عدد الابيات : 20
أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّتِي سَادَتْ عَلَى النُّجُبِ
حَتَّى طَوَتْهُمْ يَدُ الْأَيَّامِ وَالْحُقُبِ
كَمْ دَوْلَةٍ نُسِجَتْ بِالْعِزِّ شَاهِقَةً
قَدْ أَسْلَمَتْهَا رِيَاحُ الدَّهْرِ لِلْخَرَبِ
سُلْطَانُهَا شَامِخٌ لَا الْمَوْتُ يَرْهَبُهُ
حَتَّى دَهَتْهُ يَدُ الْأَقْدَارِ بِالْعَطَبِ
كَانَتْ تُسَخِّرُ أَقْوَامًا لِهَيْبَتِهَا
وَالْآنَ يَرْثِي لَهَا سُمَّارُ بِالنَّدَبِ
كَمْ أَشْرَقَتْ رَايَةٌ فِي الْأَرْضِ خَافِقَةً
فَأَطْفَأَتْهَا يَدُ التَّارِيخِ بِاللَّهَبِ
لَا تَرْكَنَنَّ إِلَى دُنْيَاكَ زَائِلَةً فَالْعُمْرُ
يَمْضِي كَسِرْبِ الطَّيْرِ فِي الْهُضُبِ
إِنَّ الْمُلُوكَ وَإِنْ سَادُوا وَإِنْ حَكَمُوا
مَصِيرُهُمْ حُفْرَةٌ تُطْوَى عَلَى النُّوَبِ
هَلْ أَخْبَرَتْكَ بَقَايَا الْعَرْشِ عَنْ خَبَرٍ
مَا كَانَ إِلَّا صَدَى الْأَمْجَادِ فِي الْكُتُبِ
كَمْ مِنْ حُسَامٍ جَرَى بَيْنَ الْوَرَى بَطْشًا
صَارَ التُّرَابُ لَهُ كَفَنًا مِنَ التُّرَبِ
لَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا
فَالْمَوْتُ يَفْرُغُ كَالْأَمْطَارِ بِالسُّحُبِ
كَمْ مِنْ وَزِيرٍ غَدَا بِالْأَمْرِ مُنْتَفِخًا
فَأَصْبَحَ الْيَوْمَ يُسْقَى الْمَوْتَ بِالْكُرَبِ
وَكَمْ جَبِينٍ عَلَيْهِ النُّورُ مُزْدَهِرٌ قَدْ
غَابَ فِي ظُلْمَةِ الْأَجْدَاثِ وَالْقُضُبِ
سَلْ عَارِشَ الْفُرْسِ عَنْ أَطْيَارِ عِزَّتِهِ
هَلْ مِنْ جَنَاحٍ بَقِيَ فِيهَا بِلَا خَطَبِ
لَا تَخْدَعَنَّكَ أَمْلَاكٌ وَلَا ذَهَبٌ
فَالْعُمْرُ فِي سَيْرِهِ كَالْمَاءِ فِي الْغَرَبِ
لَوْ كَانَ يَمْنَعُنَا تَاجٌ وَسُلْطَتُنَا لَمَا
أَتَى الْمَوْتُ مَنْ فِي الْعَرْشِ لَمْ يَهَبِ
أَيْنَ الَّذِينَ إِذَا سَارُوا بِمَوْكِبِهِمْ ضَجَّتْ
لَهُمْ صَوْلَةٌ فِي السَّهْلِ وَالْجَدَبِ
هَلْ خَلَّدَتْهُمْ جُيُوشٌ فِي مَعَاقِلِهَا
أَمْ هَلْ مَنَعْهُمْ حَصِينُ الدُّرِّ وَالذَّهَبِ
هَيْهَاتَ، إِنَّ الْمَنُونَ الْحَتْمَ يَطْلُبُنَا
كَالصَّقْرِ يَنْقَضُّ مِنْ أَوْجٍ عَلَى الرُّقُبِ
فَاسْتَمْسِكِ الْعَدْلَ إِنَّ الْمُلْكَ عَاقِبَةٌ
إِمَّا النَّعِيمُ وَإِمَّا الْحَتْفُ فِي النُّوَبِ
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْعُبَّادِ تَرْحَمُهُمْ
فَاللَّهُ يَرْفَعُ مَنْ بِالْعَدْلِ لَمْ يُصِبِ
1280
قصيدة