عدد الابيات : 40
أَرِقٌ يُعَانِقُ لَوْعَةَ حُزْنٍ فَيُحْرِقُ
وَشَجًى يُذِيبُ الصَّبَّ كَيْفَ يُفَرَّقُ
نَفْسِي تَسَاهَرُ وَالسُّهَادُ مُؤَازِرٌ
وَكَأَنَّ جَفْنِي بِالدُّمُوعِ يُطَرَّقُ
مَا لَامَعَ الْبَرْقُ الْبَعِيدُ لِنَاظِرِي
إِلَّا وَهَزَّ الْقَلْبَ وَجْدٌ يُحْرِقُ
أَلْقَى الْهَوَى فِي مُقْلَتَيَّ لَهِيبَهُ
فَسَكَبْتُ مِنْ نَهَرِ الدُّمُوعِ يَغْرَقُ
وَنَهَيْتُ قَلْبِيَ أَنْ يُذَاقَ مَدَامِعِي
فَبَكَى، وَقَلْبُ الْعَاشِقِينَ مُوَرَّقُ
يَا مَنْ يَعُدُّ الْعِشْقَ وَهْمًا زَائِلًا
جَرِّبْ، فَإِنَّ الْعِشْقَ سَيْفٌ مُغْدِقُ
كَمْ زَهَّدُونِي فِي الْهَوَى، حَتَّى إِذَا
ذُقْتُ الْهَوَى فَجَّرْتُ عَيْنَيَّ فَتُطْبِقُ
هَذِي الدُّنْيَا دَارُ بَيْنٍ مُظْلِمٍ
مِنْ ذَا رَأَى شَمْسَ اللِّقَاءِ تُشْرِقُ؟
أَيْنَ الْجَبَابِرَةُ الْأُلَى سَادُوا الْوَرَى؟
صَارُوا تُرَابًا، وَاللُّحُودُ مُضَيِّقُ
مَاتُوا وَخَلَّفُوا الْقُصُورَ لِغَيْرِهِمْ
وَالْمَوْتُ يَنْهَبُ كُلَّ مَنْ يَتَأَنَّقُ
إِنِّي رَأَيْتُ الشَّيْبَ يَكْسُو هَامَتِي
فَكَأَنَّهُ نَذْرٌ بِأَنِّي رَاحِلٌ مُفَارِقُ
وَأَقُولُ يَا دَهْرِي أَطِلْ بِي مُدَّةً
فَيُجِيبُ: سَيْفُ الْفَقْدِ فِيكَ مُقْلِقُ
بَكَيْتُ فَقْدَ الشَّيْبِ لِصَحْوِ الصِّبَا
وَلَقَدْ بَكَيْتُ صِبَايَ حِينَ يُفْرَقُ
يَا صَاحِ، قُلْ لِي هَلْ تُعَادُ شَبِيبَةٌ
مِنْ عَهْدِ دَهْرٍ، أَمْ هُنَالِكَ مَوْثِقُ؟
مَنْ ذَا يُنَافِسُ فِي الْجُودِ الَّذِي
كَفُّ السَّحَابِ لِحُسْنِهِ تَتَصَدَّقُ؟
أَرْنُو إِلَى قَوْمٍ كَأَنَّ نُفُوسَهُمْ
مِسْكٌ، وَأَخْلَاقُ السَّحَابِ تُفَوَّقُ
يَا ذَا الَّذِي يَهَبُ الْعَظِيمَ وَعِنْدَهُ
أَنَّ الْعَطَاءَ مَزِيَّةٌ وَجُودٌ لَا تُنْزَقُ
جُدْ بِالنَّدَى، فَأَنَا ظَمِئْتُ وَمَاؤُكُمْ
مِنْ نَبْعِ كَفِّكَ لِلرِّفَاقِ مُدَفَّقُ
كَذَبَ الَّذِي قَالَ الْكِرَامُ تَوَارَوا
إِنَّ الْكِرَامَ بِنُورِهِمْ كَرَمًا يَتَأَلَّقُ
أَنَا ابْنُ دَهْرٍ لَيْسَ يَرْحَمُ عَاشِقًا
وَالْحُبُّ دَرْبٌ، لَا يَعُودُ مَنْ أَرْهَقُ
عَانَقْتُ جَمْرَ الشَّوْقِ حَتَّى صُغْتُهُ
عِقْدًا يُطَوِّقُ مُقْلَتَيَّ وَيُحْرِقُ
وَجْدِي يُنَاجِي مَنْ هَوَاهُ وَلَيْتَهُ
يَعْلَمُ أَنِّي فِي هَوَاهُ مُعَلَّقُ
مَا لَاحَ وَجْهُ الصُّبْحِ إِلَّا خِلْتُهُ
طَيْفًا يَمُرُّ بِبَابِنَا كَأَنَّهُ مُتَأَبِّقُ
وَسَمِعْتُ هَمْسَ الرِّيحِ تَذْكُرُ اسْمَهُ
فِيهِ النَّسِيمُ مُعَطَّرٌ وَمُعَتَّقُ
يَا لَيْلُ، هَلْ تُخْفِي الْعُيُونَ لِهَيْبَتِي؟
إِنِّي بِلَوْعَةِ شَوْقِ مُهْجَتِي أَتَشَرَّقُ
لَوْ أَنَّ صَخْرَ الْأَرْضِ يَشْعُرُ خَافِقِي
لَبَكَى، وَكَيْفَ الصَّخْرُ دَمْعًا يُسْبَقُ؟
عَانَقْتُ لَيْلَ الْيَأْسِ حَتَّى زُرْتُهُ
فَإِذَا بِأَنْوَارِ الصُّبْحِ نُورٌ يُبْرِقُ
وَأَتَيْتُ ظَلْمَ الدَّهْرِ أَحْمِلُ أَلَمِي
فَإِذَا صَفُوحُ الْحِلْمِ فَوْقِيَ يَخْفِقُ
أَنَا مِنْ نُجُومِ الْعِزِّ إِنْ طَالَ الْمَدَى
فَالنُّورُ فِي جَوْفِ الظَّلَامِ مُحَلِّقُ
نَفْسِي تَشُمُّ الْمَجْدَ فِي أَطْرَافِهِ
وَكَأَنَّهَا نَسْرٌ الْهَوَى بِأُفْقٍ يُحَلِّقُ
أَيْنَ الطُّغَاةُ وَمَنْ تَكَبَّرَ ظُلْمُهُمْ؟
أَلْقَتْهُمُ الْأَيَّامُ حَيْثُ الظُّلْمُ يُمَزَّقُ
مَنْ كَانَ يَظُنُّ الْخُلْدَ دَارًا خَالِدًا
خَابَتْ ظُنُونُ الْمُدَّعِينَ وَأَغْرَقُوا
يَا مَنْ يُسَافِرُ فِي الدُّهُورِ مَنَاعَةً
هَلْ تَسْتَطِيعُ مِنَ الْمَصِيرِ تَفَرُّقُ؟
مَاتَتْ مُلُوكُ الْأَرْضِ إِلَّا سَيْرُهُمْ
فَاخْتَرْ مَسِيرًا فِي الْمَآثِرِ يُسْبَقُ
مَا عَادَ يُغْنِي الْمُسْرِفِينَ تَمَادِيًا
وَالْحُرُّ يَحْيَا بِالْمَكَارِمِ يُزْهِقُ
يَا صَاحِ، أَبْلِغْ مَنْ يُدَاهِنُ أَمْرَهُ
أَنَّ الْمُلُوكَ سَحَائِبٌ، تَتَفَرَّقُ
وَإِذَا الْحَيَاةُ لَمْ تَكُنْ فِي عِزَّةٍ
فَالْمَوْتُ بِالشُّمُوخِ الْحَقِّ أَسْبَقُ
لِلْمَجْدِ أَبْوَابٌ تُشَرِّعُ عَزَائِمَهُ
لِمَنِ ارْتَضَى دَرْبَ النُّفُوسِ أَصْدَقُ
كُفِّي يَدَيْكِ أَيَّتُهَا الدُّنْيَا، فَقَدْ
أَشْرَفْتُ مِنْ قِمَمِ الْعُلَا أَتَأَلَّقُ
1036
قصيدة