عدد الابيات : 47
أَبْلِغْ سُرَارَةَ أَنَّ الْقَلْبَ مُنْكَسِرُ
وَأَنَّ بُعْدَكِ نَارٌ لَيْسَ يَحْتَمِرُ
مَا زِلْتُ أَذْكُرُ أَيَّامًا جَمَعْنَا هُنَا
وَالشَّوْقُ يَغْلِبُ وَالْأَحْلَامُ تَنْتَثِرُ
يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ الْآمَالِ مَا طَلَعَتْ
شَمْسُ اللِّقَاءِ وَلَا بِالْحُبِّ مُنْتَظَرُ
إِنْ جَاءَ طَيْفُكِ فِي لَيْلِي أُكَرِّمُهُ
كَعَاشِقٍ ثَمْلٍ يَسْعَى نَحْوَ مَنْ ظَفِرُوا
كَيْفَ النِّسَاءُ لَنَا وَالشَّوْقُ يَقْتُلُنَا
وَالدَّمْعُ يَحْكِي سَرَائِرَ مَنْ وَطَّرُوا؟
لَيْلِي طَوِيلٌ وَأَحْزَانِي تُطَارِدُنِي
وَالسَّهْرُ يَرْتَجِفُ مِنْ حِدَّةِ السَّمَرِ
مَنْ لِلْفُؤَادِ إِذَا مَا هَاجَ لَهْفَتُهُ
إِلَّا ذِكْرَاكِ؟ هَذَا كُلُّ مَا ادَّخَرُوا
قَدْ ضَاعَ حُلْمِيَ فِي بَحْرِ الْهَوَى أَبَدًا
وَالْقَلْبُ يَشْتَعِلُ وَالنَّبْضَاتُ تَنْصَهِرُ
إِنْ كَانَ فِي الْحُبِّ آيَاتٌ تُخَفِّفُهُ
فَإِنَّ آيَتِي الشَّوْقُ الَّذِي كَسَرُوا
إِنْ غِبْتِ عَنِّي فَقَلْبِيَ لَا يُفَارِقُهُ
وَجْدٌ عَظِيمٌ وَلَمْ أَسْلَمْ وَلَا ظَفِرُوا
وَالشَّوْقُ يَحْرِقُ أَحْشَائِي وَيَخْذُلُنِي
حَتَّى غَدَوْتُ بِلَا نَبْضٍ وَلَا خَبَرِ
يَا غَائِبَةً عَنِّي وَالنَّفْسُ تَسْأَلُنِي
كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى عَيْنَيْكِ يَنْتَصِرُ؟
يَا رَبَّةَ الْحُسْنِ، فِي سُؤْدَدِكِ ارْتَحَلَتْ
آمَالُ قَلْبِي فَمَا يُجْدِيهِ مُنْتَظَرُ
وَطُفْتُ بَيْنَ شَتَاتِ الْحُبِّ مُغْتَرِبًا
كَالسَّاهِرِ الْحَالِمِ، الْمِسْكِينِ إِذْ عَثَرُوا
كَمْ قُلْتُ لِلشَّوْقِ هَذِي نَارُهَا سَعَرَتْ
وَالنَّارُ تَحْرِقُ مَنْ فِي الْعَذْبِ قَدْ نَظَرُوا
فَأَبْلِغْ حُبَابَةَ أَنَّ الْبُعْدَ يَحْتَرِقُ
مِنْ شِدَّةِ اللَّوْعَةِ الْبُعَدَاءِ إِذْ غَبَرُوا
وَأَبْلِغْ حَبِيبًا جَفَاهُ النَّوْمُ وَالسَّهَرُ
أَنَّ الْفُؤَادَ بِنَارِ الشَّوْقِ يَنْصَهِرُ
مَا لِلْعُيُونِ سِوَى الْأَطْلَالِ تَنْتَظِرُ
إِنْ طَالَ بُعْدُكُمُ فَالنَّفْسُ تَعْتَذِرُ
لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ أَقْدَارًا لَمَا افْتَرَقَتْ
خُطَايَ عَنْ خُطَاكُمْ، وَالْمُنَى ظَفَرُ
إِنْ سِرْتُمُ سَارَ قَلْبِي خَلْفَ خَطْوَتِكُمْ
وَإِنْ نَأَيْتُم، فَشَوْقُ الرُّوحِ يَسْتَعِرُ
يَا لَيْتَنِي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ أَنَامُ غَدًا
وَأَصْحُو وَالْحُبُّ فِي عَيْنَيْكُمُ نَظَرُ
إِنْ كَانَ لِلْقَلْبِ مِنْكُمْ فِي الْفِرَاقِ عَزَاءٌ
فَهُوَ الْوِصَالُ الَّذِي بِالْبُعْدِ يَنْحَسِرُ
قَدْ طَالَ لَيْلِي بِآلَامِ الشَّوْقِ وَالْوَلَهِ
وَكُلُّ نَجْمَةٍ أَرَاهَا دَمْعُهَا يَتَمَطَّرُ
مَا بَيْنَ صَحْوٍ وَتَسْهِيدٍ أُنَاجِيكُمْ
إِذْ لَيْسَ لِلنَّوْمِ فِي عَيْنَيَّ مُسْتَقَرُ
كَيْفَ النَّوَى فَرَّقَ الْأَرْوَاحَ بَعْدَ هَنَا
وَكَيْفَ صَارَ لَنَا فِي الْعَيْشِ يَنْقَهِرُ
مَا زِلْتُ أَذْكُرُ أَيَّامًا جَمَعَتْنَا هُنَا
كَالسَّيْفِ مَرَّتْ، وَلَمْ نَعْلَمْ لَهَا أَثَرُ
وَالرُّوحُ تَأْلَمُ وَالشَّوْقُ يَكْوِي ضُلُوعِي
وَالنَّفْسُ بِالْهَمِّ وَالْأَحْزَانِ تَنْفَطِرُ
إِنْ طَالَ بُعْدُكُمُ عَنِّي فَمَا بَرِحَتْ
عَيْنِي تُعَانِقُ فِي الْأَحْلَامِ مَنْ نَظَرُوا
فَلْتُبْلِغِ الرِّيحُ عَنِّي كُلَّ عَاشِقَةٍ
أَنَّ الْفِرَاقَ كَفِيلٌ بِالْقَلْبِ يَنْكَسِرُ
عِشْنَا الْأَمَانِيَ وَأَحْلَامًا جَمَعْنَاهَا
وَالْآنَ تَسْكُبُنَا الْآهَاتُ وَالْأَثَرُ
مَا لِلرُّؤَى بَعْدَ أَحْبَابِي سِوَى أَلَمٍ
وَالنَّفْسُ فِي سَبَبِ الْفُرْقَى تَسْتَعِرُ
يَا لَيْلُ هَلْ تُخْبِرُ الْأَشْوَاقَ عَنْ خَبَرِ
أَمْ هَلْ سَيَأْتِي مَعَ الْأَحْبَابِ مَا خَبَرُوا
سَالَتْ عُيُونُ الدُّجَى مِنْ نَارِ لَوْعَتِنَا
وَأَدْمَعَ الْبُعْدُ فِينَا الْجَفْنَ وَالسَّهَرُ
سَرَيْتُ وَحْدِي وَقَلْبِي فِي غِيَابِهِمُ
كَالسَّهْمِ فِي كَبِدٍ يَمْضِي وَلَا يُذَرُ
وَالرُّوحُ تَشْكُو أَسًى وَالْبُعْدُ يَقْتُلُهَا
مَا لِلْغَرِيبِ سِوَى ذِكْرَاهُمُ وَطَرُ
أَنَّى ذَهَبْتُ تَرَى الْأَحْلَامَ تَسْبِقُنِي
تَرْوِي الْحَنِينَ وَمَا لِلْقَلْبِ مِنْ أَثَرُ
قَدْ ضَاعَ فِي الْأُفُقِ مِنْ عَيْنِي لِقَاؤُهُمْ
فَهَلْ يَعُودُ لَنَا طَيْفٌ كُلُّهُ سَحَرُ
يَا لَيْتَ أَنِّي أَرَى مِنْهُمْ طَلَائِعَهُمْ
تَسْرِي فَتَهْدِي لِلْعُشَّاقِ مَا يَنْكَسِرُ
كَمْ بَاتَ فِي الْقَلْبِ جُرْحٌ مِنْ فِرَاقِهِمُ
لَمْ يُجْدِهِ عَسَلٌ، بَلْ زَادَهُ الْكَدَرُ
لَوْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا صَوْتَ الْحَنِينِ بِنَا
لَسَارُوا نَحْوَنَا شَوْقًا لِمَا حَضَرُوا
مَا نَالَنَا غَيْرَ لَيْلٍ لَيْسَ يَرْحَمُنَا
يَطْوِي عَلَيْنَا دُمُوعَ الصَّبْرِ إِنْ غَدَرُوا
سَأَلْتُ عَنْهُمْ نُجُومَ اللَّيْلِ مَا نَطَقُوا
إِذْ صَارَ بِالْكَوْنِ هَذَا الشَّوْقُ يَسْتَعِرُ
يَا رِيحُ هَلْ تَذْهَبِينَ الْيَوْمَ عِنْدَهُمُ
وَتُسْمِعِينَ لَهُمْ صَوْتًا بِهِ عِطْرُ شَجَرُ
مَا عَادَ فِي الْعُمْرِ مَا يَكْفِي لِنَنْسَى مَا
جَرَّ الْوَدَاعُ، فَلَا وِصَالٌ وَلَا خَبَرُ
غَابَتْ شُمُوسُهُمْ فِي اللَّيْلِ وَانْطَفَأَتْ
تِلْكَ الضِّيَاءُ الَّتِي بِالْقَلْبِ قَدْ عَبَرُوا
أَحِبَّتِي، هَلْ لَنَا بَعْدُ حَقُّ اللِّقَاءِ
وَهَلْ نُطْفِئُ بِحُبِّكُمُ نَارًا بِهَا السَّقَرُ
يَا لَيْلُ كَمْ مِنْ لَيَالِينَا مَضَتْ وَنَحْنُ
عَلَى فِرَاقِكُمُ لَا طِيبَ عَيْشٍ يَسْتَقِرُ
1280
قصيدة