوَ سَيْفُ أُمَّتِهِ إِذَا مَا نَائِبٌ
عَصَفَ الزَّمَانُ بِهِ وَكَانَ مُرَوِّعَا
كَمْ أَيْقَظَ الْجِيلَ الْغَرِيرَ مِنَ الْكَرَى
وَرَعَى عُقُولًا لَا تَزَالُ مُضَايِعَا
كَمْ شَادَ مَجْدًا فِي الطُّفُولَةِ نَابِتًا
فَرْعًا يُطَاوِلُ فِي الْعُلَا مَا طَمْطَمَا
كَمْ أَنْشَأَ الْأَحْرَارَ يُبْهِرُ فَضْلُهُ
دَارَ الْمَعَارِفِ وَالتُّقَى وَالْأَمْجُدَا
هُوَ مَنْ يُقِيمُ الْحَرْفَ مُذْ كَانَ الْهُدَى
وَيُزِيحُ عَنْ دَرْبِ الْفُؤَادِ التَّلَعْثُمَا
هُوَ مَنْ يَزِيدُ الْمَجْدَ عِزًّا فِي الثَّرَى
وَيَفِيضُ سَيْلًا بِالنُّبْلِ أَصِيلٍ تَأَلُّقَا
هُوَ مَنْ يُعَلِّمُ كَيْفَ يُبْنَى صَرْحُنَا
وَكَذَا الْحَضَارَاتُ الْعِظَامُ وَمَنْ بَنَى
يَا مُكْرِمَ الْأَجْيَالِ مَثْوَاكَ الْعُلَا
وَبِجَاهِ عِلْمِكَ لَا يُضَامُ وَلَا يُحَا
فِي الدَّهْرِ تَبْقَى لَا تُطَاوِلُ سُؤْدُدًا
إِذْ أَنْتَ بُنْيَانُ الْفَخَارِ وَمَنْ سَمَا
يَا أَيُّهَا الْمِصْبَاحُ فِي دَيْجُورِنَا
بِكَ نَسْتَضِيءُ وَنَرْتَقِي وَنَتَّقِى
فَأَحْيَيْتَ أُمَّةً تُرَاثُكَ مَجْدُهَا
وَسَنَابِلُ الْأَفْكَارِ قَدْ زَكَتْ نَمَا
يَا وَارِثَ الْأَنْبِيَاءِ فِي إِرْشَادِنَا
وَبِكَ الْمَعَارِفُ تَسْتَقِيمُ وَتُجْتَنَى
يَا مِشْعَلًا أَهْدَى الْقُلُوبَ لِلْهُدَى
وَغَدَا بِهِ دَرْبُ الْعُلَا مُتَسَنَّمَا
أَنْتَ الَّذِي بِالْعِلْمِ شَادَ حَضَارَةً
وَبَنَى النُّفُوسَ لِلْفَضَائِلِ وَالْغِنَى
أَنْتَ الَّذِي حَمَلَ الرِّسَالَةَ رَاشِدًا
وَبِنُورِهَا أَحْيَيْتَ جِيلًا مُلْهَمَا
كَمْ مُذْنِبٍ بِيَدَيْكَ عَادَ إِلَى التُّقَى
وَغَدَا نَقِيَّ الْقَلْبِ، زَكَّى وَأَسْلَمَا
وَكَمْ افْتَقَرْنَا لِلْمَعَارِفِ لَحْظَةً
فَإِذَا بِدَرْسِكَ أَشْرَقَ الْفِكْرُ السَّنَا
يَا حَامِلَ الْأَقْلَامِ عِزُّكَ خَالِدٌ
وَبِكَ الزَّمَانُ تَرَفُّعًا قَدْ أَكْرَمَا
مَهْمَا نُثِرْنَا فِي الْمَدِيحِ قَصَائِدًا
أَبْقَى جَمِيلُكَ بِالنُّفُوسِ مُتَمِّمَا
فَلَأَنْتَ أَعْظَمُ مِنْ كِتَابٍ خَطَّهُ
قَوْمٌ، وَأَجْمَلُ بِالدُّنَا مِنْ أَنْجُمَا
تَحْيَا وَتُزْهِرُ فِي الْمَدَى أَنْوَارُكَ
وَتَظَلُّ فِي أُفْقِ الْخُلُودِ مُعَظَّمَا
يَا سَيِّدَ الْحَرْفِ الْمُضِيءِ وَمَنْبَعَا
وَمُفَجِّرَ الْأَنْوَارِ فِينَا فَخْرًا قِمَمَا
يَا مَشْرَعَ الْفِكْرِ الْعَرِيقِ وَنَبْضَهُ
وَبِكَ الْعُقُولُ تُجِلُّ عِلْمًا مُفْعَمَا
أَنْتَ الرَّفِيعُ مَقَامُهُ لَا يَنْثَنِي
سُؤْدُدْتَ عِزًّا فِي الْحَيَاةِ وَأَكْرِمَا
كَمْ مُرْهَفِ الْإِدْرَاكِ كُنْتَ لِصَقْلِهِ
وَكَمِ اهْتَدَى بِكَ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمَا
كَمْ كُنْتَ مَأْوًى لِلْقُلُوبِ وَعَطْفَهَا
وَرَجَوْتَ لِلْإِصْلَاحِ حُسْنًا مُلْهَمَا
لَكَ فِي الْعُلَى سَفَرٌ مِنَ الْعِرْفَانِ
خُلِّدْتَ فِيهِ مَفَاخِرًا وَمُعَظَّمَا
فَإِذَا انْتَسَبْتَ إِلَى الْمَكَارِمِ كُنْتَهَا
وَإِذَا فَخِرْنَا بِالْمَآثِرِ كُنْتَ مَا
إِنَّا لَنَرْفَعُ بِالثَّنَاءِ لِوَاءَ مِنْ عِزَّةٍ
أَعْطَى الْحَيَاةَ رِسَالَةً وَتَكَرَّمَا
يَا رَايَةَ التَّعْلِيمِ فِي أُمَمِ الدُّنَا
أَنْتَ الضِّيَاءُ إِذَا الدُّجَى أَظْلَمَا
فَامْضِ بِعَزْمِكَ، لَا يَضِيرُكَ نَاكِرٌ
إِذْ كُلُّ حَرْفٍ خَطَّهُ الدَّهْرُ مُكَرَّمَا
مَهْمَا نُسَطِّرُ مِنْ مَدِيحٍ عَاطِرٍ
يَبْقَى جَمِيلُكَ خَالِدًا مُتَكَمِّلَا
أَنْتَ الَّذِي بَذَلَ الْحَيَاةَ رِسَالَةً
وَأَفَاضَ لِلْأَرْوَاحِ عِلْمًا مُكَلَّلَا
لَكَ كُلُّ صَرْحٍ قَامَ يَعْلُو رِفْعَةً
وَبِكَ هَلَّلَ الزَّمَانُ تَبَسَّمَا وَتَأَلَّلَا
يَا حَامِلَ الْأَقْلَامِ دُمْتَ مُكَرَّمًا
لِلْخَالِدِينَ، مَدَى الدُّهُورِ مُبَجَّلَا
وَلَكَ الثَّنَاءُ مَدَى الْحَيَاةِ مُكَرَّرٌ
يُتْلَى، وَتُكْتَبُ فِي الْعُلَا الْأَعْظَمَا
1280
قصيدة