عدد الابيات : 16
أَبَانَ فُؤَادِي كَمَا تَأْبَنُ الْقُرَى
وَأَضْحَى كَمَنْ بَيْنَ الضُّلُوعِ لَهُ حَرَا
فَيَا دَهْرُ مَا أَنْفَكَّ تَسْطُو بِسَيْفِهِا
وَتَقْطَعُ مِنْ رُوحِ الْحَشَا كُلَّ مَا ذَرَا
بَكَيْتُ عَلَى مَنْ لَيْسَ تُجْدِي دُمُوعُهَا
وَلَا يَسْتَعِيضُ الْقَلْبُ مَنْ غَابَ أَوْ بَرَا
فَأَيْنَ عُيُونٌ كَانَ فِيهَا مُهْجَتِي؟
وَأَيْنَ شِفَاهٌ مِنْ رَحِيقِهَا السُّكَرَا؟
هَجَرْتُ الْكَرَى مِنْ بَعْدِهَا وَكَأَنَّنِي
حُمَامَةُ وَجْدٍ صِيدُهَا الدَّهْرُ وَاجْتَرَا
أَتَذْكُرُ يَوْمًا كَانَ فِيكِ مُقَامُنَا؟
فَقَدْ كَانَ نُورُ الشَّمْسِ مِنْ وَجْهِكِ انْتَشَرَا
وَيَا لَيْتَنِي مَا زِلْتُ أَنْعَمُ قُرْبَهَا
وَلَا عَرَفَ الْأَيَّامَ بَيْنَنَا الْفِرَاقَ قَدَرَا
وَمَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ دَهْرِيَ خَاذِلِي
وَأَنَّكِ يَوْمًا تَتْرُكِينَ الَّذِي صَبَرَا
فَيَا لَيْتَ لَيْلَ الْوَصْلِ يَرْجِعُ سَاعَةً
وَيُحْيِي لَنَا مَا قَدْ تَصَرَّمَ وَانْدَثَرَا
فَكَيْفَ لِقَلْبِي أَنْ يُفَارِقَ مُهْجَتِي؟
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْجِسْمُ أَنْ يُطْفِئَ السُّعَرَا؟
إِذَا مَا بَكَى الْوَجْدُ الْقَدِيمُ بِدَمْعِهِ
تَرَاءَتْ لَهُ أَشْبَاحُهَا بِصَدْرِ الْمِنْبَرَا
أَحِنُّ إِلَى أَيَّامِنَا وَإِلَى ضُحَاهَا
وَإِلَى رُبَى كَانَتْ بِهَا زَفْرَةُ الذُّرَى
فَإِنْ سَاءَلُوا عَنِّي فَقُلْ لَهُمُ إِنَّهُ
قَتِيلُ هَوًى مَا عَادَ يُحْسِنُ أَنْ يَرَى
وَلَا تَعْجَبُوا إِنْ شِبْتُ مِنْ فَرْطِ حُرْقَتِي
فَمَنْ يَفْقِدِ الْأَحْبَابَ يَشِيبُ وَإِنْ غَرَا
فَسِيرُوا بِذِكْرَاهَا لِقَلْبٍ مُعَذَّبٍ
يَرَى فِي اللَّيَالِي حُبَّهُ الدَّائِمَ السُّرَى
سَأَحْمِلُ فِي جَنْبِي غُصَّةَ وَجْدِنَا
وَأَحْفَظُ عَهْدًا لَا يُغَيِّرُهُ الْكِبَرَا
1280
قصيدة