عدد الابيات : 34
أَلَا فَاسْمَعِي، يَا سَارَةَ الْبَدْرِ، مَدْحَتِي
فَإِنِّي بِهَا فِي الْحُسْنِ أَسْمُو وَأُعْجَبُ
أَتَانِي هَوَاكِ الْغَضُّ يَسْرِي بِمُهْجَتِي
فَأَصْبَحْتُ فِي سِحْرِ الْجَمَالِ مُعَذَّبُ
إِذَا لَاحَ ثَغْرُكِ لَاحَ فَجْرٌ مُضِيؤُهُ
تُغَنِّي بِهِ الْأَكْوَانُ طُهْرًا وَتَطْرَبُ
كَأَنَّ سَنَا خَدَّيْكِ مِنْ نُورِ كَوْكَبٍ
تَهَادَى فَأَنْوَارُ السَّمَاءِ تَتَرَتَّبُ
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَرَى فِي لِقَائِنَا
نَهَارًا بِهِ شَمْسُ الْمُنَى تَتَلَهَّبُ؟
حَلَفْتُ بِحُبٍّ لَا يُدَانَى إِخَاؤُهُ
فَمَا عَنْ هَوَاكِ الْقَلْبُ يَوْمًا سَيَذْهَبُ
لَئِنْ قَالَ وَاشٍ إِنَّ سِرِّي مُبَدَّدٌ
فَذَاكَ غَرِيبُ الْقَوْلِ أَغْوَى وَأَكْذَبُ
فَإِنِّي امْرُؤٌ لَا يَنْثَنِي عَنْ عُهُودِهِ
وَفَاءً، وَقَلْبِي فِي الْمُحَبَّةِ مَذْهَبُ
وَلَوْ جَاءَ مُلُوكَ الْأَرْضِ جَمِيعُهُمْ
لَمَا بَلَغُوا فِي الْحُسْنِ مَا تَتَوَهَّبُ
فَأَنْتِ الَّتِي إِنْ لَاحَ طَيْفُكِ بَيْنَهُمُ
تَسَاقَطَ مِنْهُمْ كُلُّ نَجْمٍ يُجَرَّبُ
فَلَا تَتْرُكِينِي فِي الْفُؤَادِ مُشَتَّتًا
كَأَنِّي عَلَى الرَّمْضَاءِ أَهْوَى وَأُصْلَبُ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ صَيَّرَ وَجْهَكِ
ضِيَاءً بِهِ لِلْكَوْنِ أَنْوَارُ أَمْجَادٍ تُنْصَبُ
فَأَنْتِ كَطَلْعِ شَمْسٍ فِي نُورِ سِحْرِهَا
إِذَا لَاحَ مِنْهَا النُّورُ غَابَ الْمُذَهَّبُ
وَإِنِّي وَإِنْ طَالَتْ لَيَالِيَّ لَوْعَةً
سَيَبْقَى هَوَاكِ عَذْبٌ لِلْقَلْبِ مَذْهَبُ
لَا الْعَيْشُ يَحْلُو دُونَ سِحْرِ حَدِيثِكِ
وَلَا الرُّوحُ إِلَّا فِي لِقَاكِ تُطَيَّبُ
وَإِنْ غِبْتِ، فَالْأَنْسَامُ تَشْكُو غِيَابَكِ
كَأَنَّ الدُّنَا فِي فَقْدِ وَجْهِكِ تَنْكَبُ
أَلَا فَاسْلَمِي، يَا زَهْرَ رُوحِي وَجَنَّتِي
فَإِنِّي بِحُبِّكِ فِي الْحَيَاةِ مُطَوَّبُ
مَلَكْتِ فُؤَادِي فَاسْتَبَدَّ بِخَافِقِي
هَوَاكِ، وَلَمْ يُبْقِ الْجَمَالُ لِي مَهْرَبُ
فَإِنْ كُنْتُ قَدْ بُلِّغْتُ أَنِّي مُلَوَّعٌ
فَذَاكَ الْهَوَى صَادِقٌ وَعَذْبٌ يُرْهَبُ
وَلَوْ كَانَ فِي سِحْرِ النِّسَاءِ مُشَبِّهٌ
لَكِ، فَالْفُؤَادُ لِمُسْتَهَامٍ سَيَكْذِبُ
فَلَا تَذْهَبِي، فَالْكَوْنُ بَعْدَكِ مُظْلِمٌ
كَأَنَّ النُّجُومَ الْيَوْمَ صِرْنَ تُغَرِّبُ
وَلَوْ زُرْتِ أَرْضًا، لَارْتَوَتْ مِنْ جَمَالِكِ
كَأَنَّكِ مَاءٌ زُلَالٌ لِلْحَيَاةِ يُسَكَّبُ
فَإِنَّكِ شَمْسٌ لَا تُضَاهَى ضِيَاءَهَا
إِذَا أَشْرَقَتْ، كُلُّ الْكَوَاكِبِ تُحْجَبُ
وَمَا كُنْتُ إِلَّا عَاشِقًا لَكِ مُخْلِصًا
وَإِنْ شِئْتِ رُوحِي فِي هَوَاكِ تُنْهَبُ
سَلَامٌ عَلَى عَيْنَيْكِ، فَهِيَ جَنَائِنٌ
بِهَا يَزْهُو الْبَدْرُ الْمُنِيرُ وَيَرْحَبُ
وَإِنَّ جَمَالَ الْحُسْنِ عِنْدَكِ وَافِرٌ
فَفِي وَجْهِكِ السِّحْرُ الْعَظِيمُ مُهَذَّبُ
إِذَا مَا بَدَا ثَغْرُكِ، فَالطَّلُّ نَادِرٌ
يَسِيرُ عَلَى زَهْرِ الرَّبِيعِ وَيَنْسَكِبُ
وَمَا الْبَدْرُ إِنْ رَامَ الضِّيَاءَ بِسِحْرِهِ
بِأَبْهَى مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي فِيكِ يُنْسَبُ
أَحِنُّ إِلَيْكِ كَيْفَمَا جَادَتِ النَّوَى
فَشَوْقِي لَظًى فِي الْقَلْبِ، لَا يَتَغَيَّبُ
وَإِنْ طَالَ بُعْدِي، فَالْهَوَى مِنْكِ دُرَّةٌ
تُضِيءُ فُؤَادِي، لَا تَذُوبُ وَتَذْهَبُ
فَلَا تَسْأَلِي، يَا مَنْ بِعَيْنَيْكِ أَبْحَرَتْ
سُفُنُ الْهَوَى، وَالرُّوحُ فِيكِ تُعَذَّبُ
فَأَنْتِ حَيَاةُ الْقَلْبِ، وَالْبَدْرُ لَمْ يَزَلْ
بِوَجْهِكِ مَقْصُورًا، وَنُورُكِ أَرْحَبُ
أُحِبُّكِ، هَذَا الْحُبُّ دَرْبٌ إِلَى الْهَنَا
وَإِنْ كَانَ دَرْبِي فِي هَوَاكِ مُعَذَّبُ
1064
قصيدة