عدد الابيات : 28
أَلا قِفْ بِيَ الدَّهْرَ الْمُرِيبَ وَسَائِلاً
فَمَا عَاشَ إِلَّا مَنْ تَسَامَى عَالِيَا
سَأَلْتُ الرُّبَى عَنْ مَنْ أَبَوا كُلَّ ذِلَّةٍ
وَخَاضُوا سُبُلَ الْحَقِّ بِالنَّفْسِ بَاذِيَا
رِجَالٌ تَسَامَوا فَوْقَ قَيْدٍ وَجَوْرِهِ
وَصَارُوا نُجُومَ الْعِزِّ تَسْرِي دَوَاهِيَا
كَأَنَّ دِمَاءَهُمُ الزَّكِيَّةَ مَشْرِقٌ
يُنِيرُ طُرُقَ الْحُرِّ فِي الدَّرْبِ بَادِيَا
هُمُ الرُّوحُ، لَمْ يَخْضَعُوا لِطَاغِيَةٍ
وَلَمْ يَخْشَوا الْمَوْتَ الْعَنِيدَ عَتِيَّا
أَرَاهُمْ كَمَنْ شَادُوا الْقُصُورَ بِدَمْعِهِمْ
وَصَاغُوا لَنَا التَّارِيخَ حُرًّا نَدِيَّا
فَإِنْ تَسْأَلِ الرِّيحَ الْهَبُوبَ فَقُلْ لَهَا
أَتَأْتِينِ بِصَوْتِ الْحُرِّ شَوْقًا نَدِيَّا؟
وَتِلْكَ اللَّيَالِي الْبِيضُ قَدْ كُنَّ شَاهِدًا
عَلَى عَهْدِهِمْ حِينَ الْوُعُودِ مَضِيَّا
وَإِنْ طَلَبُوا الْحُرِّيَّةَ الْيَوْمَ صَفْوَةً
أَتَتْكَ الْمَنَايَا حَيْثُ تُقْصِي الْأَذِيَّا
هُمُ الْبَدْرُ لَمْ يَخْشَ السُّيُوفَ بَرِيقَهَا
وَلَمْ يَرْتَضُوا قَيْدًا يُطَوِّقُ شَفِيَّا
فَيَا سَائِرَ الْأَجْيَالِ كُنْ شَاهِدًا لَهُمْ
فَإِنَّ دِمَاءَ الْحَقِّ قَدْ جَعَلَتْ هِيَّا
سَقَوا الْأَرْضَ حُبًّا، فَاهْتَزَّتْ نَبْضَةً
وَأَزْهَرَ فِيهَا الْحُرُّ لِلنَّصْرِ غَدِيَّا
فَلَا تُطْفِئُوا النُّورَ الَّذِي كُنْتُمُوهُ
فَإِنَّ الشُّمُوعَ الْحُرَّةَ تَحْيَا أَبَدِيَّا
رِجَالٌ مَضَوا لِلْمَجْدِ أَكْتَافُهُمْ تُرَى
تُقِيمُ عَلَيْهِ الْحُلْمَ بَيْتًا عَتِيَّا
فَيَا حَامِلَ الرَّايَاتِ أَخْلِصْ لِدَمِهِمْ
فَمَا قَدْ بَنَوْهُ لَا يُضَامُ نَقِيَّا
إِذَا مِلْتَ عَنْ دَرْبِ الْهُدَى فَاذْكُرِ النُّهَى
وَإِنَّ الشُّهَدَاءَ هُمُ السَّرْجُ الْجَلِيَّا
بَكَتْ كُلُّ أَرْضٍ حِينَ غَابَتْ نُجُومُهُمْ
فَمَا كَانَتِ الدُّنْيَا بِلَاهم شَهِيَّا
هُمُ الْعِزُّ مَرْمَى النَّصْرِ فِي أَيْدِ كُلِّهِمْ
وَمَنْ يَطْلُبِ الْحُرِّيَّةَ كَانَ وَلِيَّا
فَيَا ثَوْرَةً خَضَّبَتِ الْأَرْضَ عِزَّةً
تَسَامَيْتِ حَتَّى أَصْبَحَ الْمَجْدُ حَيَّا
بِكُمْ تُرْفَعُ الْأَوْطَانُ حَيْثُ تَطَالُهَا
وَتُزْهِي بِكُمْ يَا شُهَدَاءُ الْأَعَالِيَّا
تَكَلَّمَتِ الْأَشْجَارُ عَنْ عَهْدِ صَبْرِكُمْ
وَصِرْتُمْ كَمَنْ أَعْلَنَ النَّصْرَ نَدِيَّا
إِذَا ذُكِرَتْ أَسْمَاؤُكُمْ فَاضَ خَافِقِي
بِحُبِّكُمْ، يَا مَنْ غَدَوْتُمْ بَشِيرَيَّا
أُقَبِّلُ ثَرَى الْأَرْضِ الَّتِي كُنْتُمُ بِهَا
لِأَنَّكُمْ فِيهَا الْحَيَاةُ جَلِيَّا
فَسِيرُوا إِلَى الْعَلْيَاءِ يَا أَهْلَ مَجْدِهَا
فَإِنَّ دَمَ الْأَبْطَالِ يَبْنِي الْوَفِيَّا
هَنِيئًا لَكُمْ أَرْضٌ حَمَتْكُمْ بِلَوْحَةٍ
تُسَطِّرُ أَسْمَاءَ الْكِرَامِ زَكِيَّا
وَإِنَّ عَلَى الْأَيَّامِ أَنْ تَحْمِلَ الْحِكَا
يَا وَتُلْقِي لِكُلِّ الْعَالَمِينَ وِصِيَّا
فَيَا كُلَّ شَعْبٍ حُرِّكُمُ دَرْبُ عِزَّةٍ
بِدَمِ الشُّهَدَاءِ احْفَظُوا الْعَهْدَ طَرِيَّا
هُمُ الشَّمْسُ، قَدْ أَشْرَقَتِ الْيَوْمَ أَبَدًا
وَلَنْ يَطْمِسَ التَّارِيخُ مَجْدًا خَفِيَّا
1260
قصيدة