عدد الابيات : 35
لَيْتَ الَّذِي أَوْحَى لَكِ الْإِغْوَاءَا
حَجَبَ الْجَمَالَ وَقَيَّدَ الْأَهْوَاءَا
لَوْلَا لَوَاحِظُكِ الَّتِي أَبْصَرْتُهَا
مَا ذُقْتُ فِي ظِلِّ الْهَوَى بُؤَسَاءَا
عُوذْتُ قَلْبِي مِنْ سِهَامِ جُفُونِهَا
فَرَمَى الْغَرَامُ فُؤَادِيَ الْجَرْحَاءَا
إِنْ لَمْ يَهِمَّ الرُّوحَ حُسْنُكِ لَحْظَةً
فَالْمَرْءُ قَدْ غَلُظَ الطِّبَاعَ الْعَيَاءَا
وَمَتَى سَعَيْتِ مَعَ الصَّبَابَةِ رَاحَةً
فَقَدِ اتَّبَعْتِ الْهَوَى سَرَابًا وَدَاءَا
يَا وَيْحَ قَلْبِي فِي جَوَانِحِهِ الْأَسَى
لَكِنَّنِي أَظُنُّهُ خَاوِيًا وَجَوْفَاءَا
يَهْتَاجُ صَبْوًا كُلَّ بَرْقٍ لَاحَ لَهُ
وَالْحُبُّ لَا يَرْضَى لَهُ الْإِيوَاءَا
بَرَأَ الْإِلَهُ لَهُ الضُّلُوعَ مَتَارِسًا
فَإِذَا بِكِ صَارَتْ عَلَيْهِ قَيْدَاءَا
فَإِذَا دَنَا طَيْفُ الْمُنَى مِنْ مُهْجَتِي
هَاجَتْ جِرَاحِي رَعْدُهَا إِغْوَاءَا
أَغْرَيْتُهُ صَبْرًا فَلَمْ يَتَحَمَّلِ
فَأَجَبْتُهُ خُذْ لِلْهَوَى الِابْتِدَاءَا
لَوْ كَانَ بِوُسْعِي أَنْ أُقِيَهُ صَبْوَتِي
لَكِنَّ قَلْبِي لَا يُطِيقُ الْفِدَاءَا
هِيَ نَظْرَةٌ جَاءَتْ فَقَدَحَتْ فِي دَمِي
نَارًا وَصَارَتْ فِي الْحَشَا لَهَبَاءَا
وَالْحُبُّ أَنَّةُ نَائِحٍ فِي لَوْعَةٍ
طَوْرًا وَيُحْيِي أَمَاسِيَهُ التِّرْدَادَا
يُعْطِي الْبَوَاكِي أَلْسُنًا صَدَّاحَةً
وَيُسْكِتُ الْغِرِّيدَ إِنْ تَعَدَّى الْحِدَادَا
كَيْفَ احْتِمَالُ الْجُرْحِ قَلْبِي بَعْدَهُ
إِذْ طَالَ فِي الْأَغْوَارِ كَانَ الصِّدَادَا
وَيَلَذُّ نَفْسِي أَنْ تَذُوقَ مَرَارَتِي
وَيَلَذُّ قَلْبِي أَنْ يَكُونَ لَهَا الْعِمَادَا
إِنْ كُنْتَ تَدْرِي فِي الْغَرَامِ طَرِيقَهُ
دَاوِنِي فَإِنْ لَمْ تَدْرِ فَاتْرُكِ الْجِحَادَا
سَارَةٌ وَقَدْ أَفْنَى الْمَطَالُ تَصَبُّرِي
وَفَنِيتُ حَتَّى لَا أَخَافُ الْمَزَادَا
هَذَا الْبَيَاضُ بِخُصْلَتِي مَا بَانَتِ
إِلَّا إِذَا اللَّيْلُ اسْوَدَلَّ الْجِحَادَا
مَا شِبْتُ مِنْ كِبَرٍ وَلَكِنَّ الَّذِي
أَحْرَقْتِ قَلْبِي زَادَنِي التِّكْدَادَا
هَذَا الَّذِي أَرْدَى الشَّبَابَ وَنَضْرَهُ
وَمَحَا مِنَ الْوَجَنَاتِ ذَاكَ الشَّهَادَا
قَدْ عَلَّمَتْ عَيْنِي سُحُوبَ دُمُوعِهَا
وَمَنَحْتِ جَفْنِي عَيْشَهُ الْمَكْبَادَا
دَلَّهْتِنِي حَتَّى فَقَدْتُ هَنَاءَتِي
وَقَطَعْتِ نَوْمِي إِذْ غَدَا الْمَرْهَادَا
لَا تَعْجَبِي إِنَّ الْكَوَاكِبَ سُهِدَتْ
فَأَنَا الَّذِي أَمْلَكْتُهَا الْحُبَّ تَسْهَادَا
وَأَرَيْتُهَا وَجْهَ الْأَسَى فَتَزَاهَرَتْ
وَكَأَنَّهَا أَلْقَتْ عَلَيَّ الْعَهْدَ الْعُقَادَا
أَنْتِ الَّتِي تُنْسِي الْبَيَانَ بَلِيغَهُ
وَتُسِيغُ فِي الْأَفْوَاهِ كَانَ الْوُجَادَا
مَا شِمْتُ حُسْنَكِ قَطُّ إِلَّا رَاعَنِي
فَوَدِدْتُ لَوْ رُزِقَ الْجَمَالُ الْخُلَادَا
وَإِذَا ذَكَرْتُكِ هَزَّ ذِكْرُكِ أَضْلُعِي
شَوْقًا كَمَا هَزَّ النَّسِيمُ نَفْحَ الْبِلَادَا
فَحَسِبْتُ سَقْطَ الطَّلِّ دَمْعَ مُهْجَتِي
لَوْ كَانَ دَمْعُ الْعَاشِقِينَ النِّضَادَا
وَظَنَنْتُ خَافِقَةَ الْغُصُونِ ضُلُوعَنَا
وَثِمَارَهَا شَوْقًا دَمًا الْمُصْفَادَا
وَأَرَى خَيَالَكِ فِي كُلِّ مَغْنَمٍ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنْ أَرَاهُ جِدَادَا
وَإِذَا سَمِعْتُ حِكَايَةً عَنْ عَاشِقٍ
حَسِبْتُ أَنِّي الَّذِي الْمُقْصَادَا
مُسْتَيْقِظٌ فِي دَهْشَةٍ مِنْ فِتْنَةٍ
يَا سَارَةٌ قَدْ صَارَ الذُّهُولُ جُمَادَا
وَلَقَدْ يَكُونُ لِيَ السُّلُوُّ وَلَكِنِّي
مَا خُلِقَ الْعُشَّاقُ إِلَّا الْحُبَّ الْوِدَادَا
1280
قصيدة