عدد الابيات : 19
بِسْمِ الَّذِي جَلَّ عَنْ إِدْرَاكِ كُلِّ فَهِمِ
وَحَارَتِ الْعُقُولُ بِأَمْرِ الْحُسْنِ وَالْكَرَمِ
بَدَأْتُ أُنْشِدُ فِي عَلْيَاءِ مَنْزِلَةٍ
لَمْ يَبْلُغِ الْحَرْفُ أُفْقَ الْوَصْفِ وَالْهِمَمِ
مُحَمَّدُ الطُّهْرُ، مَنْ زَانَ الْوُجُودَ بِهِ
وَسَارَ بِالنُّورِ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلَمِ
هُوَ الَّذِي قِيلَ فِيهِ الْحَقُّ مُؤْتَلِقًا
"يَا خَيْرَ خَلْقٍ" بِذَا التَّنْزِيلُ قَدْ نُظِمِ
هُوَ الَّذِي سَبَقَ الْأَزْمَانَ مَبْعَثُهُ
فَكَانَ مِنْ قَبْلِ خَلْقِ الْكَوْنِ مُحْتَشِمِ
مِنْ كَفِّهِ الْغَيْثُ، إِذْ يَسْقِي الْجُدُوبَ
كَرًى وَفِي بَسْمَتِهِ أَمْنٌ لِذِي سَقَمِ
هُوَ الشَّفِيعُ إِذَا مَا الْخَلْقُ قَدْ نُحِرُوا
بَيْنَ الذُّنُوبِ وَأَمْوَاجِ الْأَسَى الْعَمِمِ
مَا طَابَ قَوْلٌ وَلَا أَثْنَى مَدِيحُ فَمٍ
إِلَّا بِاسْمِكَ يَا ذَا الْفَضْلِ وَالْعِصَمِ
أَنْتَ الَّذِي مَا انْثَنَى لِلدَّهْرِ عَزْمَتُهُ
وَلَا انْحَنَى ظَهْرُهُ فِي ضِيقٍ مُلْتَثَمِ
يَا قَائِدَ الْحَقِّ فِي سَيْفِ الْوَغَى ظَفِرَتْ
فِيكَ الْمَنَاصِرُ مِنْ شَرٍّ وَمِنْ نَقَمِ
كَالشَّمْسِ فِي سِيرَةٍ بَرَّاقَةٍ سَفَرَتْ
فَلَمْ يَكُ الْحُجْبُ إِلَّا ظِلَّ مُحْتَشِمِ
يَا مَنْ بِنَظْرَتِهِ شُفِّيَتْ جَوَانِحُنَا
وَجَادَ بِالْعَفْوِ لِلْأَقْوَامِ وَالْأُمَمِ
يَا مَنْ أَزَالَ عَنِ الْجَهْلِ السُّرَى طُغَمًا
حَتَّى اسْتَنَارَتْ بِنُورِ الْوَحْيِ كُلُّ عَصَمِ
كُنْتَ الْأَمَانَ لِمَنْ جَارَ الزَّمَانُ عَلَيْهِ
وَكُنْتَ لِلرُّوحِ بَابَ الْعِلْمِ وَالْحِكَمِ
يَا مَنْ كَسَا الْأَرْضَ زُهْرًا فِي خُطًا نَبَضَتْ
بِالْحُبِّ فِي كُلِّ دَرْبٍ خَضَّبَ الْقَدَمِ
يَا مَنْ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْكَوْنِ مُنْجَذِبٌ
كَسَيْلِ نَهْرٍ إِلَى أَعْمَاقِ مُنْسَجِمِ
مَاذَا أَقُولُ وَفِي الْأَوْصَافِ مَأْتَمُهَا
إِذَا أَرَدْنَا بُلُوغَ الْبَحْرِ بِالدِّيَمِ
قَدْ ضَاقَ عَنْكَ مَدِيحُ الْخَلْقِ فِي وَرَقٍ
كَأَنَّمَا الْوَصْفُ دُونَ الْعَرْشِ فِي قَزَمِ
صَلَّى عَلَيْكَ إِلَهُ الْعَرْشِ مَا سَطَعَتْ
أَنْوَارُ ذِكْرَاكَ فِي لَيْلٍ وَفِي قُدُمِ
1036
قصيدة