عدد الابيات : 26
عَفَتِ الدِّيَارُ بِسَلْقِينَ فَمَغَانُهَا
وَسَرَى الْهَوَى فَوَرَى الْجَوَى نِيرَانُهَا
وَقَفْتُ فِي ظِلِّ الْوَتِينِ وَخَلْفِي
وَادِي الْأَسَى وَتَلَفَّتَتْ أَرْكَانُهَا
وَنَظَرْتُ خَلْفَ الْمَاءِ أَطْلُبُ طَيْفَهَا
فَتَجَهَّمَتْ عَيْنِي وَعَزَّ مَكَانُهَا
سَارَتْ سَرَابًا فِي الْمَدَى وَتَوَارَتِ
وَالْمُقْلَةُ الْعَبْرَاءُ وُحْدَانُهَا
يَا سَارَةُ، النَّجْمُ الْبَعِيدُ أَرَقْتِهِ
فَهَوَتْ إِلَيْهِ وَحَارَ فِيكِ كَيْفُهَا
فَأَنَا الْغَرِيبُ بِلَا سَبِيلٍ نَحْوَكُمْ
وَالرِّيحُ تَشْهَدُ أَنَّنِي مَهْرَانُهَا
وَسَلَوْتُ طَيْفَكِ فَارْتَمَتْ أَشْوَاقُهُ
وَسَقَى الْحَنِينُ مَسَاءَهُ وَصَبَاحَهَا
وَغَدَوْتُ أَنْتَظِرُ الْوِصَالَ وَأَحْتَفِي
بِظِلَالِ أَمَلٍ حَبْلُهُ أَوْهَامُهَا
فَإِذَا النَّسِيمُ وَمَا حَمَلْتُ بِهِ لَهَا
صَبْرٌ تَفَتَّتَ فِي الْهَوَى أَرْحَامُهَا
مَا بَالُ عَيْنِي لَا تَزَالُ مُسَهَّدَةً
وَالْمَاءُ تَدْمَعُ مِنْهَا وَتَغْشَاهَا
وَدَّعْتُهَا وَالْقَلْبُ يَصْطَلِي حَسْرَتِي
وَأَرِقَ الدُّمُوعَ لَيْلَةً وَهِشَامُهَا
يَا سَلْقِينَ وَالْوَادِي يَحْنُو طَيْفَهَا
أَخْبِرْهُ أَنَّ الْهَوَى أَسْقَامُهَا
لَيْتَ اللَّيَالِي تَسْتَحِيلُ لِقَاءَنَا
وَيُمْحَى فُرَاقٌ شَدَّنِي وَأَدَامُهَا
لَكِنَّنِي أَحْيَا وَفِي الرُّوحِ زَفْرَةٌ
تَشْكُو الْبُعَادَ وَقَدْ هَوَى إِقْدَامُهَا
وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُؤَلِّفَ شَمْلَنَا
فَيَئِسْتُ مِنْ وَصْلٍ وَهَلْ تَرْعَاهَا؟
وَسَلَقْتُ حَرْفَ الشِّعْرِ حَتَّى ظَلَّنِي
وَتَهَدَّلَتْ فِي مُقْلَتِي أَحْزَانُهَا
وَسَقَيْتُ مِنْ دَمْعِي الرُّبَى فَتَضَوَّعَتْ
وَالْوَرْدُ يَبْكِي، وَالظِّلَالُ جِنَانُهَا
يَا سَارَةُ، الْعُمْرُ الَّذِي أَفْنَيْتُهُ
فِي حُبِّ عَيْنِكِ، أَيْنَ طَابَ جَنَانُهَا؟
أَوَمَا رَأَيْتِ الدَّهْرَ يَعْبَثُ بَيْنَنَا؟
وَالْحُلْمُ يُدْفَنُ فِي الظُّنُونِ وَهَانُهَا
هَلْ تَذْكُرِينَ الْمَاءَ يَصْفَعُ وَجْهَهُ
شَوْقًا لِمُقْلَتِكِ الَّتِي أَضْنَانُهَا؟
وَحُكِيَ لِي أَنَّ الطُّيُورَ تَأَوَّهَتْ
مِثْلِي وَنَاحَتْ فَوْقَهَا أَلْحَانُهَا
يَا دَارَ سَارَةَ، وَالْهَوَى مُشْتَاقُهُ
وَالطَّيْفُ يَسْبَحُ فِي اللَّيَالِي حَانُهَا
كَمْ ذَا أُحَاوِلُ أَنْ أَغُصَّ بِلَوْعَتِي؟
لَكِنَّهَا فَاضَتْ وَمَا أَحْكَانُهَا
يَا سَلْقِينَ، أَخْبِرِي عَيْنَيْهَا أَنَّنِي
مَا زِلْتُ أَحْيَا فِي الْهَوَى وَأُصَانُهَا
فَإِذَا دُعِيتُ إِلَى الْوَدَاعِ، فَبَلِّغِي
عَنِّي السَّلَامَ، وَهَلْ تَرُدُّ أَيَانُهَا
1090
قصيدة