عدد الابيات : 22
سَقَى اللَّهُ وَادِيَ الْحُبِّ دَارًا تُؤَوِّلُ
وَفِيهَا سَرَى الطَّيْفُ الشَّجِيُّ يُخَيِّلُ
وَقَفْتُ بِبَابِ دِيَارٍ وَاللَّيْلُ مُسْفِرٌ
وَصَوْتُ الصَّدَى الرَّوْحِي نَارٌ تُعَلْقِلُ
تَذَكَّرْتُ سَارَةَ وَالْعُيُونُ كَأَنَّهَا
نُجُومٌ لَهَا فِي مُقْلَتَيَّ نَارٌ تَهَوُّلُ
تُرَى هَلْ تُنَادِينِي بِرِقَّةِ نَغْمَةٍ
كَمَا كُنْتِ يَوْمًا بِالْغُصُونِ تُغَرْدِلُ؟
وَهَلْ تَعْرِفِينَ الدَّمْعَ يَهْمِي بِحُرْقَةٍ
إِذَا ضَاعَ لَيْلٌ فِي الْهَوَى لَا يُبَجْبِلُ؟
أَيَا دَارَ سَارَةَ، وَالْمُحِبُّ مُعَذَّبٌ
بِرَوْضٍ هَلْ يَسْقِي الْهَوَى الْمُتَوَجِّلُ؟
وَهَلْ فِي ثَرَاكِ الْيَوْمَ عِطْرٌ تَفَوَّحَتْ
بِهِ أَنْفَاسُهَا إِذْ كَانَ شَوْقِيَ يُقْبِلُ؟
وَلَكِنْ نَأَتْ، وَاللَّيْلُ أَقْوَى جِرَاحَةً
وَفِي الْقَلْبِ مِنْ وَجْدٍ لَهُبٌ مُقَنْدِلُ
بَكَيْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ حَتَّى كَأَنَّنِي
أَذُوبُ صَبَابًا فِي الدُّمُوعِ وَأُشْعِلُ
فَيَا سَارَةَ الْوَعْدُ الْجَمِيلُ مُؤَجَّلٌ
وَفِي الْغَيْبِ لُقْيَانَا وَطَالَ الْمَنْزِلُ
وَلَوْ كَانَ بُعْدُ النَّجْمِ أَقْسَى مَصِيرَةً
فَإِنِّي عَلَى دَرْبِ الْهَوَى مُتَجَمِّلُ
أَلَا لَيْتَ أَيَّامَ اللِّقَاءِ تَعُودُ لِي
فَأَحْيَا بِهَا، وَالْعُمْرُ زَهْرٌ يَتَبَدَّلُ
تُوَاعِدُنِي الرُّوحُ الَّتِي أَرْتَجِي
وَفِي نَبْرِهَا وَعْدٌ خَفِيٌّ يُزَلْزِلُ
فَيَا طَيْفَ سَارَةَ، لَا تُطِلْ فِي غَيْبَةٍ
وَلَا تَكْتَسِ الْأَوْهَامَ دَرْبًا يُبَلْبِلُ
فَإِنِّي صَبُورٌ فِي الْهَوَى غَيْرَ أَنَّنِي
إِذَا طَالَ بُعْدٌ، صَارَ صَوْتِيَ مُعْوِلُ
وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَعُودِي كَمَا بَدَتْ
بِأَنْفَاسِهَا النَّدِيَّةِ الرُّوحُ تَتَبَهَّلُ
وَلَكِنْ نَأَتْ، وَالْوَجْدُ يُدْمِي جِرَاحَهُ
وَبِالْقَلْبِ سَيْفٌ بِالصَّبَابَةِ يَقْتُلُ
أَيَا دَارَهَا، هَلْ تَذْكُرِينَ حَدِيثَنَا؟
وَهَلْ طَابَ فِيكِ لَيْلٌ يُنْسَى وَيُهْجَلُ؟
وَكَيْفَ أُطِيقُ صَبْرًا وَقَلْبٌ بِالْوَغَى
يُقَاتِلُ لَيْلَ الْبُعْدِ، شَوْقًا وَيُسْهِلُ؟
أَيَا سَارَةَ، الْوَعْدُ الْجَمِيلُ مُؤَجَّلٌ
وَفِي الْغَيْبِ أَسْرَارُ اللِّقَاءِ تُسَلْسِلُ
لَوْ كَانَ لِي بِالْحُبِّ صَبْرٌ وَمُنْتَهَى
فَسَوْفَ يَكُونُ الْوَعْدُ يَوْمًا يُقْبِلُ
1280
قصيدة