عدد الابيات : 44
عَفَتِ الدِّيَارُ بِوَادِي النَّهْرِ مَغْرَبُهَا
وَالطَّيْفُ يَعْبُرُهَا وَالدَّمْعُ يَنْسَكِبُ
وَقَفْتُ أَسْأَلُهَا عَنْ سَارَةٍ فَبَكَى
طَرْفِي وَأَخْبَرَنِي نَايُ لَوْعٍ وَمُنْتَحِبُ
تِلْكَ الْمَجَالِسُ لِلْأَحْبَابِ كَانَ لَهَا
فِي كُلِّ زَاهِرَةٍ ذِكْرُ نَسَبٍ وَحَسَبِ
حَيْثُ اللِّقَاءُ وَأَيَّامُ الْمَوَدَّةِ فِي
فَجْرِ صَبَا وَالْهَوَى أَنْفَاسُهَا عَذْبُ
يَا وَيْحَ قَلْبِي وَأَيَّامِي وَحَسْرَتِي
لَوْ كَانَ يَدْرِي الْهَوَى مَا يَفْعَلُ الْعَتَبُ
سَارَتْ بِنَا الرِّيحُ نَحْوَ الْبُعْدِ وَامْتُحِنَتْ
أَيَّامُهَا صَبْرَنَا وَالزَّهْرُ مُكْتَئِبُ
وَالطَّيْرُ يَنْعَى وَأَغْصَانُ الرُّبَى نَحَلَتْ
كُحْلَ الْغُيُومِ وَأَوْدَتْ بِالْهَوَى النُّوَبُ
يَا سَارَةَ الْقَلْبِ إِنَّ الشَّوْقَ يُرْهِقُنِي
وَالنَّجْمُ يَسْهَرُ لِلْفُرْقَى وَيَضْطَرِبُ
يَا مَنْ بِعَيْنَيْهَا الطُّفُولَةُ تَلْعَبُ
وَبَهَاؤُهَا فَجْرُ الْجَمَالِ الْمُذْهَبُ
قَدْ زَانَهَا الْخَدُّ الْأَنِيقُ كَأَنَّهُ
وَرْدٌ بِهِ عِطْرُ الْحَيَاةِ الْمُطَيَّبُ
سَارَةُ، يَا مَعْنَى الْجَمَالِ وَرَوْعَهُ
فِي حُسْنِكِ الْأَغْصَانُ تَهْفُو وَتُطْرِبُ
لَمَّا نَظَرْتُ إِلَى مُحَيَّاكِ مُتَيَّمًا
وَبِهِ الْبَهَاءُ، سَلِمْتُ أَنِّي مُعْرِبُ
وَكَتَبْتُ فِي خَدِّ الْوُرُودِ قَصَائِدِي
وَحُرُوفُهَا بِالْعِطْرِ تَسْرِي وَتَسْكُبُ
إِنْ غِبْتِ عَنْ عَيْنِي فَمَا لِي مَذْهَبُ
إِلَّا انْتِظَارٌ لِلْوِصَالِ بِسَارَةَ وَأَتْرَبُ
لَا الصُّبْحُ يَهْدِينِي الصَّبَاحَ بِنُورِهِ
مَا دَامَ مِنْ فَرْطِ الْجَمَالِ تَغِيبُ
عُودِي، فَإِنَّ اللَّيْلَ طَالَ وَإِنَّنِي
فِي هَجْرِكِ الْعَذْبِ الْحَزِينِ مُعَذَّبُ
يَا لَيْلُ، بَلِّغْهَا سَلَامِي لَعَلَّهَا
تَرْأَفُ بِقَلْبٍ بِالْهَوَى يَئِنُ يَتَهَدَّبُ
أَوْ فَاحْمِلِ الْأَشْوَاقَ حَتَّى تَبْلُغِي
مِنْهَا الْأَمَانَ، فَكُلُّ حُلْمِيَ أَقْرَبُ
فَإِذَا وَصَلْنَا لِلْحَبِيبِ وَعَطْفِهِ
مَا كَانَ مِنْ قَلْبٍ مُحِبٍّ يُذَبْذَبُ
إِنِّي بِحُبِّكِ قَدْ بَلَغْتُ سَمَاءَهُ
وَالرُّوحُ مِنْكِ مُضِيئَةٌ تَتَلَهَّبُ
كُلُّ الْعُيُونِ إِذَا رَأَتْكِ تَهِيمُ فِي
حُسْنٍ بِهِ الْآمَالُ تُرْجَى وَتُطْلَبُ
يَا زَهْرَةً فَاحَتْ بِرَيَّا عَبِيرِهَا
كَالشَّمْسِ نُورًا بِالْوُجُودِ تُصَبِّبُ
كَيْفَ السُّلُوُّ وَقَدْ مَلَكْتِ مَشَاعِرِي
وَحَنَايَ بِالْأَشْوَاقِ ظِلٌّ مُتْعَبُ
لَا تَسْأَلِي عَنْ عَاشِقٍ فِي حُبِّهِ
قَدْ صَارَ مِنْ فَرْطِ الْهَوَى يَتَعَذَّبُ
إِنْ قُلْتِ إِنِّي قَدْ جُنِنْتُ بِحُبِّكُمْ
فَالْجِنُّ فِي عِشْقِ الْجَمِيلِ يُعْجَبُ
أَنْتِ الْمَلِيكَةُ بِالْقُلُوبِ جَمِيعِهَا
وَالْكَوْنُ دُونَكِ هَائِمٌ يَدْنُو يَتَغَرَّبُ
يَا مُهْجَتِي، يَا بَسْمَةً إِنْ غِبْتِ عَنْ
عَيْنِي فَقَلْبِي بَعْدَ بُعَادِكِ مُتْعَبُ
عُودِي فَإِنَّ الْعَيْشَ دُونَكِ ظُلْمَةٌ
وَالنَّبْضُ مِنْ بَعْدِ الْفِرَاقِ مُغَيَّبُ
كُلُّ الْقَصَائِدِ لَا تَفِيكِ مَقَامَكِ
إِنَّ الْجَمَالَ أَمَامَ حُسْنِكِ يَغْلِبُ
فَخُذِي فُؤَادِي إِنْ أَرَدْتِ، وَهَبْتُهُ
لَكِ، فَالْهَوَى فِي عِشْقِ عَيْنَيْكِ مَذْهَبُ
يَا نُورَ عَيْنِي، يَا نَعِيمَ حَيَاتِيَهْ
مَهْمَا يَغِبِ عِشْقُ الْفُؤَادِ يُعَذَّبُ
إِنِّي زَرَعْتُكِ فِي الضُّلُوعِ مَحَبَّةً
وَالْقَلْبُ فِي وَهَجِ الْغَرَامِ مُلَهَّبُ
يَا لَحْنَ رُوحِي، يَا نَشِيدَ مَوَدَّتِي
فِي كُلِّ نَبْضٍ بِاسْمِكِ يَتَطَرَّبُ
لَا تَسْأَلِينِي كَيْفَ صِرْتُ مُتَيَّمًا
فَالْحُبُّ دَاءٌ بِالْعُرُوقِ يُسَرَّبُ
إِنِّي وَإِنْ طَالَ الْفِرَاقُ مُعَذَّبٌ
لَكِنَّ عَهْدَ الْعَاشِقِينَ مُرَحَّبُ
هَلْ تَذْكُرِينَ مَوَاعِيدًا عَهِدْنَا بِهَا؟
وَكَمْ قَصِيدٍ بِهِ ذِكْرَى لَكِ تَنْتَسِبُ
يَا لَيْتَ مَا كَانَ لِلْفُرْقَى مَنَابِرُهَا
وَلَا عَصَفَتْ بِرِيَاحِ الْبُعْدِ مَنْ تَحِبُ
أُعَلِّلُ النَّفْسَ بِالْوَعْدِ الَّذِي نَطَقَتْ
بِهِ الْعُيُونُ وَمَا فِي قَلْبِهَا الْكَذِبُ
فَلَيْسَ إِلَّا لِقَاءٌ يَجْمَعُ الشَّمْلَ لَنَا
يَا نَجْمُ أَخْبِرْنَا: هَلْ تَقْرُبُ السُّحُبُ
أَنْتِ الْمَلِيكَةُ فِي جِنَانِ مَشَاعِرِي
وَالرُّوحُ إِنْ نَادَيْتِهَا لِوِصَالِكِ تَتَقَرَّبُ
كُلُّ النُّجُومِ إِلَى عُيُونِكِ تَسَجَّدَتْ
وَالْبَدْرُ مِنْ حُسْنِكِ الْأَسْمَى يُذْهَبُ
يَا زَهْرَةً فِي الْقَلْبِ لَا لَنْ تَذْبُلِي
فَالْحُبُّ مَاءٌ زَمْزَمٌ مِنْكِ دَوْمًا يُسْكَبُ
مَا زِلْتُ أَغْزِلُ بِحُرُوفِ الْعِشْقِ تَاجًا
وَأَبْنِي لِلْحُبِّ قَصْرًا لَهَا لَا يَتَخَرَبُ
1280
قصيدة