عدد الابيات : 21
أَطَلْتُ وُقُوفِي وَالْمَحَبَّةُ أَدْمُعُ
وَأَضْحَكُ مُرًّا وَالْفُؤَادُ يُحَرَّقُ
كَأَنَّ يَدِي تَمْتَدُّ تُمْسِكُ طَيْفَهَا
فَيُفْلِتُ مِنِّي كَالسَّرَابِ وَيُغْرَقُ
تَذَكَّرْتُ أَيَّامَ الْهَوَى فَتَأَوَّهَتْ
بِيَ الرُّوحُ شَوْقًا وَالْجَوَانِحُ تَخْفُقُ
أَلَا لَيْتَ أَيَّامَ اللِّقَاءِ مُعِيدَةٌ
فَإِنِّي بِهَا كُنْتُ الْمُنَى وَأُحَدِّقُ
فَوَا أَسَفِي، إِنْ كَانَ آخِرُ عَهْدِهَا
لَهَاثَ الرِّيَاحِ النَّائِيَاتِ تَنْبَثِقُ
أَرَى الدَّهْرَ لَمْ يَبْقَ الْوِصَالُ لِمِثْلِنَا
وَكُلُّ الدُّنَا بَعْدَ الْفِرَاقِ مُعَلَّقُ
فَلَا الدَّارُ تَأْوِينِي وَلَا الْقَلْبُ صَابِرٌ
وَلَا الطَّيْفُ يَأْتِي بِالْعِنَاقِ فَيَشْفُقُ
إِذَا مَا تَوَلَّتْ فَالْعُيُونُ مُدَامِعٌ
كَمَا يَنْتَحِبُ الْغَيْثُ الْخَرِيفُ وَيَسْبِقُ
وَكُنْتُ إِذَا مَرَّتْ بِسِحْرِ جُفُونِهَا
كَأَنِّي بِنَجْمٍ فِي الدُّجَى أَتَأَلَّقُ
بَلَغْتُ بِهَا شَوْطَ الْمَحَبَّةِ كُلَّهُ
وَكُنْتُ لَهَا حُبًّا يُزَانُ وَيُعْشَقُ
فَلَمَّا أَتَتْ أَيَّامُ دَهْرٍ جَفَانِيَتْ
سُيُوفٌ عَلَيَّ الْحُزْنُ فِيهَا يُحَدِّقُ
فَلَا هِيَ تَدْنُو وَالْمَنَازِلُ بَعْدَهَا
كَمَا قَدْ رَأَيْنَاهَا تَذُوبُ وَتَفْرُقُ
كَأَنَّ الْمُنَى فِيهَا لَمَا حَلَّ جِدُّهَا
تَطَايَرَ مِثْلَ الدُّخَانِ يُسْتَبْرَقُ
فَيَا دَارَ حُبِّي، قُلْ لِمَاذَا جَفَوْتِنِي
أَذَاكَ جَزَاءُ الْعَاشِقِ الْمُتَوَثِّقُ
فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَاكِ مَا دَامَ نَاظِرِي
يُعَانِقُ طَيْفًا فِي الدُّجَى يَتَأَلَّقُ
أَلَا يَا حَبِيبَ الْقَلْبِ، هَلْ أَنْتَ رَاجِعٌ
فَإِنِّي بِأَشْوَاقِ اللِّقَاءِ مُصَدَّقُ
فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرْجِعْ فَكُنْ طَيْفَ زَائِرٍ
يُمَرِّرُ فِي ظُلْمَاءِ لَيْلِي وَيَنْطِقُ
وَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي بِحَالِي فَإِنَّهُ
كَمَا السَّيْلُ فِي سَفْحِ الْجِبَالِ يُدَفَّقُ
بَكَيْتُ فَلَا دَمْعِي يُسَلِّي نَوَاحِيَ
وَلَا الصَّبْرُ فِي حُزْنِي مَا انْشَقَّ يُرَتِّقُ
وَأَحْلُمُ أَنِّي فِيكَ يَوْمًا مُقَيِّلٌ
فَيَا لَيْتَ أَحْلَامِي تَجُودُ وَتُحْقَقُ
1280
قصيدة