عدد الابيات : 40
سَلْقِينُ يَا لَوْعَةَ الْأَشْوَاقِ وَالْوَجَعِ
يَا نَبْضَ قَلْبِي وَطَيْفَ الْحُبِّ فِي هَلَعِ
يَا رُوحَ أَنْفَاسِي الَّتِي ضَاقَتْ بِمِحْنَتِهَا
وَكُلُّ زَفَرَاتِهَا تَجْرِي عَلَى الْقَلَعِ
كُنْتُ أَعِيشُ بِهَا سَعْدًا وَكَانَ لَنَا
سَمَاءُ حُلْمٍ عَلَى أَبْوَابِهَا تَتَّسِعِ
يَا لَيْتَ حُزْنِي عَلَى أَطْلَالِ سَاحَتِهَا
يَذُوبُ كَالطَّلِّ فِي أَحْضَانِ مَنْ رَجَعِ
سَلْقِينُ يَا بَسْمَةً مَا زَالَ يُؤْلِمُنِي
فِرَاقُهَا، وَبِدَمْعِ الْحَزْنِ قَدْ نُقِعِ
سَلْقِينُ يَا عِشْقَةَ الْأَيَّامِ تَأْسِرُنِي
إِلَيْكِ أَشْدُو بِلَحْنِ الْوَجْدِ وَالْأَطَعِ
سَلْقِينُ يَا مَوْطِنَ الْآبَاءِ مَوْعِدُنَا
بِكِ النُّجُومُ تَلَأْلَأَتْ مِنْ كُلِّ مُرْتَفَعِ
كُنْتُ أَشُمُّ بِهَا رَيَّا حَدَائِقِهَا
وَسَطْوَةَ النَّسْمِ يَا سَلْقِينَ فِي الْفَزَعِ
كُنْتُ أَرَى فِيهَا أَطْيَافَ مَلْهَمَتِي
تَسِيرُ مِثْلَ الْمَلِيكَاتِ فِي الْمَتَعِ
لِكُلِّ زَائِرٍ إِلَيْكِ الْوَصْلُ مُتَّصِلٌ
كُلُّ الطُّرُقِ لَكِ تَنْسَابُ كَالشَّرَايِعِ
فَمَا نَسِيتُ هَوَاكِ الْيَوْمَ فِي نَفَسِي
وَكُلُّ قَلْبِي إِلَيْكِ الْيَوْمَ يَنْدَفِعِ
لَوْ كَانَ حُبُّكِ مِنْ بَحْرِ الْحَنَايَا سَقَى
لَمَلَأَ الدُّنْيَا بِنُورٍ لَيْسَ يَنْقَطِعِ
وَفِي سَمَاءِ الْهَوَى حَبٌّ كَأَنَّهُ قَدَرٌ
يَمْشِي إِلَيْكِ بِشَوْقٍ كَمْ لَهُ دَفَعِ
إِنْ كُنْتِ مَنْفَايَ، فَالرُّوحُ تَعْشَقُكِ
وَإِنْ كُنْتِ قَبْرِي، فَقَلْبِي يَنْخَضِعِ
يَا بَلْدَةَ الْأَمَلِ الْمَنْثُورِ فِي زَهَرٍ
كُلُّ الشُّعُورِ بِكِ يَا سَلْقِينُ مَتَّبَعِ
فَلَسْتُ أَسْلُوكِ يَا حُبًّا يَمْلَأُنِي
حَتَّى وَلَوِ اجْتَثَّكَ الدَّهْرُ بِالْأَصَابِعِ
فَعُدْتُ أَبْكِي فِرَاقًا لَمْ أَزَلْ كَلِفًا
بِحُبِّهِ، وَاللَّيَالِي تَزْدَادُ بِي جَزَعِ
فَكُونِي لِيَا سَلْقِينَ حُلْمَ غَدٍ
وَكُونِي مَلَاذَ الْعُمْرِ فِي مَتَاعِ
حَتَّى أَظَلَّ أُغَنِّي طُولَ أُمْنِيَةٍ
وَأَرْتَقِي فِي عَذَابِي قِمَّةَ الْوَلَعِ
سَلْقِينُ يَا دُرَّةَ الْأَحْلَامِ فِي زَمَنٍ
أَضَاءَ فِيكِ سَنَا الْإِبْدَاعِ وَالْوَرَعِ
أَرْسَتْكِ يَا بَدْرَةَ التَّارِيخِ مُلْهَمَةً
فِي مَوْكِبِ الْفَخْرِ نَبْضُ الْحُبِّ وَالْمَتَعِ
هَوَاكِ يَا سَلْقِينَ مَا زَالَ يَسْكُنُنِي
نَّارِ فِي الْجَوْفِ تَسْتَعْصِي عَلَى الْخُمَعِ
لِكُلِّ أَشْوَاقِي إِلَيْكِ الْيَوْمَ أَشْهَدَةٌ
نَّجْمِ فِي اللَّيْلِ أَوْ كَالْغَيْثِ فِي الْهُزَعِ
أَسْكَنْتُ فِيكِ حَنَايَا قَلْبِي وَاحْتَرَقَتْ
أَحْرُفُهُ وَهُوَ يَدْعُو بِالنَّدَى وَالنَّفَعِ
يَا بَلْدَةَ الرُّوحِ مَا أَحْلَى مَنَازِلَكِ
وَكُلُّ مِيثَاقِنَا فِي الْحُبِّ لَمْ يَضِعِ
أَنَا الْمُتَيَّمُ فِيكِ عِشْقًا يَلُفُّنِي
كَسَرْبِ طُيُورٍ تَحُومُ السَّمْعَ فِي السَّمَعِ
أَذُوبُ فِي كُلِّ شِبْرٍ مِنْ مَعَالِمِكِ
حَتَّى تَبَثَّلَ حُبِّي فِيكِ كَاللَّمَعِ
هَا أَنَا الْيَوْمَ أُهَدِّيكِ الرُّوحَ مُغْتَرِبًا
وَأَرْتَقِي فِي صَلَى أَشْوَاقِكِ السَّطَعِ
إِنَّا تَقَاسَمْنَا أَحْزَانًا تَلَفَّنَا
فَكُنْتِ أَغْنَى الْبِلَادِ فِي الْوَفَا الْمُتَّسِعِ
هَذِي أَرَاضِيكِ تَبْتَسِمُ النُّسُورُ بِهَا
كَيْفَ السَّحَابُ إِذَا مَا طَافَ فِي الطَّبَعِ
سَلْقِينُ يَا نَغَمَ الْأَحْزَانِ تَرْسِمُهَا
نَايَاتُ مِنْ شَوْقِنَا كَالنَّوْرِ فِي الطَّلَعِ
إِنَّا تَقَدَّسْنَا بَيْنَ الرُّوحِ وَالْقَدَرِ
وَكُلُّ شِرْبِنَا مِنْ غُرْبَتِكِ مَطَبَّعِ
سَلْقِينُ يَا جَنَّةَ الْأَحْلَامِ فِي طَرَبٍ
مَا زِلْتِ تَشْدِينَ كَالْأَشْجَارِ فِي ضِلَعِ
هَوَاكِ فِي الْقَلْبِ كَالْأَنْسَامِ يَحْمِلُنِي
عَبْرَ الْبِلَادِ وَمِنْ أَحْدَاثِهَا أَتَعِي
أَرَاكِ فِي كُلِّ طَيْفٍ حَيْثُ أَنْظُرُهُ
وَكُلُّ دَمْعٍ عَلَى الْأَجْفَانِ مِنْ دَمَعِي
يَا بَلْدَةَ النُّورِ وَالْأَمْجَادِ مَا بَرِحَتْ
تَحْكِي حِكَايَاتِ أَجْدَادٍ لَهُمْ شَجَعِ
كُنْتِ الْفَتَاةَ الَّتِي فِي الرُّوحِ أَسْكُنُهَا
كَيْفَ السَّحَابُ يَرُوحُ فِي سَكْبِهِ الْمُتَعِ
يَا لَوْعَةَ الْحُبِّ فِي أَحْشَاءِ قَلْبِي وَإِنْ
طَالَ الْفِرَاقُ فَإِنِّي فِيكِ لَمْ أَضَعِ
أَرْسَلْتُ أَشْوَاقِي نَحْوَ الشَّمْسِ تَحْمِلُهَا
حَتَّى تَبَثَّلَ عِطْرُ الرُّوحِ فِي الْمَرَعِ
أَبْكِي عَلَيْكِ فَمَا أَبْكِي عَلَى طَلَلٍ
بَلْ أَبْكِي رُوحَكِ مِنْ أَحْزَانِ مَنْ وَقَعِ
1036
قصيدة