عدد الابيات : 29
إِذَا أَقْبَلَتْ نَحْوَ الْعُلَا يَا شَامُ
فَكُلُّ الْمَدَى يُشْرِقُ فِيهِ سَلَامُ
وَأَنْتِ الْقَصِيدَةُ الَّتِي لَا تَنْتَهِي
وَلَا يَنْفَدُ مِنْ سَطْرِهَا الْإِلْهَامُ
قُصُورُكِ فَوْقَ الْغَيْمِ تَحْكِي مَجْدَهَا
وَفِي الْأَرْضِ تَحْتَكِ عِزٌّ يُقَامُ
هُنَا الْعَدْلُ يُسَطَّرُ فِي صَفَحَاتِهِ
وَهُنَا الْحَقُّ دَوْمًا يُرْفَعُ وَيُرَامُ
هُنَا الْأُمَوِيُّ يُرْخِي ظِلَالًا بَاسِقَةً
وَفِي كُلِّ رُكْنٍ قِصَّةُ حُبٍّ وَغَرَامُ
هُنَا نَهْرُ بَرَدَى يَشْدُو بِحَنِينِهِ
كَأَنَّ خَرِيرَهُ شِعْرٌ وَنَقْرٌ وَأَحْلَامُ
عَلَى جِسْرِهِ وَقَفَ التَّارِيخُ مُنْبَهِرًا
يَرْوِي حِكَايَاتٍ بِهَا الْأَزْمَانُ تُخْتَامُ
تُحِيطُ بِكِ الْغُوطَاتُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ
خُضْرَةٌ تَفِيضُ بِرَوْنَقِ الْبَهَاءِ التَّامُ
وَكُلُّ صَبَاحٍ حِينَ تُنَادِي طُيُورُهَا
كَأَنَّ النَّدَى فَوْحُ عِطْرٍ بِهِ الْأَحْلَامُ
وَهَذَا النَّسِيمُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَنَا
كَلَمْسَةِ حُبٍّ تَحْنُو تَرْوِيهَا الْأَيَّامُ
دِمَشْقُ، وَفِي جُنْبَاتِكِ يَحْيَا الْخُلُودُ
وَفِي الْأَزِقَّةِ مَجْدٌ لَهُ بِالْعِزِّ أَحْكَامُ
تُنَاجِي السَّمَاءَ حِينَ تَرْفَعُ مَآذِنًا
وَفِي قِبَابِكِ يَكْتُبُ وَيُرَتِّلُ الْإِسْلَامُ
هُنَا الْكَنَائِسُ تُجَاوِرُ الْمَسَاجِدَ فِي وِئَامٍ
وَالْكُلُّ فَوْقَهُمْ حُبًّا وَإِلْفَةً وَسَلَامُ
وَفِي سُوقِكِ الْقَدِيمِ تَتَّكِئُ الْحِكَايَاتُ
وَبِالْعَبِيرِ تُحَاكُ أَسَاطِيرُ الْأَوْهَامِ
دِمَشْقُ، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ الْقُلُوبِ
وَفِي أُفُقِكِ يُشْرِقُ الشَّوْقُ وَالْغَرَامُ
هُنَا عَرْشُ الْحُبِّ فَوْقَ تِلَالِكِ دَائِمٌ
وَهُنَا الْحُسْنُ يُرْخِي صِدْقَ الزِّمَامِ
شَوَارِعُكِ تَرْوِي عُمْرَ الزَّمَانِ
وَفِيهَا يَنْحَنِي الْعُشَّاقُ لِلْوِئَامِ
وَأَنْتِ الْخَالِدَةُ، تَحْتَضِنِينَ الْمَجْدَ
وَفِي شَرَايِينِكِ يَسْرِي الْهِيَامُ
تُعِيدِينَ لَنَا الْمَاضِيَ بِحُلْوِهِ وَمُرِّهِ
كَأَنَّ الزَّمَانَ أَمَامَكِ يَسْتَقَامُ
يَا شَامُ، مَا أَرْوَعَ فِيكِ الْحَنِينَ
وَمَا أَجْمَلَ الْمَدَى الَّذِي لَكِ يُسَامُ
إِذَا ابْتَسَمْتِ، تَهْتَزُّ قُلُوبُنَا حُبًّا
وَإِذَا حَزِنْتِ، فَالْقَلْبُ يُلَامُ
وَفِي كُلِّ زُقَاقٍ مِنْ زُقَاقِكِ حِكَايَةٌ
وَفِي كُلِّ رُكْنٍ يُكْتَبُ الْوِئَامُ
هُنَا دِمَشْقُ الْحُبُّ وَالْعِشْقُ وَالْمَجْدُ
وَفِيهَا يَنْحَنِي لِكُلِّ شِبْرٍ الْكَلَامُ
فَيَا شَامُ، يَا عَرُوسَ الشَّرْقِ الْأَبَدِيَّةِ
لَكِ تَهْفُو قُلُوبُنَا وَالْأَيَّامُ
عَلَى مَآذِنِكِ نَقْرَأُ الْحُبَّ صَلَاةً
وَفِي قِبَابِكِ يَسْكُنُ الْإِلْهَامُ
تَبْقَيْنَ أَنْتِ سَيِّدَةَ الزَّمَانِ وَحْدَكِ
وَفِيكِ يُشْرِقُ النُّورُ وَالسَّلَامُ
فَيَا شَامُ، إِنِّي عَاشِقٌ لَكِ أَبَدًا
وَفِي حُبِّكِ عَزْفٌ لَا يَنْتَهِي وَلَا يُلَامُ
وَأَخْتِمُ بِدُعَاءٍ أَنْ يَحْفَظَكِ اللَّهُ لَنَا
وَيَبْقَى فِي سَمَائِكِ السَّلَامُ التَّامُ
957
قصيدة