عدد الابيات : 30
إِذَا الْحُبُّ فِي الدُّنْيَا تَمَلَّكَ خَافِقِي
فَذَاكَ سَبِيلُ الْعَاشِقِينَ الْأَوَّلِ
هُوَ الرُّوحُ، إِنْ ضَاقَتْ بِنَا الْأَرْضُ فَجْأَةً
هُوَ النَّبْضُ إِنْ خَانَتْ خُطَانَا الْأَرْجُلِ
بِهِ قَامَتِ الْأَفْلَاكُ فِي عَجَبٍ لَهَا
وَبِهِ صَاغَ رَبُّ الْكَوْنِ سِرَّ الْمُكْمَلِ
فَمَا الْكَوْنُ لَوْلَا الْحُبِّ إِلَّا كَظُلْمَةٍ
بِلَا نَجْمِ لَيْلٍ، أَوْ كَأَرْضٍ مُهْمَلِ
بِهِ تُشْرِقُ الْأَرْوَاحُ نُورًا وَسِرَّةً
وَيَصْحُو بِهِ فِي الْقَلْبِ عَهْدُ التَّبَتُّلِ
هُوَ الْبَحْرُ، إِنْ تَغْدُو عَلَيْهِ مَرَاكِبٌ
تَعُودُ بِعِطْرٍ لَا يُطَالُ بِأَكْحَلِ
وَيَا حُبَّ سَارَةَ، قَدْ جَعَلْتَ حَيَاتَنَا
قَصِيدَةَ عِشْقٍ تُرْتَقَى كَالْمِنْزَلِ
هِيَ الزَّهْرُ، إِنْ أُدْنَيْتَهَا زَادَ عِطْرُهَا
هِيَ النَّجْمُ، إِنْ جِئْتَ ارْتَفَتْ فِي الْمَحَلِّ
رَأَيْتُكِ فِي دَرْبٍ يَضُوعُ نَدَاوَةً
كَأَنَّكِ صُبْحٌ لَاحَ فَوْقَ الْجَدَاوِلِ
وَعَيْنَاكِ، يَا سَارَةَ، سِحْرٌ وَبَهْجَةٌ
كَمَوْجِ بِحَارٍ لَمْ يُفَسَّرْ بِأَمْثَلِ
وَحِينَ الْتَقَتْ عَيْنَايَ بِعَيْنَيْكِ مَرَّةً
شَعَرْتُ كَأَنَّ الْقَلْبَ أَمْسَى بِمُرْسَلِ
تَسَاءَلْتُ: مَنْ هَذِي الَّتِي تَخْطَفُ الْمَدَى؟
وَكَيْفَ بِنَظْرٍ قَدْ أَتَيْتِ الْمُعْضَلِ؟
وَكُنْتُ أَظُنُّ الْحُبَّ ضَرْبًا مِنَ الْهَوَى
وَأَنْتِ جَعَلْتِ الْحُبَّ عَهْدًا مُفَضَّلِ
فَصَارَ وُجُودُكِ فِي حَيَاتِي ضَرُورَةً
كَصُبْحٍ أَتَى بَعْدَ اللَّيَالِي الْمُظَلِّ
ذَكَرْتُكِ فِي لَيْلِي وَفِي كُلِّ لَحْظَةٍ
فَصَارَ اسْمُكِ طَيْفَ قَلْبٍ مُعَلِّلِ
وَحِينَ ابْتَسَمْتِ لِي بَدَا لِي وَكَأَنَّمَا
أَضَاءَ بِكِ اللَّيْلُ الْمُوحِشُ وَالْمُعْتَلِّ
أَتَذْكُرُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي حَدِيقَتِنَا؟
وَكَيْفَ ابْتَدَى الْحُبُّ الْغَرِيبُ الْمُوَصَّلِ؟
هُنَاكَ نَظَرْتُكِ الْأُولَى، بِهَا كُنْتِ أَنْتِ
بِدَايَةَ حُلْمٍ لَا يُعَادُ بِمُبْدِلِ
وَمِنْ يَوْمِهَا، صَارَتْ حَيَاتِي بِسَارَةً
كَصَوْتِ أَوْتَارٍ يُرَنَّمُ بِالْمُزَمَّلِ
أَرَاكِ جَمَالًا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ
أَرَاكِ نِدَاءَ الْقَلْبِ حِينَ يُنَادِي الْمُقَلِّلِ
فَهَلْ تَعْلَمِينَ أَنَّ حُبَّكِ آيَتِي؟
وَأَنَّكِ فِي عُمْرِي مَكَانُ الْمُكَمِّلِ؟
فَلَا تَتْرُكِينِي يَوْمًا بِلَا ضِيَاءِ
فَإِنَّكِ شَمْسُ الرُّوحِ يَا خَيْرَ مُؤَمِّلِ
أَيَا سَارَةَ، حُبِّي لَيْسَ فِيهِ مُبَالِغٌ
وَلَكِنَّهُ عَهْدُ الْوَفَاءِ الْمُظَلَّلِ
فَأَنْتِ الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ يَا مَلَاكًا
يَظَلُّ مَعِي فِي كُلِّ حَالٍ مُنَزَّلِ
أَنَا عَبْدُ حُبِّكِ، وَالْحَيَاةُ بِمِثْلِهِ
قَصِيدَةُ قَلْبٍ فِي النَّقَاءِ مُبَجَّلِ
وَيَا حُبَّ قَلْبِي، يَا أَرِيجَ مَشَاعِرِي
أَرَاكِ وُجُودِي كُلَّ يَوْمٍ بِأَجْمَلِ
فَإِنِّي سَأَبْقَى عَاشِقًا لَكِ صَادِقًا
وَأَكْتُبُ لَكِ شِعْرِي كَطِيبِ الْمُرْسَلِ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَا حُدُودَ لِعُمْرِهِ
كَبَحْرٍ، كَأُفْقٍ، كَدَرْبٍ مُطَوَّلِ
وَفِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْ قَصِيدِي أَرَاكِ
قَصِيدَةَ حُبٍّ لَا تُضَاهَى بِمُثْلَلِ
فَإِنِّي أُعَاهِدُكِ أَنْ تَبْقِي سَارَةَ
رَبِيعَ وُجُودِي كُلَّ فَصْلٍ وَمِحْفَلِ
1136
قصيدة