عدد الابيات : 25
أَيَا حُبَّ رُوحِ الْكَوْنِ يَا سِرَّ مَا بِهِ
تُضَاءُ الْحَيَاةُ إِذَا عَلَاهَا دَجَا الْعَمَى
هَوًى خَالِدٌ، فِي الْقَلْبِ نَبْضُ حَيَاتِهِ
يُضِيءُ بِهِ الظَّلْمَاءُ وَاللَّيْلُ قَدْ رَحَى
إِذَا الْحُبُّ لَمْ يَسْرِحْ بِنَفْسِي وَقَلْبِهَا
فَمَا طَعْمُ دُنْيَا دُونَ رُوحٍ بِهَا سَمَا؟
مَلَاذُ النُّفُوسِ الْحُبُّ، نَهْرٌ بِهِ ارْتَوَى
ذُو الْعَطَشِ إِذْ غَاضَتْ بِوَادِينَا الْمِيَا
وَسِرُّ وُجُودِ الْخَلْقِ فِي جَذْوَةِ الْهَوَى
بِهَا أَزْهَرَتْ أَزْهَارُ أَفْرَاحِنَا نَمَا
وَأَنْتِ الَّتِي لِلْحُسْنِ كُنْتِ مَلِيكَةً
فَفِي وَجْنَتَيْكِ السِّحْرُ يَا نُورَ مَنْ هَمَى
كَأَنَّكِ بَدْرٌ قَدْ تَنَاهَى بِضِيَائِهِ
يَسِيرُ بِعَيْنَيَّ وَالْقَلْبُ فِي رَخَا
أَيَا قِبْلَةَ الْأَرْوَاحِ يَا أُمْنِيَةَ الْهَوَى
لَئِنْ زَالَ حُبُّكِ فَالْحَيَاةُ بِنَا انْمَحَى
رَأَيْتُكِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَالْكَوْنُ سَاكِنٌ
فَمَاجَتْ بِحَارُ الْقَلْبِ إِذْ مَرَّ كَالظِّمَا
وَقُلْتُ أَهَذَا وَجْهُ سَارَةَ أَمْ هَوًى
مِنَ الْجَنَّةِ الْعُلْيَا تَجَلَّى لَنَا سَمَا؟
بِعَيْنَيْكِ نُورُ الْحُسْنِ يُغْوِي وَيَأْسِرُ
وَفِيهِ سَكِينَةُ رُوحِ عَاشِقِهِ الرِّضَا
تَقَدَّمْتُ وَالْخَجَلُ الْمَمْزُوجُ بِاللَّهْفَةِ
تَعَانَقُ فِي صَدْرِي، يُرَاوِغُنِي الْجَوَى
وَهَلْ كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ حُبَّكِ مَهْرَبٌ
مِنَ الْيَأْسِ نَحْوَ الْمَجْدِ، أَوْ رُوحٌ احْتَوَى؟
أَحْبَبْتُ فِيكِ الرُّوحَ، لَسْتُ مُغْرَمًا
بِجِسْمٍ فَقَطْ، بَلْ بِالنَّقَاءِ الَّذِي حَوَى
وَمِنْ لَحْظَةِ الْأَقْدَارِ صِرْتِ مَلَاذَنَا
بِكِ الْهَمُّ يَنْجَلِي، وَالْفَرَحُ بِنَا غَوَى
كَتَبْتُكِ شِعْرًا فِي الْمَسَاءِ وَعِنْدَمَا
أَصْحُو، عَلَى ذِكْرَاكِ يَبْقَى لَنَا الْعَطَا
وَأَنْتِ مَدَارُ الْأَرْضِ حَوْلَ شُعَاعِهَا
فَمَا لِي سِوَى قَلْبٍ يَهِيمُ بِمَا غَفَا
حَبِيبَتُنَا الْأُولَى وَأَنْتِ نَجْمَةُ الدُّجَى
وَيَا قِبْلَةَ الْعُشَّاقِ يَا بَدْرَنَا السَّنَا
وَهَبْتُكِ عُمْرِي، فَاقْبَلِي الْقَلْبَ إِذْ
هَوَى بِحَنَانٍ يَا مَلَاذَ الْهَوَى النَّدَى
وَفِي كُلِّ نَبْضٍ كُنْتِ أَنْتِ مَلِيكَتِي
وَمَا كُنْتُ لَوْلَا الْحُبُّ أَرْجُو بِمَا أَتَى
لَئِنْ كَانَ لِلْحُبِّ ابْتِدَاءٌ بِلَمْحَةٍ
فَفِيكِ تَجَمَّعَ الْكَوْنُ وَالرُّوحُ مَنْ صَفَا
سَأَحْكِي لِأَوْلَادِي إِذَا طَالَ بِي النَّوَى
بِأَنَّكِ مَهْدُ الْقَلْبِ، وَالْمَوْجُ إِذْ شَذَا
فَلَا تَسْأَلِي كَيْفَ ابْتَدَيْتُ بِحُبِّكِ
وَلَكِنِ اسْأَلِي كَيْفَ بِالنُّورِ قَدْ دَنَا؟
وَأُقْسِمُ أَنَّ الْعُمْرَ إِنْ طَالَ يَا سُهَا
سَأَبْقَى أَسِيرَ الْعِشْقِ حَتَّى تَنَامَ الْمَدَى
وَهَا أَنَا ذَا أُهْدِيكِ هَذَا الْقَصِيدَةَ
لَعَلَّ الْهَوَى يُزْهِرُ فِي نَبْضِ مَنْ غَفَا
1064
قصيدة