عدد الابيات : 30

طباعة

أَفٍّ لِدُنْيَا غَوَتْ، غَرَّتْ بِزَاهِيهَا

حَتَّى غَدَا الْمُلْكُ يُبْنَى فِي نَوَاحِيهَا

يُشَادُ بِالذَّهَبِ الْمَصْهُورِ قَصْرُهُمُ

وَاللَّيْلُ يُطْوِي بِهَاتِيكَ الدَّيَاجِيهَا

يَسُوسُهَا الْمَلِكُ الْجَبَّارُ فِي صَلَفٍ

وَيَسْحَبُ الْكِبْرَ مِنْ فَخْرٍ يُحَاوِيهَا

يَحْسَبُ الدَّهْرَ لَهْوًا لَا انْقِضَاءَ لَهُ

وَالنَّفْسُ تَسْكَرُ مِنْ زُورِ الْأَمَانِيهَا

وَإِذْ بِمَوْتٍ أَتَاهُ كَانَ مُبْتَسِمًا

يَرْوِي حِكَايَاتِ دَهْرٍ مِنْ مَآسِيهَا

قَالَ: أَنَا الْحَاكِمُ الْمَمْدُودُ سُلْطَتُهُ

فَكَيْفَ أُسْقِطُ؟ قَالَ الْمَوْتُ: هَادِيهَا

هَذِي الْقُصُورُ الَّتِي بَنَّيْتَهَا صَرَعَتْ

بِالنَّاسِ فِي عَهْدِكَ الْمَنْكُودِ بَاغِيهَا

فَالْيَوْمَ تَهْوِي وَتَبْكِي الطَّيْرُ فِي أَسَفٍ

وَتَرْجِفُ الْأَرْضُ فِي دَهْشٍ تُنَادِيهَا

قَدْ كَانَ فِي الدَّهْرِ مَنْ أَمْضَى جَلَائِلَهُ

وَلَكِنَّ الْمَوْتَ أَعْلَى مِنْ مَعَالِيهَا

يَسُودُ يَوْمًا فَتَنْهَارُ الْكُرُوسُ غَدًا

فَلَا تَرُوعُكَ دُنْيَا الْغُرُورِ مَعَانِيهَا

فَكَمْ أَمِيرٍ غَشَاهُ الدَّهْرُ فِي شَرَفٍ

وَكَانَ يَأْمُرُ وَالنَّاهُونَ تَحْتَهُ نَاهِيهَا

مَضَى وَقَدْ عَافَهُ الْأَحْيَاءُ فِي جَزَعٍ

وَظَلَّ تَحْتَ تُرَابٍ مِنْ أَرَاضِيهَا

كَمْ مِنْ مُلُوكٍ طَوَتْهُمُ تَرَائِبُهَا

كَأَنَّهُمْ بَعْدَ فَخْرٍ مِنْ أَسَافِيهَا

فَاصْحُ وَأَدْرِكْ فَنَاءَ النَّاسِ كُلِّهِمُ

فَالْمَوْتُ يَقْطِفُ أَغْصَانًا وَيُفْنِيهَا

لَا تَحْسَبِ الْمُلْكَ يَبْقَى لَا زَوَالَ لَهُ

بَلْ كُلُّ سُلْطَانِهِ تَبْكِي بَوَاقِيهَا

مَا بَالُ أَيَّامِنَا تَجْرِي بِغَفْلَتِنَا

نَظَلُّ نَحْسَبُهَا دَهْرًا سَنُحْيِيهَا؟

يَجُودُ رَبِّي بِمَا يَشَاءُ مِنْ كَرَمٍ

وَيَأْخُذُ الْمُلْكَ إِنْ شَاءَ الَّذِي فِيهَا

أَقْسَمْتُ لَا الْعِزُّ يَبْقَى فِي مَوَاضِعِهِ

وَلَا الثُّرَيَّا إِذَا دَارَتْ تُحَيِّيهَا

كُلُّ الْمَمَالِكِ تُبْنَى ثُمَّ يَهْدِمُهَا

مَرُّ الزَّمَانِ وَتَبْقَى الرِّيحُ تُرْثِيهَا

كَمْ قَاعِدٍ فَوْقَ عَرْشٍ كَانَ يَحْسَبُهُ

يَدُ الزَّمَانِ تُرَجِّيهِ وَتَحْمِيهَا

حَتَّى دَهَتْهُ صُرُوفُ الدَّهْرِ وَانْكَسَرَتْ

تِلْكَ السُّيُوفُ الَّتِي كَانَتْ تُحَابِيهَا

يَا مَنْ رَكَنْتُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا

هَذِي الْقُصُورُ الَّتِي كُنْتُمْ تُزَكِّيهَا

أَمْسَتْ رَمَادًا وَأَضْحَتْ بَعْدَ أُبَّهَتِهَا

نَسْرًا يُهَدْهِدُ هَامَاتِ الْأَعَالِيهَا

كَمْ مِنْ مُلُوكٍ تَجَبَّرْنَا بِسَيْفِهِمُ

مَاتُوا جَمِيعًا وَظَلَّ الْقَبْرُ يَطْوِيهَا

هَذِي التَّرَائِبُ كَانَتْ صَرْحَ مَمْلَكَةٍ

تَبْكِي عَلَيْهَا الرِّيَاحُ الْوَحْشُ يَرْعِيهَا

يَا حَامِلَ التَّاجِ دَعْ عَنْكَ الْغُرُورَ فَمَا

نَفْعُ التِّيَاهِ وَرُوحُ الْمَوْتِ تُدْنِيهَا

يَا صَاحِ إِنْ شِئْتَ تَحْيَا فِي رَحَابَتِهَا

فَانْظُرْ إِلَى الْمَجْدِ وَاسْتَصْلِحْ مَغَانِيهَا

هَذِي الْحَيَاةُ إِذَا طَالَتْ سَنَابِلُهَا

لَا بُدَّ يَوْمًا سِهَامُ الدَّهْرِ تُفْنِيهَا

مَا الْعِزُّ إِلَّا جَنَاحُ الْعِلْمِ إِنْ عَلِمَتْ

كَيْفَ السُّبُلُ إِلَى الْأَمْجَادِ تَسْقِيهَا

فَاعْمَلْ لِدَارٍ تُبَارِيكَ الْجِنَانُ بِهَا

تِلْكَ الْحَيَاةُ وَمَا الدُّنْيَا بِشَافِيهَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1280

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة