الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » موسيقى القلب حبها

عدد الابيات : 60

طباعة

وَدِّعْ سَارَّةَ إِنَّ الْعُمْرَ يَرْتَحِلُ

وَهَلْ تُطِيقُ فِرَاقًا أَيُّهَا الرَّجُلُ

حَسْنَاءُ شَمَّاءُ صَفَتْ عَوَارِضُهَا

تَتَهَادَى كَمَا يَسْرِي الْوَجِيُّ الْمُزِلُ

كَأَنَّ مِشْيَتَهَا فِي رَوْضِ حَيِّهَا

مَرُّ التَّهَادِي لَا رَيْثٌ وَلَا عَجَلُ

تَسْمَعُ لِلْحُلِيِّ وَشِيشًا إِذَا انْصَرَفَتْ

كَمَا نَجَدَ بِرِيحٍ مِعْشَقٌ صَلْصَلُ

لَهَا مِنَ الْحُسْنِ مَا لِلشَّمْسِ مِنْ بَهَجٍ

وَالْبَدْرُ يَغْشَى وَجْهَهَا، يَحْلُو وَيَكْتَمِلُ

وَيُكْمِلُهَا حُسْنُ الْقَمَرِ مَا لَهُ مِنْ طَلَعٍ

وَالنَّجْمُ يَغْرُبُ إِذْ تَبْدُو وَيَتَأَفَّلُ

سَلْسَبِيلٌ لَهَا فِي الْبَيْتِ قَافِيَةٌ

تَفِيضُ حُسْنًا، وَرِيحُ الطِّيبِ مُنْثَمِلُ

إِذَا ابْتَسَمَتْ تَرَى فِي الْبَيْتِ زِينَتَهَا

وَالْبَدْرُ يَغْشَى وَجْهَهَا، يَحْلُو وَيَمْتَثِلُ

وَعُيُونٌ كَمَا الْجَوْزَاءُ سَاطِعَةٌ

تَسْرِي بِهِنَّ نُجُومُ اللَّيْلِ تَتَّصِلُ

وَكَأَنَّ جِيدَهَا كَالْبَدْرِ فِي ضِيَائِهِ

يَسْرِي بِنُورٍ مِنَ الْأَنْفَاسِ يَتَّعَالُ

قَدْ طَالَ شَعْرُهَا كَالْحُرِّ فِي طَبَعٍ

يَنْسَابُ نَاعِمًا كَالْأَرْضِ زَهْرًا تَتَرَتَّلُ

يَتَدَلَّى أَثِيثٌ فَوْقَ الْعَضُدِ نَاعِمًا

كَالْأَرْضِ تَنْبُتُ زَهْرًا إِذْ يَنْدَهِِلُ

وَمُحَيَّاهَا بِهِ نُورٌ كَأَنَّهُ قَمَرٌ

بِاللَّيْلِ مُكْتَمِلٌ إِذْ يَسْطَعُ أَجْمَلُ

وَإِنْ تَكَلَّمَتْ لَكِنَّ الْعُذُوبَةَ مِنْ

صَوْتِهَا تَسْرِي وَالْعِطْرُ عَبْقًا يَتَغَلَّلُ

وَإِنْ تَمْتَمَتِ الْأَلْفَاظَ فِي خَجَلٍ

تَسْبِي الْعُقُولَ وَبِالْأَحْلَامِ تَخْتَجِلُ

وَسِحْرُ الرِّقَّةِ مَا تَسْرِي فِي نَبْضِهَا

رُوحُ الْجَمَالِ إِذَا مَا الْحُسْنُ يَكْتَمِلُ

حُرَّةُ الْجِسْمِ مَحْبُوبَةٌ فِي مَنْظَرٍ

تُذْكِي الْقُلُوبَ وَبِالْأَحْشَاءِ تَسْتَقِلُ

تِلْكَ الْحَبِيبَةُ قَدْ أَضْنَتْ مَفَاتِنُهَا

مِنْ حُسْنِهَا كُلُّ جَفْنٍ صَارَ يَنْتَحِلُ

إِذْ تَرْحَلُ الْفَتَاةُ الْبَدْرُ فِي لَيْلِهَا

وَتَخْتَفِي فَإِنَّ النَّفْسَ تَشْتَعِلُ

لَوْلَا الْفِرَاقُ لَمَا هَزَّ الْفُؤَادَ أَسًى

وَدُمُوعُ الشَّوْقِ بِالْأَحْدَاقِ تَنْهَمِلُ

هَلْ تَسْتَطِيعُ الْقُلُوبُ الْهَجْرَ أَجْمَعَهَا

إِنْ كَانَ فِي الْحُبِّ تَسْلِيَةٌ وَتُبَدَّلُ

يَا صَاحِبِي دَعِ الْبُعْدَ يَفْصِلُنَا

وَدَعِ الْقُلُوبَ بِذِكْرَاهَا تَتَّصِلُ

فَإِنْ تَعُودُ يَدُ الْأَقْدَارِ تَجْمَعُنَا

سَتُمْحَى أَحْزَانُ الْقَلْبِ وَتَنْدَمِلُ

أَبْكِي لِذِكْرَى لَيَالٍ فِي الرَّبِيعِ مَضَتْ

وَالنَّفْسُ تَلْهُو وَبِهَا الْعِشْقُ مُشْتَعِلُ

قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الْحُبَّ سَهْلٌ

حَتَّى بَلَوْتُ وَفِي الْأَهْوَاءِ أَنْجَذِلُ

يَا لَيْتَنِي كُنْتُ قُرْبَ الدَّارِ مَجْلِسَهَا

لَكُنْتُ أَحْظَى وَفِي الْعَيْنَيْنِ أَبْتَهِلُ

لَيْتَ الْعَرِيبَةَ فِي الدُّنْيَا مُجَاوِرَتِي

حَتَّى تَطِيبَ حَيَاتِي وَهْيَ تَحْتَفِلُ

وَالْهَوَى يَرْحَمُ الْقَلْبَ الَّذِي احْتَرَقَ

مِنْ شَوْقِهِ وَفِي الْأَحْزَانِ يَنْهَمِلُ

فَلَا تَظُنَّنَّ بِأَنَّ الدَّمْعَ مُنْقَطِعٌ

مَا دَامَ بِالنَّفْسِ حُبٌّ لَيْسَ يَنْفَصِلُ

سَلُوا الْقُلُوبَ وَمَا فَاضَ بِهَا

أَمْ هِيَ فِي الْحُبِّ حُلْوُهَا عَسَلُ

يَا لَائِمِي فِي الْهَوَى صَبْرًا عَلَى قَدَرِي

إِنَّ الْحَيَاةَ بِلَيْلِ الْهَمِّ تَمْتَحِلُ

إِنَّ الْفِرَاقَ لَكَأْسٌ لِلسُّرُورِ أَسًى

يُذْكِي الْقُلُوبَ وَبِالْأَحْزَانِ تَعْتَمِلُ

إِنْ كُنْتَ لِلْحُبِّ تَسْلُو أَنْتَ فِي غَفَلٍ

أَمَّا الْفُؤَادُ فَفِي الْأَوْجَاعِ تَقْتَتِلُ

إِذَا تَذَكَّرْتُ أَيَّامَ الْهَوَى وَلِهَتْ

عَيْنِي وَبَكَتْ وَبِالْأَحْلَامِ تَسْتَهِلُ

وَهَلْ تَذْكُرِينَ إِذَا مَالَ الرَّبِيعُ بِنَا

وَالنَّجْمُ فِي فَلَكٍ يَخْتَالُ وَيَخْتَزِلُ

وَالْأَرْضُ تُبْدِي لَنَا وَجْهَ الْحَيَاةِ كَمَا

تُبْدِي الْعَرُوسُ لِخِدْرٍ حُسْنَهَا الْبَذِلُ

وَالْعُشْبُ يَرْقُصُ فِي أَقْدَامِنَا فَرَحًا

كَأَنَّهُ زَهْوُ زَهْرٍ نَفَحَتْهُ النُّسُلُ

وَالرَّوْضُ يَهْمِسُ أَسْرَارَ الْهَوَى لَنَا

وَالْمَاءُ يَجْرِي بِلَحْنٍ صَفْوُهُ خَضِلُ

كُنْتِ السَّمَاحَةَ فِي عَيْنَيَّ إِذْ نَظَرَتْ

وَكُنْتِ شَمْسًا تُضِيءُ الْبَيْتَ وَالْقُلَلُ

كُنْتِ الْحَيَاةَ الَّتِي تَرْوِي ظَمَأَ قَلْبِي

وَكُنْتِ الْحُلُمَ الَّذِي يَحْيَا بِهِ الْأَمَلُ

وَالْيَوْمَ تَرْحَلِينَ وَالْعَيْنُ تَدْمَعُهَا

مُهْجَةُ الْقَلْبِ كَمَا يَذْوِي الْهُزُلُ

كَمْ جَفْنِ عَيْنٍ بَكَى مِنْ فَقْدِ مَحْبُوبٍ

وَالْقَلْبُ يَنْبُضُ وَالْأَحْزَانُ تَكْتَحِلُ

إِنِّي أَرَاكِ وَلَوْ أَغْمَضْتُ مُقْلَتِي

وَالصَّوْتُ يَهْمِسُ لِأُذْنَيْكِ لَمْ يَزَلُ

يَا رَحْلَةَ الْعُمْرِ إِنَّ الْحُزْنَ يُغْرِقُنِي

وَالدَّمْعُ يَنْسَابُ كَالسَّيْلِ وَيَنْهَمِلُ

إِنِّي لَأَذْكُرُهَا فِي كُلِّ قَصَائِدِي

وَالدَّمْعُ يَسْقِي زُهُورَ الشَّوْقِ وَيَسْتَبِلُ

مَا زِلْتُ أَذْكُرُكِ فِي حُلْمِي وَيَقْظَتِي

وَمَا زِلْتُ أَحْنُو إِلَيْكِ كُلَّمَا نَزَلُ

يَا حُلْوَةَ الطَّيْفِ إِنَّ الشَّوْقَ يَحْكُمُنِي

وَالْحُبُّ فِي قَلْبِيَ الْمَكْرُوبِ يَشْتَعِلُ

تَرْحَلِينَ وَالرَّكْبُ يَطْوِي بَعْدَكِ الطُّرُقَ

وَالرُّوحُ تَحْنُو وَالْأَفْكَارُ تَشْتَغِلُ

لَيْتَ الزَّمَانَ يَعُودُ الْيَوْمَ بِهِجَتِهِ

فَنَعِيشُ أَيَّامَ حُبٍّ كَانَتْ بِهَا الْأُوَلُ

وَلَكِنَّ الرَّكْبَ يَرْحَلُ بِبُعْدِهِ

وَالْقَلْبُ يَشْتَاقُ وَالْحَنِينُ يَكْتَحِلُ

إِنِّي وَقَفْتُ عَلَى الْأَعْتَابِ أَطْلُبُهَا

لَعَلَّهَا فِي خَفْقِ الْقَلْبِ تَقْتَبِلُ

لَا تَجْحَدُوا الْحُبَّ لِلْعُشَّاقِ نَفْحَتُهُ

إِنَّ الْهَوَى بِالْقُلُوبِ الصَّافِيَةِ أَزَلُ

هَذَا الْهَوَى يَمْلَأُ الْأَحْشَاءَ وَاضِحَةً

يَزِيدُهَا لَوْعَةً وَالنَّفْسُ تَغْتَسِلُ

فَيَا رَفِيقِي تَحَمَّلْ هَمَّ لَوْعَتِنَا

وَالصَّبْرُ زَادُ الْمُشْتَاقِ إِنْ تَحْتَمِلُ

فَإِنَّهَا حُلْمٌ يَجْرِي فِي عُرُوقِنَا

وَالْحُبُّ بَاقٍ وَقَدْرُ الْعِشْقِ مُتَكَبِّلُ

يَقُولُ الْقَلْبُ إِنَّ الْحُبَّ مُلْتَحِمٌ

وَإِنَّ بُعْدَهَا لِلرُّوحِ بِالْحُكْمِ يَقْتَصِلُ

سَلُوا الْقُلُوبَ هَلِ الْحُبُّ يُنْهِيهَا

أَمْ هِيَ بِالْحُبِّ كَالْعِصْيَانِ تَعْتَمِلُ

هَلْ تَسْتَطِيعُ الْقُلُوبُ الْهَجْرَ أَجْمَعَهَا

إِنْ كَانَ فِي الْحُبِّ تَسْلِيَةٌ وَتُبَدَّلُ

قَدْ لَامَنِي النَّاسُ فِي حُبٍّ أُكَابِدُهُ

أَشْكُو لِقَلْبٍ كَوَاهُ الْهَمُّ الْجَلَلُ

قَدْ كُنْتُ أَعْشَقُهَا حُبًّا يَزِيدُ هَوًى

وَالْيَوْمَ أَشْكُو وَفِي الْقَلْبِ لِي وَجَلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1064

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة