عدد الابيات : 38
بِاسْمِ الْإِلَهِ الَّذِي أَنْشَأَكَ مِنْ عَدَمِ
وَخَصَّكَ الْحَمْدَ فِي الْآيَاتِ وَالْقِدَمِ
أَبْدَأُ بِمَدْحِكَ، يَا نُورًا عَلَى أُمَمٍ
يَا مَنْ تَفَجَّرَ فِي الْأَكْوَانِ كَالْعَلَمِ
يَا سَيِّدَ الْخَلْقِ، يَا مَنْ كُنْتَ مُرْشِدَنَا
إِلَى الْيَقِينِ، وَفِيكَ الْحَقُّ لَمْ يُضْمَمِ
يَا مَنْ بُعِثْتَ إِلَى الْأَرْوَاحِ مَكْرُمَةً
فَأَحْيَتِ الْأَرْضَ بَعْدَ الْجَدْبِ مِنْ كَلَمِ
الْبَدْرُ يَخْجَلُ إِنْ تَبْدُو نُورَ هُدًى
كَأَنَّكَ سَنَا النُّورِ فِي لَيْلٍ بِلَا عَتَمِ
وَالشَّمْسُ تَسْكُبُ فِي عَيْنَيْكَ هَيْبَتَهَا
كَأَنَّهَا أَنْتَ، فِي إِشْرَاقِكَ مُبْتَسِمِ
مُحَمَّدٌ، ذِكْرُهُ كَالرَّوْضِ مُنْتَشِرٌ
فِي كُلِّ نَفْسٍ، وَفِي الْأَرْوَاحِ كَالْعِظَمِ
أَنْتَ الشَّفِيعُ إِذَا مَا الْكَرْبُ أَرْهَقَنَا
وَأَنْتَ خَيْرُ مُعِينٍ وَقْتَ كُلِّ ظُلَمِ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى وَصْفٍ يَلِيقُ بِهِ
وَالْبَحْرُ يَغْرَقُ فِي مَدْحٍ بِلَا لَجَمِ
لَوْ أَطْلَقَ الْعَقْلُ أَفْكَارَهُ لِيُدْرِكَهَا
لَكَانَ يَعْجَزُ عَنْ تَعْدَادِكَ السُّلَمِ
يَا مَنْ بِنُورِكَ هَذَا الْكَوْنُ قَدْ عَمَرَتْ
صُرُوحُ حُبٍّ عَلَى التَّقْوَى بِلَا سَقَمِ
يَا مَنْ أَتَيْتَ بِقَوْلٍ كُلُّهُ حِكَمٌ
كَأَنَّهُ الْفَجْرُ فِي أُفْقِ الْمَدَى شِيَمِ
قَدْ جِئْتَ بِالْحَقِّ نُورًا بَعْدَ عُتْمَتِهِ
فَزَالَ ظُلْمُ الدُّجَى عَنْ غَفْلَةِ الْأُمَمِ
أَنْتَ الَّذِي صَاغَ رَبِّي حُسْنَ خِلْقَتِهِ
فَكُنْتَ أَبْهَى وَأَزْكَى طَلْعَةِ الرُّحَمِ
الْبُوصَرِيُّ شَذَى بُرْدَتِهِ قَدْ مَلَأَتْ
عِطْرًا يُضَاهِي نَسِيمَ الزَّهْرِ بِالْحَرَمِ
وَشَوْقِي أَبْدَعَ نَهْجًا فِي مَدِيحِكَ إِذْ
سَقَاهُ عِشْقًا مِنَ الْأَرْوَاحِ لَمْ يُدَمِ
لَكِنَّنِي يَا حَبِيبَ اللَّهِ أَنْظِمُهُ
قَصِيدَةً فِيكَ لَا تُحْصَى مِنَ الْكَلَمِ
يَا أَحْمَدَ الْقَلْبِ، يَا رُوحَ الدُّنَا أَبَدًا
فِيكَ الْمَحَبَّةُ سِرٌّ يَعْلُو عَلَى النُّظُمِ
يَا مَنْ تَسَامَيْتَ بِالْإِسْلَامِ أُمَّتَنَا
حَتَّى غَدَوْنَا كِرَامًا فَوْقَ كُلِّ حُكْمِ
أَنْتَ الْبَشِيرُ، وَلِلظَّلْمَاءِ مُنْقِذُهَا
مِنَ الضَّلَالِ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالْعِصَمِ
فَامْدُدْ بِمَدْحِكَ أَرْوَاحًا تُزَكِّيهَا
كَأَنَّهَا لَذَّةُ الْإِيمَانِ فِي النَّعَمِ
وَأَشْرِقْ بِذِكْرِكَ فِي الْأَكْوَانِ عَالِيَةً
حَتَّى تُضِيءَ الدُّنَا كَالطَّوْدِ بِالْقِمَمِ
بِسْمِ الَّذِي أَبْدَعَ الْأَكْوَانَ مِنْ عَدَمِ
وَجَعَلَ الْمُخْتَارَ نُورَ الْحَقِّ بِالظُّلَمِ
طَه، وَإِشْرَاقُهُ فِي الْكَوْنِ مُتَّصِلٌ
كَأَنَّهُ النَّجْمُ بِأُفْقِ السَّمَا مُحْتَتَمِ
يَا رَحْمَةً عَمَّتِ الْأَرْجَاءَ فِي كَرَمٍ
وَيَا دَلِيلًا يُرِينَا الْخَيْرَ فِي الْحُلَمِ
أَنْتَ الَّذِي بَثَّ فِي الْأَرْوَاحِ فَرْحَتَهَا
وَأَنْتَ فِي النَّاسِ هَادٍ دُونَ مُلْتَثِمِ
بَدْرُ السَّمَاءِ إِذَا مَا اللَّيْلُ ذُو غَسَقٍ
وَفِي الْقُلُوبِ دَلِيلُ الْحُبِّ وَالْقَسَمِ
يَا مَنْ بَدَا وَجْهُهُ كَالصُّبْحِ مُؤْتَلِقًا
وَالْحَقُّ يَسْرِي بِسَيْفِ الْعَدْلِ بِالْأُمَمِ
أَزْهَرْتَ بِالدِّينِ أَرْوَاحًا مُجَدَّدَةً
وَجَدَّدَتْ بِالْهُدَى آثَارَ مَنْ ظَلَمِ
مَنْ ذَا يُجَارِيكَ فِي أَخْلَاقِكَ الْبَهِيَّةِ؟
مَنْ ذَا يُضَاهِي رُقِيَّ الْقَلْبِ فِي الْحَجْمِ
أَنْتَ الْمَهِيبُ إِذَا الْأَعْدَاءُ قَدْ حَضَرُوا
وَأَنْتَ فِي الْحَرْبِ سَيْفٌ قَاطِعُ الْحُسَمِ
وَفِي السَّلَامِ جَنَاحُ الطَّيْرِ مُمْتَدٌّ
يَبْنِي الْقُلُوبَ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَالشِّيَمِ
يَا مَنْ إِذَا ذُكِرَ التَّارِيخُ كَانَ لَهُ
فِي كُلِّ فَصْلٍ نَصِيبٌ بَيْنَ ذِي هِمَمِ
طَه، وَفِي ذِكْرِكَ الْأَرْوَاحُ مُبْتَهِجَةٌ
كَأَنَّهَا الْغَيْثُ يَرْوِي نَبْتَةَ السَّقَمِ
زِدْنَا شَفَاعَةَ يَوْمِ الْحَشْرِ، لَا مَلَلًا
فِيكَ الرَّجَاءُ وَفِيكَ الْأَمْنُ مِنْ نَدَمِ
مَدِيحُكَ الْفَخْرُ، لَا يُطْوِيهِ مُعْتَذِرٌ
كَالشَّمْسِ يُشْرِقُ فَوْقَ الْبَحْرِ وَالرِّدَمِ
فَأَنْتَ نُورٌ بَدَا فِي الْخَلْقِ مُنْفَرِدًا
وَوَجْهُكَ الطَّاهِرُ الْمَشْهُودُ لِلْعَالَمِ
إِنَّا لِمَدْحِكَ، طَه، قَدْ خُلِقْنَا هُنَا
نَرْوِي الْقَصَائِدَ فِي مَدٍّ بِلَا عَدَمِ
1280
قصيدة