عدد الابيات : 27
الْحُبُّ أَسْمَى مَعَانِينَا وَأَرْوَعُهَا
يَجْلُو الْقُلُوبَ إِذَا جَارَتْ لَيَالِيهَا
يَسْمُو بِنَا نَحْوَ أَفْلَاكِ السَّعَادَةِ إِنْ
طَابَ الْوَفَاءُ وَطَابَتْ فَيْضُ وَادِيهَا
إِنَّ الْقُلُوبَ إِذَا صَفَّتْ نَوَايَاهَا
عَاشَتْ سَعِيدَةَ دُنْيَاهَا وَأُخْرِيهَا
فِي بَحْرِ الْعَوَاطِفِ يُبْحِرُ الْقَلْبُ وَحْدَهُ
يَسِيرُ مَعَ الزَّمَانِ بِلَا وُجْهَةٍ يُحَادِّيهَا
وَفِي دَرْبِ الْحُبِّ سَمَتْ أَشْوَاقُهُ
وَأَضَاءَتْ دُرُوبَهُ النُّورُ، فَلَا تُطْفِيهَا
إِنَّ الْقُلُوبَ وَإِنْ طَالَ الْبِعَادُ بِهَا
يَوْمًا سَتُرْجِعُهَا الذِّكْرَى لِمَاضِيهَا
تَعُودُ فِي لَهْفَةٍ وَالشَّوْقُ يَغْمُرُهَا
وَلَوْعَةُ الْحُبِّ تَسْرِي فِي مَآقِيهَا
رِفْقًا بِهَا لَا تَلُومُوهَا عَلَى زَمَنٍ
مَضَى بِآلَامِهِ، فَاللَّوْمُ يُؤْذِيهَا
لَوْلَا الْوَفَاءُ وَحُسْنُ الظَّنِّ مَا رَجَعَتْ
عَطْشَى تَحِنُّ لِمَنْ يَحْنُو وَيَرْوِيهَا
مَا قِيمَةُ الْحُبِّ إِلَّا فِي مُسَامَحَةٍ
تَشْفِي الْقُلُوبَ وَتُحْيِي كُلَّ مَا فِيهَا
الْحُبُّ أَوْسَعُ مِنْ بَحْرٍ وَأَعْمَقُهُ
تَمْضِي السِّنِينُ وَيَبْقَى فِي مَجَارِيهَا
يَظَلُّ يُرَفْرِفُ كَالنَّسْرِ اعْتِزَازًا بِهِ
لَا يَنْحَنِي الدَّهْرُ عَنْ سَامِي مَعَانِيهَا
فَإِنْ وَجَدْتَ فُؤَادًا صَادِقًا فَزِدْ
وُدًّا وَعِشْ بَهْجَةَ الْأَيَّامِ يُهْدِيهَا
وَلَا تُفَرِّطْ بِحَقِّ الْعَهْدِ إِنَّ لَهُ
نَبْضًا يَئِنُّ إِذَا جَارَتْ رَوَابِيهَا
وَكُنْ كَغَيْثِ الرُّبَى إِنْ جَادَ هَاطِلُهُ
أَحْيَا الْحَيَاةَ، وَزَالَ الْجَدْبُ يُحْيِيهَا
وَلَا تُسَاوِمْ عَلَى وَصْلٍ تُقَدِّرُهُ
فَالْوُدُّ أَسْمَى، وَمَنْ بِالْبَيْعِ يَشْرِيهَا؟
وَإِنْ غَدَرْتَ بِذَا قَلْبٍ تَعَلَّقَ هَمًّا
قَدْ تَشْتَكِيكَ الْمَآسِي فِي دَيَاجِيهَا
فَالْعُمْرُ يَمْضِي وَيَبْقَى الصِّدْقُ شَاهِدَهُ
وَالْحُبُّ أَطْهَرُ مِنْ نَزَوَاتِ أَهَالِيهَا
فَارْفُقْ بِقَلْبٍ صَفَا حُبًّا وَطَيَّابَةً
لَا تُطْفِئِ النُّورَ فِي عَيْنَيْهِ يُدْمِيهَا
وَمَا الْحَيَاةُ سِوَى رِحْلَةٍ مَاضِيَةٍ
إِلَّا إِذَا مَلَأَتْهَا الْقِيَمُ وَكُلُّ حَكَاوِيهَا
فَأَنْتَ فِي الْحُبِّ الْأَصْلُ ثَابِتٌ
تَسْقَى الْوِجْدَانَ حِينَ الْهَمُّ رَاجِيهَا
كُنْ دَائِمًا حَنُونًا، شُجَاعًا، صَادِقًا
فَالنَّاسُ تَذُوبُ وَيَلْقَى الْأَمَلُ بِوَادِيهَا
فَفِي الْحُبِّ تَكْمُنُ أَسْمَى مَعَانِيهِ
وَفِي الْوَفَاءِ سِرُّهُ، وَهُوَ الْأَمَانُ أَيَادِيهَا
فَإِنْ كَانَتِ الْقُلُوبُ تَعْشَقُ أَطْيَابَهُمْ
فَلْتُبْنَى بِالصِّدْقِ، فَهُوَ الزَّمَانُ بَاقِيهَا
فَلَا تَخُنْ وُدَّ مَنْ أَهْدَى مَحَبَّتَهُ
وَاصْدُقْ، فَلَيْسَ لِمَغْرُورٍ يُعَانِيهَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللَّيَالِيَ الْغُرَّ شَاهِدَةٌ
عَلَى الْقُلُوبِ، فَمَنْ بِالْمَكْرِ يُشْقِيهَا
فَالْوُدُّ يَبْقَى وَإِنْ طَالَتْ مَسَافَتُهُ
وَالصِّدْقُ أَغْلَى هَدَايَا الرُّوحِ جَارِيهَا
975
قصيدة