عدد الابيات : 60
طباعةعَلَى نَهْجِ عَاشِقٍ فِي الْبَيَانِ الْمُعَرَّبِ
أُسَطِّرُ شِعْرِي فِي الْهَوَى الْمُتَلَهِّبُ
وَأُحْكِمُهُ شِعْرِي وَزْنًا وَقَافِيَةً كَمَا
يُحَكِّمُ سَيْفَ الْهِنْدِ مَاضِيًا يَتَضَرَّبُ
سَرَى طَيْفُ سَارَةَ فِي خَيَالِي كَأَنَّهُ
نَسِيمُ الصَّبَا يُهْدِي الْعَبِيرَ الْمُتْعَبُ
فَأَيْقَظَ وَجْدًا نَائِمًا فِي جَوَانِحِي
يُنَادِيكِ يَا بَدْرَ التَّمَامِ الْمُرَحَّبُ
تُرَى مَنْ تُرَى فِي الْحُسْنِ تَبْلُغُ سَارَةَ؟
وَيُدْرِكُ النَّجْمَ الْعَجِيبَ الْمُرَهَبُ؟
تَسِيرُ كَأَنَّ الظَّبْيَ يَخْطُو خُطَاهَا
كَأَنَّ الرُّبَى مِنْ سِحْرِهَا تَتَذَهَّبُ
وَلَيْلُ شُعُورِ الْغِيدِ أَغْرَى بِشَعْرِهَا
فَسَارَ بِآفَاقِ الْفُتُونِ الْمُغَلَّبُ
إِذَا هَبَّتِ النَّسَمَاتُ مِنْهُ تَضَوَّعَتْ
سُلَافَةُ مِسْكٍ فِي الدُّنَا تَتَسَكَّبُ
وَوَجْهٌ كَدُرِّ الْبَحْرِ فِي نُورِ مُبْسِمٍ
وَمُقْلَتُهَا كَالْبَدْرِ يَشْرُفُ مَوَاكِبُ
فَمَهْمَا جَرَى بِالْوَصْفِ أَفْضَلُ مِقْوَلٍ
يُطِيلُ مَدَاهُ أَوْ يُجَازُ لَهَا فَيُكْتَبُ
فَلَا الْمَاجِنُ الْغَاوِي يُضَاهِي جَمَالَهَا
وَلَا النُّسْكُ بِالْحُسْنِ الْمُقَدَّسِ يُعْرَبُ
إِذَا مَا تَبَسَّمَتِ الزُّهُورُ تَضَاحَكَتْ
كَأَنَّ بِهَا مِنْ وَجْنَةِ الْوَرْدِ تُسْلَبُ
وَعَيْنٌ لَهَا، وَاللَّهِ، سِحْرٌ يُدِيرُهُ
عَلَى النَّاظِرِينَ وَالْهَوَى يَتَقَلَّبُ
يُرَاوِدُهُ طَيْفُ الْجَمَالِ فَيَخْطِفُهُ
كَمَا صَقْرُ بَازٍ فِي الْجَوَاءِ يُعَقِّبُ
لَهَا رُوحُ زَهْرٍ لِلْأَنَامِ نَدَاهُهَا
إِذَا جَاءَتِ الْأَيَّامُ تَشْكُو وَتُنْدِبُ
فَيَا لَحْنَ الْأَطْيَارِ فِي بَوْحِ وَصْفِهَا
وَيَا غِنْوَةَ الْأَحْلَامِ تَسْرِي وَتَلْعَبُ
فَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مِثَالٌ لِحُسْنِهَا
فَلَيْسَ سِوَى فَرْدٍ وَوَجْدِي مُعَذَّبُ
فَيَا سَارَةُ، الْوَجْدُ انْطَفَى بِي وَرُوحِيَ
بِعَيْنَيْكِ شَمْسٌ مِنْ جَمَالٍ يَتَلَهَّبُ
تَبَدَّتْ كَأَنَّ الصُّبْحَ أَلْقَى جَمَالَهُ
فَسَالَ عَلَى خَدَّيْكِ ضَوْءٌ مُذَهَّبُ
وَفِي مُقْلَتَيْكِ السِّحْرُ يُرْسِلُ وَحْيَهُ
فَتَهْتَزُّ فِي أَعْمَاقِ رُوحِيَ الْعَوَاجِبُ
إِذَا مَا نَطَقْتِ الْعَذْبُ سَالَ كَأَنَّهُ
نَدَى الْوَرْدِ إِذْ يَهْمِي عَلَيْهِ السَّحَائِبُ
وَفِي وَجْنَتَيْكِ اللَّيْلُ يَذْكُو ضِيَاؤُهُ
فَيَزْهُو بِهِ الْإِشْرَاقُ وَهُوَ يُغَيِّبُ
أُحِبُّكِ لَا شَكًّا، وَلَكِنْ كَيَقِينِهِ
يُزَيِّنُ فِي عَيْنَيَّ مَا لَيْسَ يُعْجِبُ
فَإِنْ غِبْتِ عَنِّي فَالضِّيَاءُ مُعَذِّبِي
وَإِنْ جِئْتِ كَانَ النُّورُ فِيكِ يُسَبِّبُ
كَأَنَّكِ مِنْ مَاءِ الْجِنَانِ صُغْتِهَا
فَمَا مَسَّكِ الدُّنْيَا وَلَا وَجْهَ يَغْرَبُ
لَهَا وَجْهُ بَدْرٍ فِي السَّمَاءِ تَأَلَّقَتْ
بِهِ النُّورُ، لَا عَيْبٌ وَنَقْصٌ بِهِ يَتَعَرَّبُ
وَمُلْتَفِتُ الْقَامَةِ يَهْفُو كَغُصْنِهِ
إِذَا هَزَّهُ نَسْمٌ رَقِيقٌ يَرِقُّ وَيُعَذِّبُ
لَهَا مِنْ رُوَاءِ الْمُزْنِ بَشْرٌ يُضِيءُهُ
وَمِنْ رِيحِهَا شَذَا عِطْرٍ إِلَيْهِ تَشَوَّبُ
وَإِنْ مَشَتِ الْأَرْضُ ازْدَهَتْ وَتَزَيَّنَتْ
كَأَنَّ نُجُومَ اللَّيَالِي فِيهَا تَصَوَّبُوا
وَإِنْ ضَحِكَتْ غَنَّتْ رَيَاحِينُ سِحْرِهَا
وَمَالَتْ زُهُورُ الرَّوْضِ وَهْيَ تُرَحِّبُ
وَإِنْ غَضِبَتْ فَالشَّمْسُ تَحْمَرُّ وَجْهُهَا
وَيَفْزَعُ مِنْهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ مُتَهَيِّبُ
لَهَا صَوْتُ زَرْقَاءِ الْيَمَامَةِ فِي الدُّجَى
يُلَاحِقُهُ لَحْنُ الْعِشْقِ الْبَدِيعُ يُرْكَبُ
وَكُحْلُ عُيُونِيهَا رَمَادُ مَدَامِعِي
وَمِنْ شَفَتَيْهَا النُّورُ يَتْبَعُهُ الْهُدُبُ
سَلَامٌ عَلَى سَارَةٍ إِنْ مَرَّ وَصْفُهَا
كَأَنَّ رِيَاحَ الْمِسْكِ فِي الدَّهْرِ تَلْعَبُ
فَإِنْ سَأَلُوا عَنِّي فَقُولُوا مُتَيَّمٌ
بِسِحْرِ عَيْنَيْهَا، لَا يَسْلُو وَلَا يَتَهَرَّبُ
فِي حُسْنِ سَارَةَ قَدْ تَجَلَّى الْمُعْجَبُ
كَأَنَّ عَلَى وَجَنَاتِهَا الْوَرْدَ يَتَصَبَّبُ
وَشَعْرٌ كَلَيْلِ اللَّيْلِ أَنْسَجَ ظِلَّهُ
فَتَسْحَرُ أَلْبَابَ الْكِرَامِ وَتَسْلُبُ
وَمِشْيَةُ غُصْنٍ فِي الرَّبِيعِ تَهُزُّهُ
نَسَائِمُ لُطْفٍ حَيْثُ شَاءَ تَقَلَّبُ
وَفِي ثَغْرِهَا بَدْرٌ تُضِيءُ سَمَاؤُهُ
بِحُسْنٍ بِهِ الْأَقْمَارُ تَغْشَى وَتَحْتَبُ
إِذَا نَطَقَتْ فَاللُّغَةُ الْعَذْبُ عِطْرُهَا
وَإِنْ صَمَتَتْ فَالصَّمْتُ بِالْفِتْنَةِ أَخْطَبُ
كَأَنَّ ضِيَاءَ الصُّبْحِ فِي وَجْهِهَا بَدَا
وَفِي عَيْنِهَا مَاءُ الْفُرَاتِ الْمُعَذَّبُ
فَمَا الْعِطْرُ الْمِسْكِيُّ إِلَّا ظِلَالُهَا
وَمَا الْمَاءُ إِلَّا مِنْ لُعَابِكِ أَعْذَبُ
وَهَلْ يُسْتَبَانُ النُّورُ فِي كُلِّ بَهْجَةٍ؟
فَفِي سَارَةَ الْأَنْوَارُ تَسْمُو وَتَرْتَبُ
لَهَا خَدُّ وَرْدٍ مِنْ ضِيَاءِ قَمَرِهِ
تُنَاجِيهِ أَنْفَاسُ الصَّبَاحِ وَتَرْطَبُ
وَتَرْمُقُ طَرْفًا مِنْ جَمَالٍ مُسَحَّرٍ
فَتَحْيَا بِهِ الْأَرْوَاحُ شَوْقًا وَتُعْجَبُ
وَلَوْ أَنَّ لِي جَمْعَ الدُّنَا فِي يَمِينِهَا
لَمَا بِعْتُهَا بِالْكَوْنِ، مَا كُنْتُ أَكْذِبُ
وَهَلْ بَلَغَ الْوَاصِفُونَ جَمَالَهَا؟
وَكَيْفَ يُقَاسُ الْبَدْرُ بِالسِّرْجِ تُضْرَبُ؟
لَهَا هِمَّةُ الْعُلْيَا وَعَزْمٌ مُفَضَّلٌ
وَفِي قَلْبِهَا حُبٌّ تَاجُ دُرٍّ مُذَهَّبُ
يُحَدِّثُ عَنْ سَارَةَ كُلُّ مَحَافِلٍ
فَصِيغَ الْمَدِيحُ الْعَذْبُ فِيهَا يُعَرَّبُ
وَإِنْ سُئِلَتْ عَنْ حُبِّهَا قُلْتُ إِنَّهُ
كَمَاءِ السَّحَابِ السَّاجِي لَا يَتَعَذَّبُ
كَأَنِّي بِهَا وَالْبَدْرُ يَعْلُو وَجْهَهَا
فَأُدْرِكُ أَنَّ الْحُسْنَ بِالنَّاسِ يُوهَبُ
وَلَوْ كَانَ يُشْرَى الْحُسْنُ كُنْتُ مُبَادِرًا
مِنَ الْعُمْرِ وَكُلَّ الْعُمْرِ أَدْنُو وَأُقَرِّبُ
يُذِيبُ الْفُؤَادَ الْحُبُّ فِي ذِكْرِ سَارَةَ
وَيَجْرِي كَمَا يَجْرِي السُّلَافُ مُطَيَّبُ
لَهَا فِي كِيَانِي مَوْطِنٌ لَا يُجَاوَزُ
وَفِي صَدْرِيَ الْعَاشِقِ شَوْقٌ يُلَثَّبُ
وَهَلْ يَسْلُو الْقَلْبُ الْمُتَيَّمُ ذِكْرَهَا؟
وَهَلْ يَذْهَبُ الْإِشْرَاقُ إِنْ غَابَ مَرْكَبُ؟
أَيَا سَارَةُ، إِنِّي عَلَى الْعَهْدِ دَائِمٌ
كَأَنِّي نَذَرْتُ الْوَصْلَ يَوْمًا وَسَأَنْهَبُ
فَأَبْقَيْتُ سِرَّ الْعِشْقِ بَيْنَ جَوَانِحِي
كَنَارٍ تُضِيءُ الصَّدْرَ إِنْ لَاحَ مَغْرِبُ
وَسِرْتُ إِلَى نُورِ الْمُحَيَّا مُشَوَّقًا
وَفِي خُطُوَاتِي لَهَا مَسْرَحٌ لَا يُرَكَّبُ
أَيَا قَمَرِي الْمَغْسُولَ بِالْعِطْرِ وَالضِّيَاءِ
سَيَبْقَى غَرَامِي حِينَ تُفْنَى الْكَوَاكِبُ
وَفِي أَوَاخِرِ الْأَيَّامِ أَلْقَاكِ بِثَغْرٍ بَاسِمٍ
كَزَهْرٍ يَشُعُّ الطِّيبَ وَالْمِسْكُ يُحْلَبُ
957
قصيدة