عدد الابيات : 42
أَبْكِي عَلَى سَارَةٍ، وَالْحُبُّ مُشْتَعِلُ
كَالشَّمْسِ، يُشْرِقُ فِي الْأَضْلَاعِ مُتَكَبِّلُ
مَنْ مِثْلُهَا؟ وَهِيَ فِي الْأَخْلَاقِ قَائِدَةٌ
وَفِي الْجَمَالِ لَهَا تَاجٌ وَمُتَبَجِّلُ
عَيْنَاكِ يَا سَارَةُ الْمَبْهُورُ يَفْتِنُهُ
نُورٌ يَسِيلُ كَمَاءِ الْمُزْنِ يَنْسَجِلُ
وَمِسْكُ شَعْرِكِ رِيحُ الطِّيبِ يَحْمِلُهُ
حَتَّى يَطِيرُ بِهِ الْعَاشِقُ الْمُبْتَهِلُ
للهِ أَخْلَاقُهَا! عِطْرٌ يُنَافِسُهُ
عِطْرُ الرَّبِيعِ إِذَا مَا الرِّيحُ تَعْتَزِلُ
وَسِحْرُ صَوْتِكِ، مَا غَنَّتْ بَلَابِلُهُ
إِلَّا وَغَارَ بِهَا الْقِيثَارُ وَالْمُقَلُ
تَسْبِي الْعُقُولَ بِحُسْنِ الْقَوْلِ إِذْ نَطَقَتْ
كَأَنَّهَا الْفَجْرُ، لَمَّا لَاحَ مُكْتَمِلُ
وَالصِّدْقُ فِي نَبْضِهَا شَمْسٌ مُشَرِّقَةٌ
مَا ضَلَّ قَلْبٌ بِهَا أَوْ ضَاعَ مُشْتَغِلُ
حَنَانُهَا دُرَّةٌ عُلِّقَتْ فِي عُنُقٍ
وَفِي فُؤَادِي غَدَتْ تَنْسَابُ كَالْعَسَلِ
سَارَةُ، يَا سِرَّ عِشْقِ الْقَلْبِ مُنْدَمِجًا
حُبُّكِ الْبَحْرُ، لَا سَاحِلٌ وَلَا أَمَلُ
كَأَنَّ وَجْنَتَهَا الزَّهْرُ الَّذِي ابْتَسَمَتْ
شَمْسُ الضُّحَى، حِينَ مَا أَوْرَاقُهُ تَهِلُّ
وَالطُّهْرُ بُرْدُكِ، مَا مَسَّتْهُ غَانِيَةٌ
إِلَّا وَزَالَتْ بِهَا الْأَحْقَادُ وَالدَّخَلُ
طِيبَتُكِ الزَّادُ، إِذْ مَا النَّاسُ ضَاقَتْ بِهِمْ
دُنْيَا تُكَفْكِفُهُمْ، وَالْقَلْبُ مُتَعَلِّلُ
وَبَرَاءَةٌ فِي مَلَامِحِكِ ارْتَسَمَتْ
تُضِيءُ بِاللَّيْلِ، مَا أَطْفَاهَا الْمُقْتَبِلُ
كَمْ ذَا يُنَاجِيكِ قَلْبِي فِي غِيَابِكِ، يَا
سِرَّ الْبَقَاءِ لِمَنْ بِالْحُبِّ يَكْتَحِلُ
فَيَا مَلَاذِي إِذَا جَارَتْ بِيَ الْأَزَلُ
إِلَيْكِ أَنْأَى، فَتَسْقِي الرُّوحَ مَا سَأَلُوا
يَا زَهْرَةً عَـانَقَتْ قَلْبِي بِمَا مُلِئَتْ
مِنْ حُسْنِهَا، فَهِيَ بَيْنَ الْكُلِّ لَا تُملُ
أَنْتِ الْمَلَاذُ إِذَا ضَاقَتْ بِيَ السُّبُلُ
وَأَنْتِ نُورُ دُعَايَ الْمُسْتَجَابُ يَعَلُ
أَنْتِ الْحَيَاةُ، وَإِنْ جَاءَتْ نِهَايَتُهَا
يَكْفِي بِأَنَّكِ فِي أَيَّامِي تَتَرَتَّلُ
فَهَلْ تُلامُ إِذَا أَضْنَاهُ عِشْقُكِ مَنْ
أَهْدَى الْحَيَاةَ هَوَاكِ، الْقَلْبَ يُنْتَقَلُ
مَا غَابَ ذِكْرُكِ عَنْ ذِهْنِي إِذَا ابْتَعَدَتْ
كُلُّ النُّجُومِ، وَظَلَّتْ شَمْسُكِ الْأَمَلُ
فَيَا مَلِيكَةَ حُسْنٍ، كُلُّ عَاشِقَةٍ
تَبْقَى ظِلَالًا إِذَا مَرَّتْ بِكِ الْمُقَلُ
يَا سَارَةُ، قَدْ خَلَدْتِ الْيَوْمَ فِي زَمَنِي
وَفِي الْقَصَائِدِ مِسْكٌ مِنْكِ مُتَّصِلُ
صِفْنِي بِحُبِّكِ، لَمْ أُخْفِ احْتِرَاقَ فَمِي
وَلَمْ أَزَلْ فِيكِ، مِثْلَ الرِّيحِ، أَشْتَعِلُ
يَا قُبْلَةَ الرُّوحِ، دَمْعُ الْعِشْقِ يَنْحَرُنِي
إِلَيْكِ أَسْعَى، وَدَمْعُ الْقَلْبِ مُتَبَتِّلُ
إِنِّي وَقَفْتُ بِبَابِ الْحُبِّ، أَعْزِفُهُ
وَتْرَ الْعُشَّاقِ، يَا سَارَةُ، فَاحْتَمِلُوا
إِنَّ الْقَصَائِدَ فِي وَصْفِ الْحِسَانِ خَبَا
بِهَا الْبَيَانُ، وَفِي سَارَةَ اكْتَمَلُوا
يَا سَارَةُ، الْقَمَرُ اسْتَحْيَا يُنَافِسُهَا
فَهِيَ الْكَمَالُ، وَنُورُ الْحُسْنِ يَنْسَدِلُ
وَفِي عَبِيرِكِ، مَا لَمْ تَعْرِفِ الْوُرُدُ
لِأَنَّكِ أَنْتِ، وَعِطْرُ الْكَوْنِ يَتَمَثَّلُ
يَا زَهْرَةً فَاحَ عِطْرُ الْكَوْنِ مِنْ شَفَتٍ
مُبْتَلَّةٍ بِالنَّدَى وَالْحُبِّ يَنْصَقِلُ
مَا أَرْوَعَ الْبَسْمَةَ الْغَنَّاءَ، إِنْ زَهَرَتْ
مِنْكِ الشِّفَاهُ، فَيُشْرِقُ فِيهَا الْمُثُلُ
أَنْتِ السُّكُونُ إِذَا ضَاقَتْ بِنَا طُرُقٌ
وَأَنْتِ مَنْ أَنْزَلَتْ بِالْقَلْبِ مُبْتَغَلُ
وَفِي سَجَايَاكِ حُسْنٌ لَوْ تَصَوَّرَهُ
شِعْرٌ، لَكَانَ سَحَابًا فِيهِ يَنْهَمِلُ
مَا عِشْتُ إِلَّا لِأَنَّ الْحُبَّ سَارَةُ، يَا
نِعْمَ الْجَمَالِ، وَهَلْ بِالشِّعْرِ مُحْتَمَلُ
لَكِ الْمَدِيحُ، وَإِنْ طَالَتْ قَوَافِلُهُ
فَالْحُبُّ فِيكِ، وَفِي مَدْحِكِ الْكَلَلُ
حُسْنُ الْوِدَادِ نَدَى فِي كَفِّ سَارَةَ، مَا
خَانَتْ يَدَيْهَا، وَلَا الْأَيَّامُ تَغْتَسِلُ
فَيَا مَلِيكَةَ حُسْنٍ، كُونِي شَاهِدَةً
بِأَنَّ عِشْقًا بَدَا وَالْكَوْنُ مُتَنَاوَلُ
يَا سَارَةُ، يَا رُبَى الْأَشْوَاقِ إِنْ رَفَعَتْ
رَايَاتِهَا، وَأَتَى مِنْ بَابِهَا الْغَزَلُ
وَيَا قُدْوَةَ الْحُسْنِ، يَا نُورًا أَرَى أَمَلًا
فَكَيْفَ تُحْجَبُ عَيْنًا أَنْتِ تَتَجَمَّلُ
وَالْحُبُّ فِيكِ، وَفِي أَعْمَاقِكِ ارْتَسَمَتْ
أَحْلَامُ عَاشِقِهَا، وَالْقَلْبُ مُتَّصِلُ
يَا سَارَةُ الْقَلْبُ شِعْرٌ فِيكِ يَكْتَمِلُ
فَلَا قَصِيدٌ وَلَا قَلْبٌ يَنْفَصِلُ
وَفِي الْخِتَامِ، أَقُولُ الْحُبُّ مَمْلَكَةٌ
وَسَارَةُ فِيهَا الْمَدَى، وَالْقَلْبُ يَشْتَعِلُ
1036
قصيدة