عدد الابيات : 90
طباعةسَارَةُ، يَا نَغَمًا تَرَدَّدَ فِي الرُّبَا
فَسَرَى كَطِيبِ الْمِسْكِ بِالْمُتَهَلِّلِ
يَا زَهْرَةً نَبَتَتْ بِرِيَاضِ مَحَاسِنٍ
فَتَأَلَّقَتْ بَيْنَ الْخَمَائِلِ مُعَادِلِ
مَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ جَبِينِكِ تَقْتَبِسْ
نُورَ الضِّيَاءِ وَوَجْهَكِ الْمُتَجَلْجِلِ
وَالْبَدْرُ يَحْسُدُ فِي سَمَاءِ تَأَلُّقٍ
وَجْهًا كَبَدْرٍ فِي الْجَمَالِ مُجَلَّلِ
إِنْ قِيلَ: مَنْ مَلَكَ الْفُؤَادَ بِسِحْرِهِ؟
قُلْتُ: الَّتِي رُوحِي إِلَيْهَا مُرْسَلِ
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهَا
بَدْرٌ تَلَأْلَأَ فِي الظَّلَامِ الْمُظَلِّلِ
حَازَتْ مَحَاسِنَ لَمْ تَكُنْ قَبْلَهَا
حُسْنُ الْقِيَانِ وَرِقَّةُ الْمُتَبَتِّلِ
وَإِذَا تَجَلَّتْ، لَاحَ فِي إِشْرَاقِهَا
نُورُ الضُّحَى بِالْأُفْقِ غَيْرُ مُؤَلَّلِ
تَمْشِي الْهُوَيْنَا وَالْمَهَابَةُ حَوْلَهَا
حُسْنُ الْقَوَامِ يُشِعُّ مِثْلَ الْمُشْعِلِ
وَتَرَى الْمِلَاحَ إِذَا أَطَلَّتْ وَجْهَهَا
خَرُّوا سُجُودًا لِلضِّيَاءِ الْمُذْهِلِ
هِيَ دُرَّةٌ فَاقَتْ لَآلِيءَ بَحْرِهَا
مَنْ ذَا يُضَاهِي رَوْنَقَ الْمُتَجَمِّلِ؟
حَوْرَاءُ ذَاتُ دَلَالِ طَبْعٍ طَيِّبٍ
وَالرُّشْدُ فِيهَا سَابِقٌ لِلْمُقْبِلِ
لَوْ أَنَّ دُرًّا قِيلَ فِي أَوْصَافِهَا
مَا كَانَ يَرْقَى لِلْمُحَيَّا الْأَكْمَلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي فِي وَصْفِهَا سِحْرٌ
وَنَالَ وَصْلَ النَّجْمِ فَوْقَ الْجَبَلِ
إِنَّ الْمَكَارِمَ قَدْ تَجَسَّدَ حُسْنُهَا
فِي خُلْقِهَا، فِي قَوْلِهَا الْمُتَمَهِّلِ
تَجْرِي الْأَحَادِيثُ الْعِذَابُ بِصَوْتِهَا
وَكَأَنَّهَا شَدْوُ الْحَمَامِ الْمُهْدَهِلِ
وَإِذَا تَنَفَّسَتِ النَّسَائِمُ حَوْلَهَا
عَطِرَ الْأَصِيلُ بِشَذْي مِسْكٍ مُذْهِلِ
مَا زَالَ يُغْبَطُهَا الزَّمَانُ بِحُسْنِهَا
وَيُعِيدُ سِيرَتَهَا بِالذِّكْرِ الْأَطْوَلِ
وَتَرَى الْجَمَالَ إِذَا تَبَسَّمَ وَجْهُهَا
كَالْبَدْرِ يُشْرِقُ بِالدُّجَى الْمُتَأَمِّلِ
وَإِذَا مَشَتْ هَامَ الْفُؤَادُ بِخَطْوِهَا
وَتَحَدَّثَ الْأَلْحَاظُ حَدْثَ الْمُقْبِلِ
وَالْوَرْدُ لَوْ أَبْصَرْنَ وَجْنَةَ خَدِّهَا
حَسَدَ الشَّقَائِقَ بِالرُّبَى وَالْمُنْزَلِ
سَارَةُ، أُقْسِمُ بِالْمَكَارِمِ أَنَّهَا
تَاجُ الْفَخَارِ لِأَهْلِ الْمَجْدِ أَوَّلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، أَيُّ قَلْبٍ قَادِرٌ
أَنْ لَا يُحِبَّ النُّورَ فِي الْمُتَجَلْجِلِ؟
إِنْ قِيلَ: مَنْ أَبْهَى النِّسَاءِ بِنُورِهَا؟
جَاءَ الْجَوَابُ بِغَيْرِ قَوْلٍ مُمَاطِلِ
هِيَ زِينَةُ الدُّنْيَا وَمِسْكُ خِتَامِهَا
وَالْمُلْتَقَى فِي ظِلِّ حُسْنٍ مُذْهِلِ
سَارَةُ، يَا فَخْرَ الْجَمَالِ وَعِزَّهُ
قَدْ شَادَ حُسْنُكِ مَجْدَهُ بِالْأَجْمَلِ
مَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ ضِيَاءِ جَبِينِهَا
وَالْمُزْنُ مِنْ عَيْنَيْنِ كُحْلٍ مُظَلِّلِ
وَإِذَا بَدَتْ فَالْوَرْدُ يَحْنِي هَامَهُ
إِجْلَالَ دُرَّةِ حُسْنِهَا الْمُتَفَضِّلِ
وَالْغُصْنُ يَرْقُصُ فِي نَسِيمِ حَدِيثِهَا
طَرَبًا كَمُغْرَمٍ هَائِمٍ مُتَهَلِّلِ
لَوْ شَاءَ دَهْرُ الْحُسْنِ وَصْفَ جَلَالِهَا
عَجَزَتْ حُرُوفُ الشِّعْرِ بِأَيِّ مَعْدِلِ
سَارَةُ، يَا حُلْمَ الْقُلُوبِ وَمُهْجَتِي
بِكِ قَدْ كَسَا اللَّهُ الْجَمَالَ بِأَجْمَلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، أَيُّ عَقْلٍ سَالِمٍ
يَرْضَى بِأَنْ يَحْيَا بِغَيْرِ الْمُكْمِلِ؟
سَارَةُ، يَا تَاجَ الْمَكَارِمِ وَالْهُدَى
مَا كُنْتِ إِلَّا كَوْكَبًا فِي الْمَجْزِلِ
إِنْ أَقْبَلَتْ أَشْرَقْنَ أَنْوَارُ الدُّجَى
وَإِذَا تَنَاءَتْ غَابَ ضَوْءُ الْمُشْعِلِ
هِيَ زَهْرَةٌ فَاحَتْ بِطِيبِ حَدِيثِهَا
وَعَلَى مُحَيَّاهَا الْبَهَاءُ الْمُبَسْمِلِ
فِي لَحْظِهَا سِحْرٌ يُذِيبُ صَلَابَتِي
وَيَشُدُّنِي نَحْوَ الْهَوَى الْمُتَمَهِّلِ
إِنْ نَطَقَتْ خَرَّ الزَّمَانُ مُصْغِيًا
لِحَدِيثِهَا كَالدُّرِّ غَيْرِ الْمُبْدَلِ
وَإِذَا تَهَادَتْ فِي رِدَاءٍ نَاعِمٍ
ظَنَنْتَ أَنَّ الْبَدْرَ عَادَ لِيَنْزِلِ
وَالرَّوْضُ يَزْهُو فِي مَسِيرِ خَطْوِهَا
كَأَنَّهَا الْغَيْثُ الْهَتُونُ الْمُهْمِلِ
هِيَ جَنَّةُ الدُّنْيَا، وَمِسْكُ نَسِيمِهَا
عَبَقٌ يَطُوفُ بِطِيبِهِ الْمُتَجَلْجِلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أُبَشَّرُ وَصْلَهَا؟
أَمْ أَنَّ حُبِّي لِوَصْلِهَا بِالْخَيَالِ مُوَكَّلِ؟
سَارَةُ، يَا نَبْعَ الصَّفَاءِ وَمَوْرِدًا
لِلنُّورِ فِي دَرْبِ الْهَوَى الْمُتَهَلِّلِ
وَجْهُهَا شَمْسُ الضُّحَى لَمْ تُشْرِقِ
إِلَّا لِتَحْسُدَ حُسْنَهَا الْمُتَهَدِّلِ
وَالْبَدْرُ يَخْشَى أَنْ يُقَاسَ جَمَالُهُ
بِجَمَالِهَا فِي اللَّحْظِ غَيْرِ الْمُعْلَلِ
هِيَ لِلْقَصَائِدِ وَحْيُهَا وَعُيُونُهَا
نُورٌ يُضِيءُ ظَلَامَ شِعْرِيَ الْمُقَلِّلِ
إِنْ غَابَ طَيْفُكِ عَنْ عُيُونِي لَحْظَةً
سَاءَ الْوُجُودُ وَذَابَ قَلْبِيَ بِالْوَجَلِ
يَا زَهْرَةً نَبَتَتْ بِأَرْضِ نَقَائِهَا
وَسَقَتْهَا أَخْلَاقُ الطِّبَاعِ الْمُكْمِلِ
سَارَةُ، يَا نَبْضَ الْفُؤَادِ وَحُبَّهُ كُونِي
لِهَذَا الْعَاشِقِ الْحُلْمَ الْمُؤَجَّلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ سَأَلْمِسُ كَفَّهَا؟
أَمْ أَنَّ حُبِّي فِي سُهَادِ الْمِخْيَالِ؟
سَارَةُ، يَا بَوْحَ النَّسِيمِ إِذَا سَرَى
وَالزَّهْرُ لِرَوْضِ الْجَمَالِ الْمُخَمَّلِ
إِنْ غَابَ صَوْتُكِ عَنْ مَسَامِعِ عَاشِقٍ
أَمْسَى كَقَلْبِ الصَّبِّ فِي الْمُتَرَمِّلِ
عَيْنَاكِ، يَا شَمْسَ الضِّيَاءِ وَسِرَّهُ
وَبَرِيقُهُ الْمُسْرَى بِاللَّيْلِ مُظَلِّلِ
فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِمَا مُتَأَمِّلًا
رَأَيْتُ بَحْرًا لَيْسَ لَهُ مِنْ سَاحِلِ
وَالْحُسْنُ، يَا سَارَةُ، بِعَيْنِكِ
أَوْحَى لِلنَّاظِرِينَ بِسِحْرِهِ الْمُتَأَمِّلِ
يَا زَهْرَةً عَطِرَتْ رِيَاضَ فُؤَادِنَا
وَالْمِسْكُ مِنْهَا قَدْ غَدَا مُتَجَامِلِ
إِنْ كُنْتُ فِي حُبِّ الْجَمَالِ مُتَيَّمًا
فَسَرِيرَةُ الْأَخْلَاقِ حُبِّيَ الْأَكْمَلِ
سَارَةُ، يَا وَعْدَ الْأَمَانِي فِي الْمُنَى
هَلْ لِي بِلُقْيَا حُبِّكِ الْمُتَنَزَّلِ؟
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَرَاكِ مُقْبِلًا؟
أَمْ أَنَّ وَصْلَكِ لِلْمَدَى مُتَعَذِّلِ؟
سَارَةُ، يَا سِرَّ الْجَمَالِ وَكَوْكَبًا
قَدْ فَاقَ نُورُ الْبَدْرِ وَهْجَ الْمُشْعِلِ
تَمْضِي فَتَسْجُدُ لِلْحُسَامِ ظِلَالُهُ
وَيَهِيمُ صَبًّا فِي خُطَاهَا الْمُثْقَلِ
يَا زَهْرَةً نَبَتَتْ بِأَرْضِ عَفَافِهَا
فَازَ الَّذِي يَهْفُو إِلَيْهَا وَأَطَالِلِ
إِنْ لَاحَ وَجْهُكِ، فَالنُّجُومُ تَهَافَتَتْ
حَسَدًا لِتَسْرِقَ مِنْ جَمَالِ الْمُقْبِلِ
وَالْوَرْدُ لَوْ أَبْصَرْتِهِ فِي رَوْضَةٍ
لَعَجِزْتِ عَنْ وَصْفِ الشَّذَى الْمُذْهِلِ
وَالْغُصْنُ إِذْ يَهْتَزُّ عِنْدَ مُرُورِهَا
ظَنَنْتُهُ طِفْلًا يُنَادِي لِأُمِّهِ الْمُدْلِلِ
لَا غَرْوَ إِنْ هَامَ الْفُؤَادُ بِوَصْفِهَا
فَسِوَى الْمَدِيحِ بِذِكْرِهَا لَمْ يُؤْمَلِ
سَارَةُ، يَا نُورَ الْقُلُوبِ وَرَوْحَهَا
هَلْ مِنْ لِقَاءٍ فِي الرَّبِيعِ الْمُقْبِلِ؟
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تُجَازِي مُغْرَمًا؟
أَمْ أَنَّ دَرْبِي فِي الْهَوَى مُتَذَلْذِلِ؟
سَارَةُ، يَا نُورَ الْمَحَاسِنِ كُلِّهَا
يَا نَجْمَةً أَضْحَتْ سَنَاءَ الْمُشْعِلِ
مَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ جَبِينِكِ تَقْتَبِسْ
ضَوْءَ الْمَهَابَةِ مِنْ ضِيَاءِ الْأَنْجُلِ
وَإِذَا تَبَسَّمَ ثَغْرُكِ الْمُتَأَلِّقُ
فَالصُّبْحُ يَخْشَى مِنْ بُهَاءِ الْمُتَلَلِ
عَيْنَاكِ، يَا وَحْيَ الْجَمَالِ وَسِرَّهُ
فِيهِنَّ سِحْرُ الْعَاشِقِ الْمُتَوَكِّلِ
فَإِذَا رَمَتْ نَحْوِي بِلَحْظٍ مُغَرِّدٍ
فُتِنَ الْفُؤَادُ بِسَهْمِهَا الْمُتَعَلِّلِ
تَمْشِينَ كَالْأَغْصَانِ تَهْتَزُّ بِالصَّبَا
كَالْمَاءِ يَجْرِي بِالْجَمَالِ الْمُنْسَكِلِ
وَالرِّيحُ إِنْ مَرَّتْ بِوَرْدِ جَبِينِكِ
نَشِقَتْ عَبِيرَ الْمِسْكِ عِطْرًا مُرْسَلِ
سَارَةُ، يَا حُلْمَ الْقُلُوبِ وَنَبْضَهَا
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى اللِّقَاءِ الْأَجْمَلِ؟
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تُجِيبُ مُتَيَّمًا؟
أَمْ أَنَّ حُبِّي فِي الْغَرَامِ مُوَكَّلِ؟
عَيْنَاكِ، يَا سَارَةُ، سِحْرٌ مُبْهَمٌ
لَا يُدْرَكُ الْمَعْنَى لِوَصْلٍ مُتَحَلَّلِ
فِي لَحْظِهِمَا بَحْرٌ عَمِيقٌ مَوْجُهُ
قَدْ غَابَ عَنْهُ السَّاحِلُ الْمُتَكَبِّلِ
كَالْمِسْكِ، يَسْكُبُ عِطْرَهُ فِي مُهْجَتِي
فَأَذُوبُ فِي نُورٍ يَسِيرُ وَمُرْسِلِ
عَسَلِيَّتَانِ، وَفِي دُجَاهُمَا كَوَامِنٌ
مِنْ وَحْيِ لَيْلٍ بِالسِّنَا الْمُتَهَلِّلِ
وَإِذَا رَنَتْ نَحْوِي رُمُوشُكِ رِقَّةً
خَالَ الظَّلَامُ الشَّمْسَ فِيهَا مُنْزِلُ
وَالنُّورُ يَسْرِي مِنْ جُفُونِكِ لَائِمًا
عَيْنَ الصَّبَاحِ، لِمَ الضِّيَاءُ مُوَشْوَلِ؟
فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِمَا مُتَفَكِّرًا
رَأَيْتُ النُّورَ لَيْلًا بِالْبَهَاءِ الْمُتَكَلَّلِ
أَقْسَمْتُ، يَا سَارَةُ، بِفِتْنَةِ طَرْفِكِ
أَنَّ الْعُيُونَ سُيُوفُ حُبِّ الْمُقَتِّلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَعِيشُ مُتَيَّمًا؟
أَمْ أَنَّ وَصْلَكِ فِي الْخَيَالِ مُؤَجَّلِ؟
سَارَةُ، يَا نُورَ الْعُيُونِ وَحُبَّهَا
يَا بَسْمَةً تُحْيِي الْفُؤَادَ الْمُثْكَلِ
أَنْتِ الرَّبِيعُ إِذَا تَفَتَّحَ زَهْرُهُ
وَأَنَا الْغَرِيبُ بِحُبِّكِ الْمُتَأَمِّلِ
لَا زِلْتُ أُنْشِدُ فِي مَدِيحِكِ مُغْرَمًا
وَأَذُوبُ فِي وَجْدٍ عَذَابُهُ مُنْزِلِ
يَا لَيْتَ لِي فِي وَصْلِ حُسْنِكِ
فَرْحَةً أَوْ أَنَّ حُلْمِي لِهَوَاكِ مُكَمَّلِ
إِنْ كَانَ حُبُّكِ فِي الْخَيَالِ مُعَذِّبِي
فَمَتَى اللِّقَاءُ بِوَعْدِ حُبٍّ مُوَصَّلِ
1280
قصيدة