عدد الابيات : 26
سَلِ اللَّيْلَ عَنِّي كَيْفَ أَسْهَرُ وَحْدَتِي
وَكَيْفَ يُؤَرِّقُنِي الْهَوَى وَعَذَائِبُهُ
وَسَلْ مُهْجَتِي هَلْ بَاتَ فِيهَا تَصَبُّرٌ
أَمِ اخْضَلَّ مِنْ دَمْعِ الْفِرَاقِ جَنَانُبُهُ
أَتَتْنِي لَهِيبَ الشَّوْقِ نَسَمَاتُ ذِكْرِهِ
فَأَشْعَلَ نَارًا فِي الْفُؤَادِ تُذَائِبُهُ
أُعَاتِبُهُ إِنْ جَفَّ، وَالْقَلْبُ مُغْرَمٌ
فَكَيْفَ يُلَامُ عَاشِقٌ فِيمَا يُصَاحِبُهُ؟
إِذَا مَا الْعِتَابُ ازْدَادَ زَادَ تَوَدُّدًا
فَإِنْ غَابَ عَنِّي زَادَ شَوْقِي أُرَاقِبُهُ
وَإِنْ جَرَحَتْ مِنِّي الْعُيُونُ بِعَتْبِهَا
فَلَيْسَ يُلَامُ الْقَلْبُ فِيمَا يُخَاطِبُهُ
فَلَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا تُحَرِّكُهُ الْجَوَى
وَلَا فِي الَّذِي لَمْ تَكْتَوِهِ كَوَاكِبُهُ
أُحِبُّكَ حُبًّا لَوْ تَذُوبُ مَدَامِعِي
لَأَبْحَرْتُ فِي عَيْنَيْكَ وَالْبَحْرُ ضَارِبُهُ
وَإِنْ سَاءَنِي مِنْكَ الْجَفَاءُ فَإِنَّهُ
دَلِيلُ هَوًى، مَا زَالَ يَحْكِي عَجَائِبَهُ
فَلَيْسَ يُعَاتِبُ الْمُسْتَهَامُ حَبِيبَهُ
إِلَّا وَقَلْبُ الْعَاشِقِينَ يُصَاحِبُهُ
إِذَا غَابَ عَنِّي غَابَ عَنِّي سَكِينَتِي
وَكَيْفَ يَطِيبُ الْعَيْشُ، وَالْوَجْدُ نَاصِبُهُ؟
وَإِنْ جَادَ بِالْوَصْلِ الْجَمِيلِ فَإِنَّنِي
أُرَتِّلُهُ شِعْرًا، وَتَسْرِي كَتَائِبُهُ
فَلَا تَسْأَلِ الْمُشْتَاقَ عَنْ سِرِّ دَمْعَةٍ
تَفِيضُ، وَفِي طَيِّ الدُّمُوعِ عَوَاقِبُهُ
وَمَا الْعَتْبُ إِلَّا مِنْ غَلَاةِ مَوَدَّةٍ
يُبِينُ بِهِ حُبِّي وَيَخْفَى عَجَائِبَهُ
فَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي مَا أُكَابِدُهُ هُنَا
فَلَا تَتْرُكِ الْعَيْنَيْنِ يَسْقُطُ حَاجِبُهُ
وَإِنْ زِلْتُ عَفْوًا فَاقْبَلِ الْعُذْرَ، إِنَّهُ
بَقَايَا غَرَامٍ صَادِقٍ لَا يُكَاذِبُهُ
فَلَا الْخَيْرُ فِي مَنْ لَا يُؤَنِّبُهُ الْهَوَى
وَلَا الْحُبُّ إِلَّا لِلْعَذُولِ يُسَائِبُهُ
إِذَا كَانَ وَصْلُ الْحُبِّ سِلْمًا فَكَيْفَ لِي
أَرَى الْجَفْوَ يُلْقِي فِي الْقُلُوبِ نَوَائِبَهُ؟
إِذَا كَانَ صَدُّ الْحُبِّ يُطْفِئُ لَوْعَتِي
فَكَيْفَ يُرَاوِدُنِي الْحَنِينُ وَصَاحِبُهُ؟
وَكَيْفَ أُدَاوِي الْجُرْحَ وَالصَّبْرُ خَاذِلٌ
وَنَبْضِي إِذَا نَاجَيْتُهُ زَادَ وَاهِبُهُ؟
فَيَا مَنْ سَكَنْتَ الرُّوحَ طِيبًا وَرِقَّةً
لَكَ الْعُذْرُ إِنْ زَلَّ الْهَوَى أَوْ مَطَالِبُهُ
أُحِبُّكَ حُبًّا لَوْ تَرَاهُ عُيُونُهُمْ
لَسَارُوا بِأَحْلَامِي وَصَافُوا سَحَائِبَهُ
فَدَعْنِي وَوَجْدِي، لَا تُعَاتِبْ مُتَيَّمًا
فَقَدْ يُثْقِلُ الْعُشَّاقَ حُبٌّ يُعَاتِبُهُ
فَلَا تَتْرُكِ الْعَيْنَيْنِ يَسْكُبُ حَاجِبُهُ
وَإِنْ زِلْتُ يَوْمًا فَاعْذُرِ الْعَاشِقَ الَّذِي
يَرُومُ سَبِيلَ الْوَصْلِ طُولَ مَطَالِبِهِ
سَأَبْقَى وَفِي عَيْنَيَّ بَقِيَّةُ أَمَانٍ
تُرَاوِدُنِي أَنْ يَسْكُنَ الْحُبُّ جَانِبَهُ
1009
قصيدة