عدد الابيات : 17
جَاءَتْ تُسَائِلُنِي وَاللَّيْلُ مُرْتَهِنُ
وَالدَّمْعُ فِي مُقْلَتَيْهَا يَسْكُنُ الْحَزَنُ
فَقُلْتُ: مَا بَالُ عَيْنَيْكِ اللَّتَيْنِ هَوَتْ
كَوْكَبُهُمَا وَاعْتَلَى فِي أُفُقِهِ الْوَهَنُ؟
فَقَالَتِ: الصَّبْرُ بَاتَ الْآنَ يُتْعِبُنِي
وَالشَّوْقُ فِي مُهْجَتِي نَارٌ بِهَا شَجَنُ
قُلْتُ: اعْذُرِينِي فَإِنَّ الدَّاءَ يَحْبِسُنِي
وَالسُّقْمُ مَا بَرِحَتْ مِنْهُ الْحَشَا الْمِحَنُ
قَالَتْ: أَمَا زِلْتَ تَشْكُو الْوَجْدَ فِي ضَرَعٍ
وَالطِّبُّ عَجْزٌ وَدَاءُ الْحُبِّ يُفْتَتَنُ؟
هَلْ كَانَ بُعْدُكَ يُشْفِي مَا تَأَلَّمَتْ
مِنْهُ الْجِرَاحُ وَهَلْ يَسْلُو بِهِ الزَّمَنُ؟
كَمْ كَانَ لِي مِنْ سُهَادٍ فِي تَأَرُّقِهِ
وَكَمْ تَمَلْمَلَ فِي أَجْفَانِيَ الْوَسَنُ
يَا مُدْمِنَ الْبُعْدِ إِنَّ الْهَجْرَ يَأْكُلُنِي
وَالدَّمْعُ يَنْهَلُّ مِثْلَ الْغَيْثِ يَحْتَقِنُ
قُلْتُ: ارْحَمِينِي فَإِنَّ الْبُعْدَ أَتْعَبَنِي
وَالشَّوْقُ فِي خَافِقِي نَارٌ لَهَا خَزَنُ
مَا كَانَ لِي فِي هَوَاكِ الْبُعْدُ مُعْتَصَمًا
لَكِنَّهُ الْحُكْمُ وَالْأَقْدَارُ تَفْتَتِنُ
إِنْ كَانَ صَبْرُكِ صَبْرَ الرُّوحِ فِي عَنَتٍ
فَالصَّبْرُ يَشْقَى بِهِ فِي الْهَجْرِ يَسْتَغِنُ
أَنَا الْمُعَذَّبُ بَيْنَ الْحُبِّ يُحْرِقُنِي
وَبَيْنَ دَاءٍ لَهُ فِي النَّفْسِ يَنْسَجِنُ
فَكَيْفَ أَسْلُوكِ؟ قَلْبِي لَيْسَ يَحْسِبُهَا
نَفْسًا تَخُونُ وَحُبِّي لَيْسَ يَسْتَكِنُ
إِنْ مِتُّ شَوْقًا فَقُولِي فِي مَنَازِلِكُمْ
قَدْ مَاتَ صَبْرًا وَنَارُ الشَّوْقِ تُسْخِنُ
قَبَّلْتُهَا فَبَكَتْ شَوْقًا تُكَابِدُنِي
وَقَالَتِ: الرُّوحُ تَشْكُو وَجْدَ يُقْتَرَنُ
قُلْتُ: الْعِنَاقُ حَرَامٌ فِي شَرِيعَتِنَا
قَالَتْ: أَيَا سَيِّدِي وَاجْعَلْهُ بِاللِّسَانِ
1280
قصيدة