عدد الابيات : 34
سَلْقِينُ يَا بَلْدَتِي فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ
يُطْلِقُ الشِّعْرُ أَصْوَاتًا مِنَ الْوَتَرِ
تُهْدِينَ لِلنَّاسِ زَهْوَ الْعَيْشِ زَاهِرَةً
وَيُزْهِرُ الْعُمْرُ كَالْأَحْلَامِ فِي النَّظَرِ
أَشْهَدْتُ فِيكِ غُرُوبَ الْحُزْنِ يَعْصِرُهُ
وَفَيْضَ أَشْوَاقِ قَلْبِي الذَّابِلِ الْعَطِرِ
كُلُّ الْبُلْبُلِ فِيكِ الْحُبُّ مَنْطِقُهُ
يَشْدُو بِأُغْنِيَةٍ مِنْ سِحْرِكِ الْعَبِرِ
سَلْقِينُ فِي جَانِبِ الْوَاحَاتِ قَدْ وَقَفَتْ
تَنْسُجُ النُّورَ فِي أَفْرَاشِهِ السُّحُرِ
يَا بَلْدَتِي الْبَاقِيَةُ الْغَالِيَةُ أَبَدًا
بِرَاحَتِي وَهُدُوئِي فِي الدُّنَا الْقَفَرِ
لَكِ فِي صَدْرِ الزَّهْرِ لَيْلَةٌ تُبَارِكُهَا
فِيكِ تَغْفُو عَيْنٌ لِكُلِّ سَلْقِينٍ حُبٍّ مُقْتَدِرِ
سَلْقِينُ يَا دَارَةَ الْإِشْرَاقِ مُبْتَدَأً
وَفِي خِتَامِ الرُّؤَى تُجْزَى بِكُلِّ خَيْرِ
سَلْقِينُ يَا شَمْسَ قُبْلَتِي وَمَحَبَّتِي
وَكُلُّ زَفَرَاتِ نَبْضِي فِيكِ مَا أَثَرِي
وَكُلُّ شِبْرٍ بِهَا يَغْفُو عَلَى حُلُمٍ
كَالْيَاسَمِينِ إِذَا أَفْضَى إِلَى الزَّهَرِ
تُبَارِكِ الرُّوحَ فِيكِ كُلُّ مَا نَبَتَتْ
رُوحِي كَأَشْرَاقِ نَجْمٍ فِيكِ مُحْتَسَرِ
رُوحِي وَأَوْرَاقُ أَشْوَاقِي تُبَارِكُهَا
مِنْكِ الْوَرِيدُ الَّذِي يَرْتَاحُ فِي عُمُرِي
إِنِّي أَرَى طَيْفَكِ الْخَلَّابَ مُكْتَمِلًا
فِي كُلِّ مَيْلَةِ غُصْنٍ مَيْلَةِ الْقَمَرِ
فِي كُلِّ شُرْفَةِ أَشْوَاقِ عِشْقٍ أُرَتِّلُهَا
تُرْوِي حَنِينِي كَمَاءِ الْغَيْثِ فِي السَّحَرِ
سَلْقِينُ يَا مَدْرَجَ الْأَحْلَامِ مَا بَرِحَتْ
تَغْفُو عَلَى صَدْرِهَا الْآمَالُ كَالْبَدَرِ
وَكُلُّ طَيْرٍ إِلَيْكِ الْآنَ قَبْلَتُهُ
يَرْجُو جَنَاحَيْكِ فِي أَمْنٍ وَفِي سَكَرِ
تَرْتَفِعِينَ كَنَجْمٍ فِي مَجَرَّتِهِ
يَسْبُو إِلَيْكِ كَقَلْبٍ شَاقَهُ السَّفَرِ
إِنِّي لِحُبِّكِ أَحْيَا لَا أُفَارِقُهُ
وَالشَّوْقُ يَحْمِلُنِي كَالنَّجْمِ فِيكِ سَرِ
فِي الْقُدَمِ قَدْ بَذَلْتُ حُبَّكِ فِي صَحَارَى
وَأَفْنَيْتُ قَلْبِي لَكِ أَبَدًا لَا لِغَيْرِ
أَعْتَرِفُ الْيَوْمَ أَنَّنِي لَكِي وَلَدَتْ
قَلْبِي بِكُلِّ نَبَاتِ الْأَرْضِ وَالزَّهَرِ
سَلْقِينُ يَا مَدْرَجَ أَلْبُوحِ أَشْجَانِي
كُلُّ صَوْتٍ لَهَا حُبٌّ فِي السَّمْعِ وَالْخَبَرِ
وَاحْفَظْ إِلَهِي بَلَدَ الْخَيْرِ فِي أَمَنٍ
وَاجْعَلْ جِنَانَ الْعُلَا تَسْكُو عَلَى الْعُمُرِ
هَا أَنَا الْيَوْمَ أَحْيَا بَيْنَ مَنْزِلِكِ
وَكُلُّ سَكَرَاتِ نَفْسِي فِيكِ مُنْتَظَرِ
لَوْ تَعْلَمِينَ كَمَا أَنَّنَا بِحُبِّكُمَا
نَذُوبُ فِيهِ كَذَوْبِ النَّارِ فِي الْحَجَرِ
هَيَّا سَلْقِينُ نَدَاكِ الْيَوْمَ مَشْبُوعُهُ
لَنْ تَنْقَطِعْ بَيْنَا فِي كُلِّ مُسْتَقَرِ
قَدْ سَرَحَتْ فِيهِ عَيْنِي نَجْمَتُكِ الزُّهَرِ
لَا يُغَيِّرُهُ شَيْءٌ أَنْتِ قُدُومُ الصَّبِرِ
أَحِنُّ إِلَيْكِ فِي كُلِّ زَفْرَةٍ يَدُورُ بِهَا
قَلْبِي تَفَجُّ قُلُوبِي وَيَسْتَمِرُّ فِي الْمُنْتَبَرِ
تَفَجُّ قَلْبِي لِي وَإِيَّاكِ فِي لَيْلَةٍ
أُشْرِقُ فِيهِ مَعَ الْمَجْدِ وَالنَّجْمِ فِي بَدَارِ
فِيكِ عُمْرِي وَشُجْنِي تَلْقَى سَرَّاتِي
وَيَغْنِي الْوُدُّ فِي كُلِّ قُبَّةٍ وَشَجَرِ
يَا سَلْقِينُ فِي فُؤَادِي دَفْنٌ لِكِ
تَنْبُو فِيهِ حُبٌّ يَغْنِي قَلْبِي مِنَ الْكَدَرِ
كُلُّ الْجِبَالِ تُنَادِينِي أَلَا انْظُرُوا
مَلْجَأَ السَّمْحِ فِيهَا أَوْ مَلِيكَ الْبَرِ
يَا بَلْدَتِي كَالضِّيَا فِي أَرْضِ عَاشِقِهَا
تَسْبُوكِ نَفْسُ الْعَلَا فِي أَرْضِهِ الظَّفَرِ
بِالْحُبِّ أُغْمَضُ أَحْلَامِي عَلَى أَمَلٍ
وَفِيكِ أَحْلَى مُنَى الدُّنْيَا لِكُلِّ صَبِرِ
بَيْتُ الشَّوْقِ مَفْتُوحٌ عَلَى السَّحَرِ
زْفِرُ الْحُبَّ مَدْرُوسًا عَلَى الْقِصَرِ
1050
قصيدة