أين أنتَ؟

 
أينَ أنتَ
لماذا تغيبُ؟
حدائقُ تدعوكَ للعيشِ فيها
وشَمِّ نسائمِها
وركوبِ مراجيحِها
وبلابلُها بأناشيدِها
تبتغي قتْلَ ما أثقلَكْ
 
أينَ أنتَ؟
أما زلتَ تسكنُ أقبيةً
لا فِراشَ بها أو نوافذَ؟
تطرحُ أسئلةً لا جوابَ لها
وتنامُ
وكأسُكَ فارغةٌ مِنْ شرابٍ بهِ تنتشي
وبصدرِكَ تلهبُ نارٌ
وتأتيكَ عاصفةٌ مِنْ رمادٍ
تشوِّهُ فيكَ الّذي جمَّلَكْ
 
أينَ أنتَ؟
أتقرأُ بعدُ كتابًا عتيقًا رديئًا
يعيدُكَ منبطِحًا تائهًا غارقًا في بحارِ سوادٍ
تقبِّلُ جبهةَ مَنْ كبَّلَكْ؟
 
أينَ أنتَ؟
أما زالَ وجهُكَ بالطّينِ متّسِخًا؟
وعلى مقعدٍ خشنٍ لمْ تزلْ جالسًا شاردَ الذّهنِ؟
حولَكَ ما لا تحبُّ
يجرُّكَ صوبَ الغيابِ
ويُنسيكَ أرغفةً كنتَ تأكلُها شرِهًا
ومسارحَ كنتَ تفضِّلُها
ومعاركَ عشتَ تخوضُ شدائدَها فارسًا بطلًا
راميًا بالحصى والسّهامِ مكامنَ مَنْ جاءَ كي يقتلَكْ
 
أينَ أنتَ؟
ألا زلتَ تحت دواليكَ
ينهشُكَ الجوعُ
والمُرُّ فيكَ يَشيدُ سراديبَهُ
ولصوصٌ عليكَ يُغيرونَ ليلًا
وأنتَ لعالَمِ وهمِكَ مرتحِلٌ
لا تبالي بمن عن هضابِكَ منكسِرًا رحّلَكْ
 
أينَ أنتَ؟
أتسمعُني؟
ولماذا ضجيجُ طبولِكَ منكتِمٌ؟
وحوائطُ بيتِكَ مائلةٌ؟
ورداؤكَ مهترئٌ باهتٌ لونُهُ؟
وإلى أينَ تمضي
ولا وطنٌ لكَ يفتحُ أذرَعَهُ
لا
ولا زمنٌ هادئٌ يحتويكَ
لتبنيَ فيهِ كما تشتهي راسخًا منزلَكْ؟
 
قُمْ إلى الحربِ
لا تنهزمْ
وقُلِ :
الآنَ ليْ حاضري وغدي
لن أغيبَ
ولن أُكتوى بلهيبِ سؤالٍ يطاردُني قائلًا :
أينَ أنتَ؟
وعُدْ حازمًا
رافعًا فوقَ أشواكِ ماضٍ قسا مِنجلَكْ

القس جوزيف إيليا
١٠ / ٧ / ٢٠٢٥

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن القس جوزيف إيليا

القس جوزيف إيليا

106

قصيدة

شاعر سوري يكتب الشعر العمودي والتفعيلة

المزيد عن القس جوزيف إيليا

أضف شرح او معلومة