عدد الابيات : 23
أَلَا لَيْتَ دَهْرًا لَا يُهَانُ لَبِيبُهُ
وَلَا يَتَّقِي فِي الْحَقِّ سَيْفًا مُهَذِّبُهْ
وَلَكِنَّهُ دَهْرٌ تَسُودُ ظِلَالُهُ
فَحَقُّ الْفَتَى فِيهِ يَضِيعُ وَيُسْلَبُهْ
وَلَلْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ مُذِلَّةٍ
يَضِيمُ بِهَا حُرٌّ، وَيَعْلُو مُخَضَّبُهْ
فَإِنْ تَطْلُبِ الْعَلْيَاءَ فَالْعُمْرُ مَغْرَمٌ
وَإِنْ تَطْلُبِ الذُّلَّ الْهَوَانُ يُصَاحِبُهْ
وَمَا كُلُّ مَنْ يَعْلُو يُسَرُّ بِمَجْدِهِ
فَكَمْ مِنْ رَفِيعٍ ذُلُّهُ مُسْتَغْرِبُهْ
يَخُونُكَ ذُو الْقُرْبَى وَيَغْدِرُ جَارُهُ
وَأَوْفَى لَكَ الْأَغْيَارُ إِذْ لَا تُقَارِبُهْ
وَكَمْ صَدَقَ الدَّهْرُ اللَّئِيمَ وَأَسْلَمَتْ
إِلَيْهِ الْمُنَى فِي الْحَقِّ وَالْوَهْمُ كَاذِبُهْ
كَأَنَّ حَيَاةَ النَّاسِ إِذْ لَمْ تُذَلِّلِ
لَكَ الْأُمْنِيَاتُ الشُّهُبُ يَهْوِي كَوَاذِبُهْ
وَمَا الْقَلْبُ إِلَّا مَنْزِلٌ فِي رِحَابِهِ
هَوَى الْعَقْلُ يَأْوِيهِ إِذَا شَاءَ طَارِبُهْ
فَإِنْ زَلَّ طَوْعًا فَالذُّنُوبُ عَوَاقِبٌ
وَإِنْ سَارَ حُرًّا فَالْمَعَالِي تُوَاجِبُهْ
وَمَا قَادَنِي فِي الدَّهْرِ إِلَّا غَلَبْتُهُ
وَإِنْ غَلَبَ الْقَلْبُ الْهَوَى فَالْمَغَالِبُهْ
فَإِنْ شِئْتَ فَاذْكُرْ مَنْ يُعَزُّ بِمُلْكِهِ
فَإِنَّ الْمُلُوكَ الْعِزُّ دَوْمًا يُجَانِبُهْ
وَإِنْ كُنْتَ فِي الْحُبِّ الْجَمِيلِ مُعَذَّبًا
فَكَمْ قَبْلَنَا فِي الْعِشْقِ حُرٌّ يُعَذِّبُهْ
وَكَمْ مِنْ فَتًى غَادَرَ الدَّهْرُ عِزَّهُ
وَأَصْبَحَ فِي دَرْبِ الْهَوَانِ يُجَرِّبُهْ
فَإِنَّ الْحَيَاةَ السُّوءَ دَهْرٌ تَكَرَّرَتْ
عَذَابَاتُهُ وَالْمَرْءُ يَبْقَى يُحَارِبُهْ
فَمَنْ عَاشَ فِيهَا لِلذَّلُولِ مُذَلَّلٌ
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا يُهَانُ وَيُسْلَبُهْ
فَلَا تُرْهِقِ الْأَيَّامَ طَلَبًا لِمَنْزِلٍ
فَإِنَّ الْمَقَامَ الْحُرَّ فِيهِ الْمَطَالِبُهْ
وَإِنْ جَاءَكَ الْعَذْلُ الْمُرِيبُ بِحُجَّةٍ
فَكَمْ قَدْ غَدَا الْجُهَّالُ فِيهِ يُسَبِّبُهْ
وَإِنْ حَسَدُوكَ فِي الْجَمَالِ فَحَاسِدٌ
يَذُوبُ إِذَا قَامَ النَّهَارُ يُعَذِّبُهْ
وَأَحْوَرُ فِي حُسْنِ الصِّبَا يَتَأَلَّقُ
يُزَيِّنُهُ الْعِقْدُ الْجَمِيلُ وَتَاجُبُهْ
أَلَا إِنَّ دَهْرَ الْجَهْلِ يُمْحَى بِفِكْرَةٍ
وَإِنْ ظُلْمَ دَهْرٍ بِالْعُقُولِ يُقَلِّبُهْ
فَلَا تَسْأَلِ الدُّنْيَا مَقَامًا وَحُرْمَةً
فَكُلُّ الَّذِي فِيهَا حَبَابٌ يُفَقِّبُهْ
957
قصيدة