عدد الابيات : 30
هُمُ الْأَحِبَّةُ، إِنْ جَارُوا وَإِنْ عَدَلُوا
فَمَا لِقَلْبِي عَنْهُمْ مُذْ وَدَّهُمْ مَيْلُ
وَكُلُّ شَيْءٍ سِوَاهُمْ لِي بِهِ خَلَفٌ
لَكِنَّهُمْ فَوْقَ كُلِّ النَّاسِ لِي سَبَلُ
قَدْ زُيِّنَ الصَّبْرُ فِي عَيْنِي لِفُرْقَتِهِمْ
لَكِنَّ نَارَ الْجَوَى فِي مُهْجَتِي شُعَلُ
يَا لَيْتَ دَهْرِي يُعِيدُ الْعَهْدَ مُنْقَلِبًا
وَيَرْجِعُ الْوَصْلُ بَعْدَ الْبَيْنِ يَكْتَمِلُ
يَا ظَاعِنِينَ وَقَلْبِي فِي رِحَالِكُمُ
إِنْ نَأَيْتُمْ فَهَوَى رُوحِي لَكُمْ نَزَلُ
رِفْقًا بِعَاشِقِكُمْ، يَجْرِي بِحُبِّكُمُ
دَمُ شَوْقٍ بِأَوْصَالِهِ يُرْوِي وَيَتَّصِلُ
قَدْ حَجَّ فِي وَجْدِهِ أَشْوَاقُ مُغْتَرِبٍ
وَفَاضَ دَمْعٌ كَغَيْثٍ هَاطِلٍ وَبَلُ
لَا دَرَّ دَرُّ الْمَطَايَا، إِنْ مَضَتْ قَلِقًا
وَلَمْ تَنُخْ حَيْثُ شَوْقِي هَائِمٌ خَجِلُ
هُمُ الْأَحِبَّةُ، إِنْ جَارُوا وَإِنْ وَصَلُوا
فَلَيْسَ عَنْهُمْ لِقَلْبِي قَطُّ مُرْتَحَلُ
وَكَيْفَ أَنْسَى الَّذِي قَدْ كَانَ يَجْمَعُنَا
وَالْوَصْلُ نُورٌ، وَهَذَا الْبُعْدُ مُشْتَعَلُ
مَا زَالَ فِي الْقَلْبِ شَوْقٌ، لَا يُمَلُّ لَهُ
وَإِنْ شَكَا الدَّهْرُ، وَضَاقَتْ بِهِ السُّبُلُ
يَا رَاحِلِينَ وَقَلْبِي فِي رِكَابِكُمُ
كَيْفَ اسْتَقَرَّتْ، وَمَا بِالنَّفْسِ مُحْتَمَلُ
أَمْضَيْتُمْ بِالْهَوَى رُوحِي مُعَلَّقَةً
وَخَلَّفْتُمْ فِي بَقَايَا الدَّرْبِ لِي بَدَلُ
رِفْقًا بِمُغْرَمِكُمْ، يَا مَنْ رَحَلْتُمُ
فَالنَّفْسُ تَهْلِكُ إِنْ طَالَ النَّوَى وَطَلُ
تَاللَّهِ مَا فَارَقَ الْعَيْنَيْنِ طَيْفُكُمُ
وَلَا جَفَتْ بَعْدَكُمْ لِلدَّمْعِ الْمُقَلُ
إِنْ كَانَ فِي الْعُمْرِ مِيعَادٌ لِلُقَا
فَإِنِّي أَرْجُوهُ، أَوْ فَالصَّبْرُ مُكْتَمَلُ
أَيَا نَسِيمَ الصَّبَا، بَلِّغْ مُحِبَّتَهُمْ
أَنَّ الْفُؤَادَ لَهُمْ شَوْقٌ وَمُبْتَهَلُ
وَيَا نُجُومَ الدُّجَى، قُولِي لِغَالِيَةٍ
إِنِّي بِرَغْمِ النَّوَى بِالْوُدِّ مُتَّصِلُ
مَا ضَرَّ إِنْ عَادَ لِي بَدْرٌ يُضِيءُ لَنَا
لَيْلَ الْفِرَاقِ، وَمَا لِلْحُزْنِ مُكْتَحِلُ
أَحِنُّ لِلْأَمْسِ، إِنْ مَرَّتْ نُسَائِمُهُ
كَمْ زَارَنِي طَيْفُهُ، وَالْبَالُ مُنْذَهِلُ
فَإِنْ تَقَطَّعَتِ الْأَسْبَابُ مُدْرِكَةً
فَالْحُبُّ أَقْوَى، وَمَا لِلْحُبِّ مُعْتَزَلُ
فِي رَوْضَةٍ مِنْ جِنَانِ الْخُلْدِ مُزْهِرَةٍ
طَابَ النَّزُولُ بِهَا وَابْتَهَجَ الْأَمَلُ
حَيْثُ النُّبُوَّةُ فِي آفَاقِهَا سَطَعَتْ
كَالْبَدْرِ يَسْطَعُ فِي ظَلْمَائِهِ الْأَزَلُ
وَحَيْثُ مَنْ شَرَّفَ الرَّحْمَنُ أُمَّتَهُ
فَسَادَ فِيهَا، فَمَا فِي الْعَالَمِ مِثْلُ
مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الْأَمْلَاكِ فِي كَرَمٍ
وَأَكْرَمُ النَّاسِ طُرًّا عِفَّةً وَجَلُ
مِنْ نَسْلِ آدَمَ لَمْ يَبْرَحْ مُكَرَّمُهُ
وَاِنْتَهَى سَاطِعًا، فِي هَاشِمٍ نُقِلُوا
بِهِ الْحَنِيفَةُ قَامَتْ وَاسْتَقَامَ بِهَا
نَهْجُ الْهِدَايَةِ، لَا عَوَجٌ وَلَا حَوَلُ
وَهُوَ الشَّفِيعُ لِمَنْ زَلَّتْ مَسَاعِيهِمُ
وَالسِّتْرُ مِنْ رَحْمَةٍ تُهْدَى لِمَنْ زَلِلُوا
يَا سَيِّدَ الرُّسُلِ، إِنِّي فِيكَ مُعْتَصِمٌ
وَفِيكَ أُلْقِي إِلَى الْمَوْلَى بِهِ الْوَجَلُ
صَلَّى الْإِلَهُ عَلَى نُورٍ تَأَلَّقَ فِي
كُلِّ الْكَوَاكِبِ، مَا غَنَّتْ وَمَا ثَمِلُوا
1019
قصيدة