عدد الابيات : 14
أَعَزُّ مَنَازِلَ قَلْبِهِ دِمَشْقُ تَحْتَضِنُ
بِجِيدِهَا مَاضِي الْوُرُودِ وَتُنْسَبُ
تَرَاقُصُ الْأَنْهَارُ فِي حُلَلِ الضُّحَى
وَتَحْتَ سُتُرِ الْجِنَانِ أَسْرَارُهَا تَلْعَبُ
سَقَاهَا الرَّبِيعُ فَمَا انْقَضَى عَهْدُ نَدَاهَا
وَظَلَّتْ كَعَرْشِ الْمَجْدِ تَزْهُو وَتُتْقَبُ
بَنَتْهَا يَدُ التَّارِيخِ مِنْ نُورِ حِكْمَةٍ
فَلَا الْخُلُودُ يُضَاهِيهَا وَلَا الْعُقُبُ
لَهَا الْوُجُودُ يُفَتِّشُ الْغَيْبَ سَاجِدًا
وَيَرْتَوِي مِنْ أَنْفَاسِهَا مَا تَصَوَّبُ
تَجَلَّتِ الْأَسْبَابُ فِيهَا فَأَصْبَحَتْ
لِكُلِّ سِرِّ حُبٍّ فِي الْحَيَاةِ مُرَحَّبُ
أَتَانِي نَشْوَةَ مَنْ يَرَى فَجْرَ خَالِدٍ
يُبَارِكُ الْأَيَّامَ بِهَا وَاللَّيْلُ يَخْتَلِبُ
فَمَا الْوُرُودُ سِوَى حُرُوفٍ نَقَشَتْهَا
يَدُ قَدَرِ الْمَحْبُوبِ وَالْقَلَمُ الْأَعْجَبُ
دِمَشْقُ! مَاذَا تَرْوِي الْجِبَالُ لِسَاحِلٍ
وَقَدْ سَكَنْتِ مَسَاحَةَ الْأَفْلَاكِ تَنْدُبُ
أَأَنْتِ مِرْآةُ اللَّاهُوتِ أَمْ مَجْدُ كِتَابُهُ
أَمِ انْسِكَابُ نُورٍ عَلَى الْأَرْضِ يُعْجِبُ
سَأَلْتُ نَجْمَةَ الشَّرْقِ: أَيْنَ حَدِيثُهَا
فَقَالَتْ: دِمَشْقٌ أُغْنِيَةُ الْكَوْنِ تَطْرُبُ
بِهَا كُلُّ مَا فُقِدَ الْوُجُودُ مُجَسَّدٌ
وَكُلُّ مَا لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ يُخَلَّبُ
لَقَدْ تَجَاوَزَتِ الْوُجُودَ فَأَصْبَحَتْ
لِكُلِّ سَائِلٍ عَنْ مَعَانِيِّهَا جَوَابُ
أَرَادَهَا اللَّهُ انْتِهَاءً لِسَفَرِ الْأَمَلْ
وَأَنْ تَكُونَ لِكُلِّ مَا يَأْتِي مَآبُ
1280
قصيدة