عدد الابيات : 20
أَلَا فَاسْمَعِي يَا دَارُ وَاشْهَدِي الْعَجَبَا
حَدِيثًا كَضَوْءِ الصُّبْحِ قَدْ مَلَأَ الْحُقُبَا
حَدِيثًا تَهَادَى فِي الْفَصَاحَةِ زَاهِرًا
كَمَا لَاحَ فِي الْأُفْقِ الْمُنِيرِ إِذَا قَرُبَا
أُجِيشُ الْقَوَافِي جُنْدُهُ فِي بَلَاغَتِي
إِذَا زَمْجَرَتْ أَوْدَتْ بِمَنْ حَارَبَ السَّبَبَا
تَرَكْتُ الْفُصَحَاءَ الْيَوْمَ فِي حَيْرَةٍ
وَأَلْقَيْتُ فِي أُذْنِ الزَّمَانِ الَّذِي كَتَبَا
جَفَانِي، وَهَلْ يَجْفُو الْكِرَامُ وِدَادَهُمْ؟
فَوَيْلٌ لِمَنْ جَافَى، وَوَيْلٌ لِمَنْ كَذَبَا
تَقَلَّبَ فِي الْأَحْوَالِ حَتَّى كَأَنَّهُ
سَحَابٌ سَرَى، أَوْ رِيحُ صَيْفٍ إِذَا اضْطَرَبَا
فَإِنْ كُنْتَ لَا تَلْقَى الصَّدِيقَ بِصَفَائِحِي
فَصَاحِبْ جِدَارًا لَا يُعَادِي وَلَا يَعْبَا
وَلَا تَحْسَبَنَّ الْعَيْبَ عَيْبًا لِغَيْرِنَا
فَكُلُّ امْرِئٍ قَدْ جَرَّبَ الدَّهْرَ أَوْ جُرِبَا
فَكَمْ مِنْ لَيَالٍ حَالِكَاتٍ جَرَعْتُهَا
وَبِتُّ بِهَا أَسْتَلُّ مِنْ هَمِّيَ الْعُصَبَا
وَحِيدًا إِذَا مَا الدَّهْرُ أَظْلَمَ دَرْبَهُ
وَأَلْقَى عَلَى عَيْنَيَّ فِي الْوَحْشَةِ السُّدُبَا
فَلَا تَلْحَنِ الْمَرْءَ الْمُضَرَّجَ بِالْعَنَا
وَلَا تَبْتَغِي فِي الدَّهْرِ عَدْلًا وَلَا نَسَبَا
فَمَنْ لَمْ يَذُقْ مُرَّ الْحَيَاةِ وَصَبْرَهَا
تَرَاهُ عَلَى الْأَيَّامِ يَشْكُو إِذَا ضُرِبَا
وَكَمْ فَارِسٍ فِي الْحَرْبِ جَرَّدَ صَارِمًا
فَكَانَ كَسَيْفِ الْهِنْدِ فِي الطَّعْنِ مُلْتَهِبَا
إِذَا مَا امْتَطَى ظَهْرَ الْجَوَادِ فَإِنَّهُ
يُسَابِقُ بَرْقَ الْمَوْتِ إِنْ هَبَّ أَوْ رَغِبَا
عَلَى كَاهِلَيْهِ الْمَجْدُ يَعْلُو كَأَنَّهُ
لِوَاءٌ رَفَعَتْهُ يَدُ النَّصْرِ وَانْتَسَبَا
تَرَاهُ إِذَا سَامَ الْعُلَا، مَا تَرُدُّهُ
هُمُومُ الدُّنَا، أَوْ عَارِضٌ عَاثِرٌ نَكِبَا
فَيَا دَارُ، قُولِي لِلزَّمَانِ بِأَنَّنِي
خَلَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَصَاحَتِي الْحُلُبَا
وَسَطَّرْتُ فِي سِفْرِ الْمَعَالِي قَصِيدَةً
إِذَا قُرِئَتْ يَوْمًا، تَهْدُّ السَّمَا نُجُبَا
فَإِنْ كَانَ فِي الشُّعَرَاءِ مَنْ يَتَحَدَّنِي
فَلْيَحْمِلِ السَّيْفَ الْيَمَانِيَّ، أَوْ يُهَبَا
1280
قصيدة