عدد الابيات : 24
غَدَوْتُ إِلَى الْأَطْلَالِ أَبْحَثُ مُسْعِفَا
فَمَا لِيَ إِلَّا الدَّمْعَ يَشْكُو وَيَذْرِفَا
دِيَارٌ بِهَا سَارَةٌ كَالنُّورِ أَشْرَقَتْ
وَلَكِنَّهَا الْيَوْمَ الْجَوَى مُسْتَهْدِفَا
بَكَيْتُ عَلَى آثَارِهَا حَيْثُ أَقْفَرَتْ
وَأَمْسَتْ رِيَاحُ الْهَجْرِ تَجْرِي وَتَعْصِفَا
فَنَادَيْتُهَا مِنْ شَوْقِ قَلْبِي وَجَمْرَةٍ
تُذِيبُ هَوَى فُؤَادِي لَوْ تُجَابُ وَتَعْرِفَا
أَمَا مِنْ لِقَاءٍ يَا حَيَاتِي، أَمَا نَرَى
صَبَاحَ الْهَنَا يَزْهُو بِالْقَلْبِ مُتَأَلِّفَا
فَكَمْ جُبْتُ فِي الْآفَاقِ أَرْجُو وِصَالَهَا
فَأَضْحَى خَيَالُ الْوَصْلِ حُلْمًا مُلَوَّفَا
لَهَا وَجْهُ بَدْرٍ مُتَأَلِّقٍ إِنْ تَبَسَّمَ نَوَّرَتْ
لَيَالِيَّ حَتَّى صَارَ قَلْبِي بِالْحُبِّ مُتْرَفَا
وَمَا زَالَ فِي عَيْنِي ضِيَاؤُهَا مُتَجَلِّيًا
دُجَى الْعُمْرِ، وَإِنْ غَابَتْ، يُغِبْ وَيُعَنِّفَا
إِذَا مَا جَرَى ذِكْرُ الْجَمَالِ وَفِتْنَتِهِ
فَسَارَةُ تَاجُ الْحُسْنِ، زَيْنُ الْمُعَرِّفَا
حَدِيثُ الثُّغُورِ الْعَذْبِ يَسْبِي كَأَنَّهُ
رُضَابُ النَّدَى فِي جَوْفِ الزَّهْرِ مُقَطِّفَا
عَلَى خَدِّهَا وَرْدٌ يُغَازِلُ وَجْنَتِي بِعِطْرٍ
وَفِي نَظْرِهَا سِرٌّ يُذِيبُ الرُّوحَ مُشَرِّفَا
إِذَا رَنَّ صَوْتُ الْعُودِ سَحْرًا بِلَيْلِهِ
رَأَيْتُ شُعَاعَ الْحُسْنِ يَسْرِي مُخَطَّفَا
حَبِيبَةُ قَلْبِي هَلْ نُعِيدُ لَيْلَ وِصَالِنَا
فَقَدْ بَاتَ قَلْبِي فِي الْهَوَى مُتَلَهِّفَا
أَلَا فَارْجِعِي، إِنَّ الْغِيَابَ جُرْحٌ مُضَرِّجٌ
بِرُوحِي، وَإِنِّي بِنَارِ الْأَسَى مُتَرَجِّفَا
أُحِبُّكِ حَتَّى لَوْ تَنَاءَتْ بِالصَّحَارِي مَنَازِلٌ
وَغَابَ نَدَاكِ الْعَطِرُ لِرُوحِي وَأُسْرِفَا
فَإِنِّي أَرَى فِي كُلِّ الْجَمَالِ جَمَالَكِ
كَأَنَّكِ رُوحُ الْكَوْنِ تَسْرِي وَتُعْطِفَا
أَلَا يَا لِتِلْكَ الْعَيْنِ لَيْتَهَا تَدْرِي
بِأَنَّ الْغَرَامَ فِي جَوَانِحِيهَا احْتَفَا
بِأَنَّكِ مَنْ أَسْهَرْتِ عَيْنِيَ لَيْلَةَ الْعِشْقِ
فَكُنْتِ دُعَاءَ الْقَلْبِ، حُلْمًا مُكَتَّفَا
حَبِيبَتِي، وَهَلْ فِي الْعُمْرِ غَيْرُكِ أَمَلُهُ؟
وَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْحُبِّ شَيْءٌ يُطَفِّفَا؟
فَأَنْتِ مُنَايَ، أَنْتِ حُبٌّ وَرُوحِي وَسِرُّهَا
وَأَنْتِ الْغَدُ الْمَرْجُوُّ، أَمَلِي مُتَضَفِّفَا
مَضَى الْعُمْرُ لَكِنْ مَا تَزَالُ عُهُودُنَا
تُخَطُّ بِدَمْعِ الشَّوْقِ حَرَّى الْمُطَرَّفَا
فَلَا الدَّهْرُ يُنْسِي، وَلَا الْغَيْبُ يَنْسُجُ
سِوَى الْعَهْدِ حَبْلًا مِنْ هَوًى مُؤَلَّفَا
أَلَا فَاسْمَعِي قَوْلِي وَعُودِي لِعَاشِقٍ
مَيْتٍ حَزِينٍ، وَلَكِنْ بِالْمَحَبَّةِ مُعْتَرَفَا
لِأَنَّكِ نَبْضِي، أَنْتِ رُوحِي وَمُهْجَةُ غَدِي
وَبِالْأَمْسِ كُنْتِ الدَّرْبَ، وَالْمُسْعِفَا
957
قصيدة