عدد الابيات : 26
أَلَا يَا سَحَائِبُ هَاطِلِي وَتَأَلَّمِي
عَلَى وَجْهِ سَارَةَ فَارْحَمِي مُتَرَنِّمِ
فَإِنِّي رَأَيْتُ الْبَدْرَ يَرْنُو بِحُسْنِهِ
وَقَدْ زَادَهُ سِحْرًا جَبِينٌ مُبَرْقَمِ
أَغَرُّ عَلَيْهِ أَنْوَارُ زَهْرٍ وَرَوْنَقٌ
كَمِثْلِ صَبَاحٍ فِي تَرَائِبِ أَنْجُمِ
وَطَرْفٌ كَسَيْفِ الْهِنْدِ يَجْلُو حُسَامُهُ
وَيَسْبِي قُلُوبَ الْعَاشِقِينَ بِأَعْظَمِ
فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَدَوْتُ مُتَيَّمًا
تَوَارَى كَأَنَّ الْبَدْرَ خَافَ فِي الظُّلَمِ
وَزَادَ حَيَاءً فِي الْخُدُودِ كَأَنَّهُ
نَدَى الْوَرْدِ مَمْسُوحٌ بِمِسْكٍ وَعَنْبَمِ
وَمَا أَدْرَكَتْ عَيْنِي جَمَالَكِ مُذْ غَدَا
يَنُوحُ فُؤَادِي فِي هَوَاهَا مُتَنَدِّمِ
أَطَلْتُ عَلَيْكِ النَّظَرَ حَتَّى كَأَنَّمَا
رُوِيتُ وَلَكِنْ بِالْجَمَالِ الْمُبَهْرَمِ
فَكُونِي لِقَلْبِي كَالظِّلَالِ بِرَوْضَةٍ
تَحَنَّتْ لِوَجْهِ الشَّمْسِ وَجْدًا بِمَغْنَمِ
فَإِنَّكِ سِحْرُ الدَّهْرِ بَلْ أَنْتِ حِكْمَةٌ
وَإِنَّكِ الْحُلْمُ فِي حَيَاةِ الْمُتَيَّمِ
أَتَانِي هَوَاكِ كَالنَّسَائِمِ رِقَّةً
وَكُنْتُ طِلَابَ الْحُبِّ فِيكِ لِأَحْلَمِ
وَإِنْ غِبْتِ عَنِّي كُنْتِ شَمْسِي وَنُورَهَا
وَإِنْ جِئْتِ كُنْتِ الْعُمْرَ دَوْمًا بِأَنْعُمِ
وَمَهْمَا جَرَى فِي الدَّهْرِ دَهْرٌ وَنَائِبٌ
فَحُبُّكِ فِي قَلْبِي يَزِيدُ لِمَرَاسِمِ
فَإِنِّي وَإِنْ طَالَتْ سِنِينَ مُعَانَتِي
سَأَبْقَى عَلَى وَعْدِي بِوُدٍّ مُتَيَّمِ
فَإِنْ سَاءَلُوا عَنِّي فَقُولِي مُتَيَّمٌ
بِحُسْنٍ مَسْحُورٍ كَسَكْرَانَ فِي نُدُمِ
وَإِنْ غَابَ صَوْتِي فَاذْكُرِينِي تَحَنُّنًا
فَقَلْبِي عَلَى وَصْلِ الْمُحِبِّ مُحَرَّمِ
وَإِنْ ذَاعَ سِرِّي فِي الْمَلَاءِ فَإِنَّنِي
أُحِبُّكِ حُبًّا لَا يُقَاسُ بِحَجْمِ الْأَنْجُمِ
فَهَلْ لِيَ مِنْ عَطْفٍ عَلَيْكِ يَرُدُّنِي
إِلَى عَصْرِ وَصْلٍ كَانَ بِالْأَمْسِ مَغْنِمِ؟
وَكَيْفَ أُرَجِّي فِي الْحَيَاةِ سِوَاكِهَا
وَقَلْبِي بِذِكْرَاهَا الْجَمِيلِ مُتَيَّمِ؟
تَنَاءَيْتِ عَنِّي وَالدُّمُوعُ شَهِيدَةٌ
بِأَنِّي عَلَى عَهْدِ الْغَرَامِ مُلَازِمِ
أَخَافُ إِذَا مَا نَامَ عَنْكِ سِنِينُكِ
أَنَسْتِي لَهِيبًا فِي الضُّلُوعِ مُضَرَّمِ
فَإِنِّي بِعُهُودِ الْوَاصِلِينَ مُقَيَّدٌ
وَأَنْتِ الْهَوَى فِي كُلِّ دَرْبٍ مُوَسَّمِ
أَتَذْكُرُ أَيَّامَ الْهَوَى كَيْفَ كُنْتِهَا؟
وَكَيْفَ الْمُحِبُّ صَادِقُ الْوَجْدِ مُكْتَمِ؟
فَإِنْ كَانَ لِلْأَيَّامِ فُصُولٌ وَقِصَّةٌ
فَحُبُّكِ بَابٌ أَمْجَادٌ لَا يُرَامُ بِمُخْتَمِ
فَهَلْ يَأْذَنُ الْوَقْتُ الْعَصِيُّ بِلَحْظَةٍ
تُعِيدُ لَنَا مَا قَدْ مَضَى مِنْ مُبَسِّمِ؟
أَمِ الدَّهْرُ لَا يَرْجِعْ وِصَالًا وَسَعْدَهُ؟
وَيَبْقَى الْفُؤَادُ الْحَائِرُ الْحُبَّ مُنْظِمِ
1280
قصيدة